لم يكن وصول قطاع الفضاء الإماراتي في وقت قياسي إلى مرحلة كبيرة من التقدم وليد اللحظة، بل هو نتيجة عمل وتخطيط مستدام لتحقيق حلم بدأ بالانضمام إلى اتفاقيات دولية أٌطلقَ بعضها قبل تأسيس الدولة لتنظم العمل داخل هذا القطاع وهو ما يؤكد على بُعد نظر قيادة الإمارات الرشيدة وقدرتها الكبيرة على استشراف المستقبل.

ويحتاج قطاع الفضاء حتى يحقق النجاح المأمول، إلى وضع إطار عمل قوي ومرن في إطار القانون الدولي، الأمر الذي يساعد في وضع مبادئ تنظيمية متناغمة لقطاع الفضاء بين الدول التي تمتلك برامج فضاء.

وتمثل وكالة الإمارات للفضاء اهتمامات دولة الإمارات والتعبير عنها أمام المجتمع الدولي، حيث تحرص على المشاركة بفاعلية والمساهمة في المنظمات والمحافل الدولية المعنية بالفضاء الخارجي.

وتستهدف الدولة من وراء الاتفاقيات الدولية المختلفة التي تنظم هذا القطاع، المساهمة في وضع سياسات نموذجية على مستوى الدول، والتعاون في استخدام الفضاء الخارجي، الأمر الذي يحقق صالح الشعوب.

وتسعى الدولة كذلك من وراء التوقيع على الاتفاقيات الدولية إلى المشاركة في تطوير البرامج والمبادرات العامة والخاصة في هذا الإطار، وهو ما يعزز دور الإمارات الريادي في دعم قطاع الفضاء على المستوى الدولي، ويؤكد في الوقت نفسه التزامها واحترامها للقوانين والأعراف والمعاهدات الدولية في زمن التكتلات الجيوسياسية والجيواقتصادية.

ومن أجل ضمان قطاع فضائي إماراتي قوي ومستدام، انضمت الدولة إلى 4 معاهدات دولية رئيسية من أصل 5 تحكم قطاع الفضاء، كما أصبحت عضواً فاعلاً في منظمة الاتحاد الدولي للاتصـالات مسخرة إمكـانيـاتها وخبراتهـا البشريــة المتنامية لـدعم أنشطة الاتحاد وبرامجه وفعالياته بقطاعاته الثلاثة (الراديو والتقييس والتنمية).

وانضمت الإمارات إلى معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، واتفاقية المسؤولية 1972، التي تدور حول المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تنجم عن الأجسام الفضائية.

بالإضافة إلى اتفاقية التسجيل لعام 1975 المختصة بتسجيل الأجسام التي أطلقت إلى الفضاء الخارجي، واتفاقية الإنقاذ لعام 1968، التي تنظم عمليات إنقاذ رواد الفضاء وعودتهم والمركبات الفضائية.

وفي مجال الاتصالات الدولية، اختار الاتحاد الدولي للاتصالات الإمارات لاستضافة المؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية المقبل في عام 2023.

وضمن جهودها لمساندة قطاع الفضاء العربي، لم تبخل الإمارات بخبراتها لخدمة أشقائها كما وقعت على اتفاقية المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية "عربسات".

وبفضل الجهود المدروسة والطموح اللامحدود، أصبحت الإمارات لاعباً رئيسياً في نادي الفضاء بوصولها إلى المريخ وتخطيطها للوصول إلى حزام الكويكبات.

أساسات متينة

تسعى الإمارات منذ اللحظة الأولى لتأسيسها هذا القطاع، إلى أن يكون على أساسات متينة وراسخة تدعمها تشريعات وقوانين، لذلك سارعت إلى الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تنظم الفضاء من أجل إنشاء قطاع متكامل في الدولة، ولتحقيق ذلك استثمرت في الكوادر البشرية والبنية التحتية والأبحاث والدراسات من أجل بناء قدرات علمية متقدمة للدولة وهو ما تحقق بعد ذلك وفي فترة وجيزة، حيث بات لدى الدولة 19 قمراً اصطناعياً مدارياً، وأكثر من 10 أجسام فضائية جديدة قيد التطوير، وما يزيد على 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية عالمية وناشئة، و5 مراكز بحثية لعلوم الفضاء.

وتحرص الإمارات دوماً على المشاركة الفاعلة في المنظمات والمحافل الدولية المعنية بالفضاء الخارجي، والتي تجد أن فيها خيراً للبشرية وتتوافق في الوقت نفسه مع خطط الدولة في مستقبل عنوانه الاستدامة في كافة مناحي الحياة، لذلك انضمت إلى 4 من أصل 5 معاهدات دولية رئيسية تحكم قطاع الفضاء.

معاهدة الفضاء الخارجي

وتعتبر معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 من أوائل المعاهدات التي تنظم هذا القطاع والتي وقعت عليها الإمارات، وهي اتفاقية تتضمن المبادئ القانونية الأساسية والمبادئ التي تحكم استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي بما في ذلك القمر وغيره من الأجرام السماوية الأخرى.

