عقدت دولة الإمارات وجمهورية ألمانيا الاتحادية اجتماعاً رفيع المستوى، استضافته العاصمة أبوظبي، في إطار استكمال "إعلان النوايا" للتعاون المشترك في مجالات الطاقة بين البلدين الصديقين، الذي وقعه الجانبان في بداية عام 2017، وذلك لمواصلة الجهود لضمان استدامة سلسلة توريد الطاقة، وتعزيز الشراكة في مجال الهيدروجين، وإحداث تغير حقيقي يلبي تطلعات الدولتين إلى مستقبل خالٍ من انبعاثات الكربون.

وناقش الطرفان أهمية تعزيز سبل التعاون في مجال الطاقة، وخاصة النظيفة منها، بما يخدم المصالح الوطنية للبلدين وتناول اللقاء رفيع المستوى الذي ترأسه من الجانب الإماراتي معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية، ومن الجانب الألماني معالي روبرت هابيك، وزير الاقتصاد والتغير المناخي، وحضره معالي المهندس عويضة مرشد المرر رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي وسعادة المهندس شريف العلماء وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة والبترول، وعدد من كبار المسؤولين من الدولتين، وتناول قضية أمن الطاقة التي أصبحت من القضايا الأكثر أهمية، حيث تبادل الجانبان وجهات النظر لترسيخ دعائم استقرار سوق الطاقة العالمي، من خلال التأكيد على ضرورة تسريع وتيرة التحول الطاقي، وسبل التمهيد للتحول المستقبلي للهيدروجين، لا سيما "الأخضر" وجعله غاية مُلحة على المدى المتوسط، وكذلك مواءمة اللوائح والشهادات في القطاع بين البلدين.

ضرورة حيوية

وأكد معالي سهيل المزروعي دور هذه اللقاءات الثنائية في توحيد الرؤى والأهداف وتعزيز التعاون الاستراتيجي المشترك خلال السنوات المقبلة، لافتاً إلى أهمية وعمق العلاقة التي تربط الإمارات وألمانيا خلال العقود الماضية في شتى المجالات، ولا سيما التي تعنى بجوانب الطاقة بمختلف أنواعها، مشيراً إلى أن تحول الطاقة، وخاصة الهيدروجين أصبح ضرورة حيوية في وقتنا الحالي، وأن الطاقة تعتبر المحرك الرئيس والعنصر المحوري للتنمية المستدامة وازدهار الدول والمجتمعات وحماية البيئة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، فضلاً عن دوره في تأمين سلاسل الإمداد، والتصدي لظاهرة التغير المناخي.

وقال معاليه: "أطلقنا عام 2017، شراكة الطاقة الإماراتية الألمانية لتعزيز الحوار وتوفير إطار للتعاون في انتقال الطاقة، وفي الأسبوع الماضي انطلقت أولى اجتماعات فريق العمل الإماراتي الألماني المعني بالتعاون في مجال الهيدروجين والوقود الصناعي، ويسرني أن أرى شبكة التعاون المتنامية بين الحكومة ومختلف الأطراف الفاعلة ومعاهد البحوث من كلا البلدين تتنامى وتكبر، لتحقيق فوائد ملموسة في قطاع الطاقة النظيفة، وإن الهدف من اجتماعنا اليوم خلق فرص فريدة لتسريع تعاوننا المشترك، ومناقشة الفرص والتحديات التي تواجه تطوير مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين بين الإمارات وألمانيا".

وأضاف: "بينما يسعى العالم إلى تحقيق إمدادات واستخدام مصادر طاقة منخفض الكربون وبأسعار معقولة وآمنة ومستدامة، ستكون الطاقة المتجددة والهيدروجين هي العنصر الحاسم للحد من الانبعاثات الكربونية من أنظمة الطاقة، وخاصة الصناعات التي يصعب التقليل منها، مثل الصلب والأسمنت والطيران والشحن، وإننا في دولة الإمارات نرى فرصاً هائلة لتوليد الطاقة النظيفة التي يريدها العالم ويحتاجها، ونهجنا يتواءم مع قضية التغير المناخي، كما يمثل تحولا مثيراً وواعداً للقطاع بأكمله، حيث يمكنه المساعدة في تلبية متطلبات الطاقة في المستقبل والحد من مخاطر تغير المناخ".

