قبل نحو 15 عاماً، كانت الطاقة النووية مجرد فكرة وطموح في دولة الإمارات، واليوم وبعد هذه الفترة التي تعد قصيرة جداً في هذا القطاع، حجزت الدولة مكانة ريادية لها على خريطة قطاع الطاقة النووية العالمية، من خلال تطوير برنامج سلمي للطاقة النووية يلبي المتطلبات التنظيمية المحلية وأعلى المعايير العالمية.
 
بينما أصبحت محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي نموذجاً يحتذى به عالمياً في الإنجاز وفق أعلى المعايير والجدول الزمني والميزانية.
 
في العام 2007 بدأت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، بدراسة إطلاق برنامج سلمي للطاقة النووية، وفي أبريل 2008 صدرت وثيقة «سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة المتبعة لتقييم وإمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية في الدولة»، والتي ارتكزت على أعلى معايير السلامة والجودة والشفافية والأمان وعدم الانتشار.
 
وكانت الرؤية الاستشرافية للمستقبل لدى القيادة الرشيدة، تقوم على إطلاق مسيرة التحول لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة بهدف تأمين الطاقة واستدامتها ومواجهة التغير المناخي في نفس الوقت، الأمر الذي أكدت على صوابه الأحداث والمستجدات والتحديات التي تواجهها حالياً العديد من البلدان حول العالم.
 
وبعد إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في عام 2009، تم تكليفها من قبل حكومة الدولة بتنفيذ البرنامج النووي السلمي الإماراتي، وتطوير محطات براكة للطاقة النووية، والتي تتكون من أربع محطات تضم كل منها واحداً من تصاميم المفاعلات الكورية الجنوبية المتقدمة من طراز APR1400.
 
قبل 14 عاماً تولى محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، الإشراف على تطوير البرنامج ومحطات براكة، وهي المهمة التي تتصف بطموح لا يحد وتحديات كبرى أيضاً تتمثل في إنشاء قطاع علمي وتكنولوجي متقدم من البداية، إلى جانب تطوير الكفاءات الإماراتية المتخصصة بهذا القطاع الجديد كلياً والقادرة على إدارة هذا المشروع الاستراتيجي وقيادة قطاع الطاقة مستقبلاً.
 
بدأت الأعمال الإنشائية في محطات براكة في يوليو 2012 بعد الحصول على الرخصة الإنشائية من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، ويتضمن المشروع أربع محطات متطابقة. وفي وقت قياسي دخلت المحطتان الأولى والثانية حيز التشغيل التجاري في مارس 2021 و2022 على التوالي، في حين سيتم تشغيل المحطات الباقية في الأشهر القادمة.
 
وتحققت هذه الإنجازات التاريخية بفضل توجيهات القيادة الرشيدة ومثابرة الكفاءات الإماراتية التي تقود هذا المشروع الحيوي العملاق، وتحديداً ابتكار نماذج إدارية متقدمة قادت إلى هيكلية إدارية ومالية غير مسبوقة في قطاع الطاقة النووية، تمثلت بتوقيع الحمادي ممثلاً لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) اتفاقية الائتلاف المشترك.
 
وتواصلت المسيرة لترجمة القرار الاستباقي الذي اتخذته دولة الإمارات لتطوير محفظة موثوقة ومستدامة من مصادر الطاقة، بما يتماشى مع كافة الخطط الرئيسية الرامية لتسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في الدولة ومواجهة التغير المناخي، تمهيداً للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
 
ولا يقف طموح البرنامج النووي السلمي الإماراتي عند إنجاز محطات براكة التي لا تمثل سوى نحو 20 % فقط من البرنامج، ويتم توجيه التركيز حالياً في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على المستقبل، ولا سيما أن محطات براكة تُعد منصة لتحفيز الابتكار في مسيرة التحول لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة بما يشمل نماذج المفاعلات المعيارية المصغرة، ومفاعلات الجيل التالي، وتقنية الاندماج النووي، وتمهيد الطريق لتطوير مصادر جديدة للطاقة مثل الهيدروجين والوقود الاصطناعي.