وبدأ على أرض الواقع في 1967 تطبيق معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى أو ما يطلق عليها معاهدة الفضاء الخارجي، التابعة للجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية والجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث توفر هذه المعاهدة الإطار الأساسي للقانون الدولي للفضاء.

وتتماشى هذه المعاهدة مع استراتيجية الإمارات الهادفة إلى ترسيخ مبادئ السلم والأمن في كافة أقطار العالم، والعمل من أجل ترسيخ مبادئ الاستدامة الشاملة، حيث تحظر المعاهدة بوجه خاص وضع أسلحة نووية أو أي نوع آخر من أسلحة الدمار الشامل في الفضاء الخارجي وكذلك تحظر وضع مثل هذه الأسلحة على أي أجرام سماوية.

وتحدد المعاهدة أيضاً المبادئ الأساسية المتعلقة باستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية. وتشترط هذه المبادئ أن يكون استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي لتحقيق فائدة ومصالح جميع البلدان، حيث لا يجوز التملك القومي للقمر والأجرام السماوية الأخرى بدعوى السيادة.

اتفاقية المسؤولية 1972

وتدور اتفاقية المسؤولية لعام 1972، والتي انضمت لها الإمارات حول المسؤولية الدولية عن الأضرار التي تنجم عن الأجسام الفضائية.

وتنص هذه الاتفاقية على مسؤولية الدولة المطلقة للمشاريع الفضائية عن دفع تعويض عن الأضرار التي تسببها أجسامها الفضائية، وكذلك مسؤوليتها عن الضرر الناجم عن أخطائها التي ترتكبها نتيجة برنامجها الفضائي، وتنظم الاتفاقية إجراءات تسوية مطالبات التعويض.

اتفاقية التسجيل 1975

وتختص اتفاقية التسجيل لعام 1975 والتي انضمت إليها الإمارات بتسجيل الأجسام التي أطلقت إلى الفضاء الخارجي.

وتنص هذه الاتفاقية على أنه لدى إطلاق جسم فضائي على مدار أرضي أو ما ورائه، يكون على الدولة المطلقة أن تسجل الجسم الفضائي في سجل مناسب تتكفل بحفظه. وعلى كل دولة مطلقة إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بإنشائها مثل هذا السجل.

كما تؤكد الاتفاقية على أنه إذا اشتركت دولتان أو أكثر في إطلاق جسم فضائي كهذا، كـان عليهما أو عليها البت معاً في أمر أي منها تتولى تسجيل الجسم مع مراعاة أحكام معاهدة المبادئ المنظمة لنشاطات الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، ومع عدم الإخلال بأيـة اتفاقات مناسبة عقدت أو يراد عقدها بين الدول المطلقة بشأن الولاية والرقابة على الجسم الفضائـي وعلى أي أشخاص تابعين له، حيث تحدد محتويات كل سجل وأحوال حفظه من قبل دولة التسجيل المعنية.

اتفاقية الإنقاذ 1968

أما الاتفاقية الرابعة والأخيرة، فهي اتفاقية الإنقاذ لعام 1968، وهي اتفاقية حول إنقاذ رواد الفضاء وعودتهم وعودة المركبات الفضائية التي أطلقت إلى الفضاء الخارجي.

وتنص هذه الاتفاقية على أن تتخذ الدول جميع الخطوات الممكنة لإنقاذ ومساعدة رواد الفضاء المعرضين للخطر وإعادتهم على الفور إلى الدولة المطلقة، وأن تقدم الدول، عند الطلب، المساعدة للدول المطلقة في التعافي من الأجسام الفضائية التي تعود إلى الأرض خارج إقليم الدولة المطلقة.

كما تنص هذه الاتفاقية على أن تلتزم كل دولة من الدول الأطراف، تعلم أو تكتشف أن أفراد طاقم أية سفينة فضائية قد وقع لهم حادث أو ألمت بهم محنة أو هبطوا اضطرارياً أو غير مقصود في أي إقليم داخل في ولايتها أو في أعالي البحار أو في أي مكان آخر غير داخل في ولاية أية دولة، القيام فوراً بالإعلان اللازم على الملأ بجميع وسائل الاتصال المتوافرة وكذلك إعلام الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يتعين عليه إذاعة المعلومات الواردة من دون تأخير في جميع الوسائل.

وتلتزم كل دولة من الدول الأطراف، والتي يهبط في أي إقليم داخل في ولايتها أفراد طاقم أي سفينة فضائية بسبب حادث أو محنة أو هبوط اضطراري أو غير مقصود، بالقيام فوراً باتخاذ جميع التدابير الممكنة لإنقاذهم وتزويدهم بكل مساعدة لازمة، على أن تقوم كذلك بإعلام الأمين العام للأمم المتحدة، بالتدابير التي تتخذها وبالتقدم المحرز فيها.

