منذ أن شمخ عالياً صباح الثاني من ديسمبر عام 1971 بدأت القصة تسرد تفاصيلها، فعلاقة شعب الإمارات مع علمنا الشامخ لها جذور متأصلة، حملوها في القلوب قبل الشعارات، كتميمة ولاء يتجلى بين ألوانها ذكرى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القادة المؤسسين، طيب الله ثراهم، كنقوش انتماء على «سرود» إماراتي عريق، وأهزوجة قديمة كرائحة البحر على نسج «تلي» عتيق، وألوان بهية تنسج بين أياد شهدت على ماضٍ وحاضر كأغنية شعبية ينسجها «الخوص» بين تلافيف التقائها وعناقها المتجذر، الذي يشبه هذه الأرض الطيبة «الإمارات».
فلكل وطن قصة، لكن ثمة قصصاً تجاوزت السطور والمأمول وهي تحكي الوطن، وخلقت أحداثاً مغايرة، لينعكس ما جرى عليه الإِلفُ والعادة، امتلكت مَفاتِح العطاء، ومُحرِكُ أحداثها مبني على قيم معنوية ومبادئ سامية لا تعرف الأفُول، وربانها شخص عظيم صنع الفارق، آمن بالهوية الأصيلة منذ البدء، ولم يتركها على رفوف الامتنان، بل غرسها في القادم وما هو آت، وعلم الإمارات الخفاق شاهد وحاضر على فصول الحكاية.
وتأتي هذه المناسبة الوطنية التي يحتفل بها أبناء الوطن منذ عام 2013 في 3 من نوفمبر، لتعزز من قيم الولاء والانتماء لأرض الفرص، وهي مناسبة أثيرة يشارك فيها المواطن والمقيم، وفرصة للتعبير عن ولائهم وانتمائهم وتقديرهم للنهضة التي تشهدها الدولة، والتي ينعم في ظلها الملايين من البشر، لاسيما أنه يصادف التاريخ الذي تولى فيه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، مقاليد الحكم في دولة الإمارات.
وليس بغريب أن يكون للعَلَم هذه المكانة، فهو رمز الدولة والوحدة والروح الواحدة والمصير الواحد الذي حلم بها الآباء والأجداد، هو قصة تتجلى أحداثها مع رفرفات العلم على نواصي وتيرة العمل الجاد والإنجازات العظيمة التي تتسارع اليوم في مضامر الفخر والتحدي، لتكون شاهدة على جهود عظيمة، فمن مثل زايد، والخبراء بيأس يزفون له خبر أن صحراءنا لن تنبت يوماً، ليحفر الأرض بيده، ويتوسد الثرى، وكأنه يهمس للأرض «فكلي واشربي وقري عينا»؟
، من كان كزايد وهو يعمر الأرض والفكر والأمل، ومن كمثل علم الإمارات الشاهد اليوم على كل تلك التحولات التي مرت بها الدولة، والتي أضافت بنشأتها الكثير للعالم العربي ومدت يدها للضعيف والمحتاج، وما تضيفه اليوم من نقلات نوعية سياسية على المستوى الإقليمي والعالمي.
لتؤكد على القواعد والأسس الراسخة التي قام عليها الاتحاد، وتؤكد على نهج قيم الخير والتعايش والتسامح التي آمن بها الآباء المؤسسون، وباتت نهجاً لدولة الإمارات، التي استطاعت ومنذ قيامها أن تكون منارة للتسامح والتعايش لجميع الأجناس والطوائف والأعراق والأديان، لنشدوا بعزة: «بيضٌ صنائعنا سودٌ وقائعنا خضرٌ مرابعنا حمرٌ مواضينا».
وفي الساعة 11 صباحاً يوم الثالث من نوفمبر، سيقف الجميع صفاً واحداً لرفع العَلَم، بينما يعزف السلام الوطني لدولة الإمارات تعبيراً عن الولاء والمصير المشترك والوحدة التي تضم الجميع تحت راية الاتحاد الخفاقة، لتجسد هذه المناسبة مشاعر الوحدة والتعايش والسلام بين أبناء الوطن والمقيمين المحبين لهذه الأرض المعطاءة، فهي ترسّخ صورة الإمارات كمنارة للتعايش والتسامح في المنطقة، كما تقدم نموذجاً للتلاحم بين أبناء الوطن، من كافة أطيافهم ومشاربهم، ورغبتهم في الحفاظ على روح الاتحاد والتمسك بقيمه التي أورثنا إياها الآباء المؤسسون، وهي مناسبة لتعميق قيم المواطنة وإثراء الروح الوطنية بين الأجيال الجديدة.
لذلك تحرص الدولة في كل عام على إشراك الجميع في إعلاء معاني الاتحاد وقيمه عن طريق المشاركة في هذه المناسبة، لاسيما أن تعميق الهوية الوطنية في نفوس الأجيال الجديدة، نهج قويم ترنو دولة الإمارات من خلال مؤسساتها المختلفة في إرسائه وتبجيله، لما يشكله من صورة أصيلة للوطن.
وجذور ضاربة في التاريخ والتراث الإنساني لدولة الإمارات، لذا تأتي هذه المناسبة لتثير في النفوس مشاعر الفخر والاعتزاز والرغبة الأكيدة في حماية المنجز الاتحادي والتضحية في سبيله، وتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن، وهي إنها مشاعر راسخة في القلب والعقل الإماراتي. وعلى طريقة الإمارات الاستثنائية، ستجدد فيافي الإمارات العهد في وقت واحد من حدود الغويفات وحتى جبال الفجيرة، وسيرفرف علم الاتحاد عالياً ليؤكد أن هذا الوطن، متحد وسيمضي نحو مجده، وسينبت من المستقبل كحلم زايد الأثير.