سياسة شفافة

ولفت معاليه إلى أن جهود الإمارات المستقبلية ستركز على تعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة من خلال مصادر الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة النووية بالإضافة الى الهيدروجين، وهو ما يحتاج إلى سياسة شفافة وتعزيز البحث والتطوير، وزيادة الاستثمار، وتطوير البنية التحتية، ونشر التكنولوجيا للحد من المخاطر والتغلب على الحواجز وتحقيق الفوائد، وأنه بهدف تحقيق طموحاتنا لقطاع الطاقة نقوم حاليا بتحديث الاستراتيجية الوطنية للطاقة 2050، حيث نتطلع إلى رفع الطموحات ودفع عجلة التنمية المستدامة والوفاء بالتزاماتنا نحو صفر صافي انبعاثات كربونية.

ريادة عالمية

بدوره قال المهندس شريف العلماء: "إن دولة الإمارات في طريقها إلى تحقيق طموحها في أن تكون رائدة عالميا في مجال الهيدروجين منخفض الكربون، وإن خريطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين، التي أطلقتها الإمارات خلال 26 COP في جلاسكو، ستحدد هدفاً وطنياً واضحاً لنمو سوق الهيدروجين والنظام البيئي في الدولة، حيث نعمل حالياً على تنفيذ مشروعات طموحة تستهدف من خلالها الاستحواذ على 25% من الحصة في أسواق التصدير الرئيسة، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والهند، إلى جانب استهدافها أسواقاً أخرى في أوروبا وشرق آسيا .

وأضاف العلماء: "لا تزال هناك تحديات للتوسع في استخدام الهيدروجين كمصدر رئيس للطاقة، ويجب علينا جميعا بذل جهود متزايدة للحد من التكاليف والتحديات المرتبطة بالإنتاج والنقل والتخزين، بالإضافة إلى مواءمة اللوائح والمعايير، وإن هذه التحديات تتجاوز الحدود الوطنية، بالرغم من ذلك يظهر اقتصاد عالمي جديد للطاقة، ولكن لا يزال أمام التحول طريق طويل لنقطعه، ما يتطلب منا أن نحول كلامنا إلى أفعال، وأن تعمل الشركات الإماراتية والألمانية معا بشكل وثيق في العديد من مشاريع الطاقة المستقبلية".

وقود الطيران المستدام

من جانبه، قدم سعادة محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، خلال الاجتماع عرضاً موجزاً عن مشروع Green falcon الصقر الأخضر، وهو عبارة عن مشروع وقود الطيران المستدام الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، والذي يتخذ من أبوظبي مقراً له، وقد أعرب الجانبان عن دعمهما للمشروع، وشجعا الشركاء على العمل عن كثب مع الجهات الحكومية ذات الصلة في البلدين لتسريع عملية التطوير، وذلك ضمن المساعي الحثيثة إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجال الهيدروجين الأخضر.

وعلى هامش الاجتماع، وقعت دولة الإمارات ممثلة بوزارة الطاقة والبنية التحتية مذكرة تفاهم مع معهد فراونهوفر، ووفقاً للمذكرة التي وقعها كلٌ من سعادة المهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة والبترول، من الجانب الإماراتي، وسعادة إلين فون زيتزويتز مديرة التعاون الثنائي بمجال الطاقة في الوزارة الاتحادية الألمانية للاقتصاد وحماية المناخ، وبحضور عدد من كبار المسؤولين من الجانبين، يتعاون الطرفان في تبادل المعلومات والمعرفة والخبرات والتعاون الأكاديمي ذي العلاقة في مجالات البحث والتطوير المستقبلية في مجالات أنظمة الطاقة المتكاملة، والطاقات المستدامة، إلى جانب تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر والأزرق والبنية التحتية المطلوبة، والحد من الكربون في قطاع النقل، إضافة إلى التعاون المشترك في خدمات البحث والتطوير لدعم إنشاء المركز الافتراضي للبحث والتطوير والابتكار في وزارة الطاقة والبنية التحتية.