دور محوري

تعتبر الإمارات من أوائل الدول الأعضاء الفاعلين في تطوير وتطبيق عدد من الأطر التنظيمية الإقليمية والدولية المعنية بالاتصالات الفضائية وتنسيق الاتصالات الراديوية، حيث تلعب الإمارات دوراً محورياً في سبيل تعزيز التقدم في هذا القطاع على مستوى المنطقة، بعد أن تولت زمام القيادة في وضع الأطر المنظمة لهذا القطاع، نتيجة التزامها الإقليمي بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعم الشركاء الإقليميين لتحقيق التنمية المستدامة في هذا القطاع، حيث تؤمن الدولة بأن هذا الهدف يمكن أن يتحقق عبر التعاون الشامل على المستوى الإقليمي والعالمي، بعيداً عن ثقافة الانعزال.

دستور الاتحاد الدولي للاتصالات

يعد دستور واتفاقية الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 1992، أحد الاتفاقيات المهمة التي تنظم هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي والتي حرصت الإمارات على الانضمام إليها، حيث تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بقطاع الاتصالات وتقنيـة المعلومات؛ إذ تعمل على تسخيره لخدمـة المجتمــع والقطاعــات الأخــرى في الـدولـة، إيماناً بأهميــتـه الفعّــالـة في تطـويــر الفـرد، والـمجتمـع بمـؤسسـاتـه، والحكـوميـة والـخـاصــة.

وانضمت دولـة الإمــارات كعضـو رسمي في منظمة الاتحاد الدولي للاتصـالات عـــام 1972 بعد تأسيس دولة الاتحاد. وأصبحت عـضـواً في مجلس المنظمة لأول مرة عــام 2006 أثناء مشاركة الدولة في مؤتمر المندوبين المفوضين لعام 2006 في مدينة أنطاليا بتركيا. ومنـذُ ذلك الحيـن، بقيت دولة الإمارات عضواً في مجلس هذه المنظمة تسخر إمكـانيـاتها وخبراتهـا البشريــة لـدعم أنشطة الاتحاد وبرامجه وفعالياته بقطاعاته الثلاثة (الراديو والتقييس والتنمية)، والمشاركة الفعّالة فيها.

اللوائح التشريعية للاتصالات الراديوية

وعرفاناً مــن الدولة بأهداف الاتحاد الدولي للاتصالات، ودعماً لاسـتمـراره كوكالة رائـدة في قطاع الاتصـالات وتقنـيـة الـمـعلـومــات؛ تحرص الإمارات بقوة على المشاركة في أعمال وأنشطة المنظمة بقطاعاتها الثلاثة وكذلك التوقيع على الأطر التشريعية المنظمة ومنها اللوائح التشريعية للاتصالات الراديوية من الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2012.

وتلقى جهود الدولة في هذا القطاع تقديراً كبيراً من الاتحاد والذي اختارها لاستضافة المؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية المقبل، وذلك في مركز دبي التجاري العالمي بإمارة دبي في الفترة من 20 نوفمبر إلى 15 ديسمبر 2023.

ويعد المؤتمر، الذي يعقد كل أربع سنوات ويستمر لأربعة أسابيع، المنصة الدولية الوحيدة التي تملك صلاحيات تحديث لوائح الراديو، لأغراض تنظيم استخدام طيف الترددات الراديوية ومدارات السواتل المستقرة والسواتل غير المستقرة بالنسبة للأرض.

وسيوفر المؤتمر الفرصة لتحديث لوائح الراديو، وضمان التطور المستدام لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للجميع، ووضع خارطة طريق منسقة لتوسيع خدمات الاتصالات الراديوية.

المنظمة الدولية للاتصالات الفضائية

ومن الاتفاقات التي حرصت الإمارات على التوقيع عليها، الاتفاق المتعلق بالمنظمة الدولية للاتصالات الفضائية والتي تستهدف المساهمة في تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وغيرها من العلاقات عن طريق الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني عبر الأقمار الاصطناعية وضمان التعاون والتنسيق بين الجهود التي يبذلها أعضاء المنظمة في سبيل تصميم نظام الاتصالات الساتلية الدولية وإنشائه وتشغيله وتطويره.

المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية

ولا تألو الإمارات جهداً في سبيل دعم قطاع الفضاء عربياً سواء عبر تطويع خبراتها في هذا المجال لخدمة أشقائها من الدول العربية، أو حرصها على التوقيع على كافة الاتفاقيات التي تساهم في استدامته ومنها اتفاقية المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية "عربسات" 1976 والمعدلة في 1992. و"عربسات" مؤسسة عربية متخصصة في مجال الاتصالات الفضائية وعلومها وتقنياتها أنشأتها الدول العربية عام 1976م بهدف تأمين الخدمات الفضائية المتخصصة لجميع الدول الأعضاء والمستخدمين الآخرين وفقاً للمعايير والأساليب الفنية والاقتصادية الملائمة، حيث تعمل على تلبية احتياجات المنطقة العربية المتزايدة في مجال الاتصالات الفضائية بكل جودة وموثوقية.