كشفت الأرقام الصادرة عن دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي أن الإمارة تسير بثبات في طريقها لتكون واحدة من أفضل 3 مدن اقتصادية في العالم، بحسب أجندة دبي الاقتصادية D33 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
وأثبتت دبي مع الإعلان أخيراً تتويجها بلقب أفضل وجهة عالمية في جوائز اختيار المسافرين 2023 من موقع «تريب أدفايزر» العام الثاني على التوالي، أن الأداء المتميز لقطاع السياحة قد قارب معدلات فترة ما قبل الجائحة التي وصل فيها عدد الزوار الدوليين إلى 16.73 مليون زائر في 2019.
فيما أظهرت أحدث بيانات منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UNWTO)، أن السفر بغرض السياحة قد شهد انخفاضاً بنسبة 37% في 2022 مقارنة بعام 2019، فيما شهدت منطقة الشرق الأوسط أكبر زيادة نسبية في عدد الزوار، حيث ارتفعت أعداد الزوار للمنطقة لتصل إلى 83% من أعداد ما قبل الجائحة، بينما تجاوزت دبي هذا المعدل مسجلة 86%.
وعزز الأداء المتميز في 2022 من مكانة دبي في أسواقها التقليدية وكذلك تحقيق نمو قوي في المزيد من الأسواق الناشئة، إذ حافظت دبي في العام الماضي على مكانتها الرائدة بصفتها إحدى أبرز وجهات السفر الآمنة، إذ سجلت نمواً ملحوظاً في عدد الزوار القادمين من أبرز أسواقها الرئيسة.
وشكلت منطقتا أوروبا الغربية ودول مجلس التعاون الخليجي ما نسبته 21% من عدد الزوار الدوليين لدبي لكل منهما كما شكلت منطقة جنوبي آسيا 17% من مجمل الزوار، وبلغت حصة منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا 12%، وهو ما يؤكد جاذبية دبي المستمرة للمسافرين من الأسواق القريبة. واستحوذت الأمريكتان على 7% من مجمل نسبة الزوار الدوليين بحسب المنطقة، وأسهمت كل من منطقة شمالي وجنوب شرقي آسيا وكذلك منطقة أفريقيا 5% لكل منهما، فيما بلغت نسبة الزوار من منطقة «أسترالاسيا» 2%.
نمو متزايد
وواصل قطاع الفنادق في دبي، والذي يعد جزءاً أساسياً من نمو قطاع السياحة في الإمارة، أداءه القوي عبر تحقيق نسب نمو مرتفعة في فئات ومعايير الضيافة كافة. وبلغ متوسط الإشغال للغرف الفندقية 73% وذلك في الفترة من يناير وحتى ديسمبر 2022، وهي واحد من أعلى المعدلات في العالم مقارنة بنسبة 67% المسجلة في 2021، ويقترب من مستويات 2019 الذي سجل فيه 75%. تجدر الإشارة إلى أن هذا الارتفاع حصل مع زيادة السعة الفندقية في دبي بنسبة 16% في 2022 مقارنة بالفترة ذاتها من 2019. وبلغت السعة الفندقية في دبي مع نهاية العام الماضي 146،496 غرفة في 804 منشآت فندقية، مقارنة بـ126،120 غرفة كانت متوافرة في نهاية ديسمبر 2019 في 741 منشأة فندقية. وشهد مجمل عدد المنشآت الفندقية في عام 2022 نمواً بنسبة 6% مقارنة بعام 2021، الذي سجل فيه 755 منشأة ضمت 137،950 غرفة، وهو الأمر الذي يعكس مدى ثقة المستثمرين القوية بقطاع السياحة في دبي. وتجاوز قطاع الفنادق مستويات ما قبل الجائحة عبر جميع المعايير الأخرى كعدد الليالي للغرف الفندقية المحجوزة، ومتوسط السعر اليومي، والعائدات من الغرف المتوافرة، إذ بلغ عدد الليالي للغرف الفندقية المحجوزة رقماً قياسياً بلغ 37.43 مليون ليلة في 2022، بزيادة 19% مقارنة بالفترة ذاتها من 2021 الذي سجل فيه 31.47 مليون ليلة، وزيادة بنسبة 17% على فترة ما قبل الجائحة في 2019، الذي وصلت فيه إلى 32.11 مليون ليلة.
كما بلغ متوسط سعر الغرفة 536 درهماً في 2022، متجاوزاً بذلك معدلاتها في 2021 الذي سجل 451 درهماً بزيادة 19%، وعام 2019 الذي سجل 415 درهماً بزيادة 29%.
ويبرز الأداء القوي لقطاع الفنادق أيضاً في نمو العائدات من الغرف المتوافرة، التي حققت زيادة قدرها 30% مقارنة بعام 2021، وذلك من 301 درهم إلى 391 درهماً، وزيادة بنسبة 25% على فترة ما قبل الجائحة في 2019 الذي سجلت فيه 312 درهماً.
حملات تسويقية
وأسهمت الحملات التسويقية العالمية التي ألقت الضوء على مكونات دبي الفريدة، وما توفره من تجارب وعروض متميزة، وكذلك التعاون مع المشاهير والمفكرين والمؤثرين والشخصيات الاجتماعية المرموقة في المنطقة والعالم، في تمكين دبي من تحقيق العديد من الإنجازات والنجاحات في 2022، إذ تضمنت حملة «دبي تقدّم» مقاطع سينمائية ترويجية بمشاركة نجمي هوليوود جيسيكا ألبا وزاك إيفرون، إلى جانب شخصيات مشهورة أخرى ومنهم كريم بنزيما ضمن حملة «حيث يحتفل العالم»، مع استضافة دولة قطر الشقيقة بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022.
وجهة الفعاليات
وتعد استضافة المدينة معرض «إكسبو 2020 دبي»، المعرض العالمي الأول في المنطقة، والذي اختتم فعالياته في 31 مارس 2022، وسجل أكثر من 24 مليون زيارة في ستة أشهر، من قصص النجاح التي تحققت في العام الماضي وهو ما أثبت قدرة دبي على استضافة كبرى الفعاليات والمعارض العالمية، بما يعزز من مكانتها وجهة رائدة لاستضافة الفعاليات العالمية.
وتحرص دبي على زيادة عروضها عبر جميع ركائز السياحة، وكذلك الاستفادة من قطاعي التجزئة والفعاليات لجذب المزيد من الزوار المحليين والعالميين فبالإضافة إلى تنظيم «إكسبو 2020 دبي»، واصلت دبي استضافة معارض تجارية عالمية وفعاليات أعمال في عام 2022، بما فيها معرض جلفود، والقمة العالمية للحكومات، وأسبوع «بينانس» لبلوك تشين، وجيتكس جلوبال، ومعرض دبي العالمي للقوارب، ومعرض سوق السفر العربي.
مهرجانات
وتنظم مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة سنوياً مجموعة من المهرجانات والأنشطة الكبرى في إطار تقويم دبي السنوي لقطاع التجزئة، ومن ذلك مهرجان دبي للتسوق، ومهرجان دبي للمأكولات، ومفاجآت صيف دبي، وتحدي دبي للياقة. وقد أطلقت المؤسسة كذلك في عام 2022 الدورة الأولى من مهرجان دبي للرياضات الرقمية، أكبر بطولة دولية للرياضات الإلكترونية تقام في المنطقة.
وتتعزز سمعة دبي العالمية مركزاً عالمياً للسياحة الرياضية، لما تتضمنه من بنية تحتية متطورة، واستضافتها مجموعة كبيرة من الفعاليات والبطولات الرياضية، فضلاً عن قدرتها على استقطاب أبرز النجوم الرياضيين، وكذلك المشجعين من جميع أنحاء العالم لحضور الفعاليات والبطولات الرياضية العالمية التي تستضيفها المدينة على مدار العام. وفي عام 2022 استضافت المدينة فعاليات متميزة مثل كأس دبي العالمية للخيول، وبطولات سوق دبي الحرة للتنس، وبطولة طيران الإمارات لسباعيات دبي للرجبي، وبطولة دبي ديزرت كلاسيك للجولف، وبطولة جولة دي بي وورلد كما وفرت المدينة الكثير من الخيارات لعشاق كرة القدم للاستمتاع بأجواء بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 ومن ذلك تخصيص مناطق تشجيع للجمهور، كما كانت دبي الوجهة المفضلة للمشجعين الراغبين في المكوث فيها وفي الوقت ذاته حضور المباريات للفرق التي يشجعونها في الدوحة. وقد تم اختيار دبي لتكون من بين 6 مدن عالمية تستضيف فعاليات مهرجان فيفا للمشجعين.
فنون الطهي
وأدى قطاع المأكولات وفنون الطهي في دبي دوراً مهماً في تحقيق النمو للمدينة في عام 2022، إذ جذبت تجارب الطعام المتنوعة العديد من الزوار ومحبي الطعام من داخل وخارج الدولة، لما تتضمنه المدينة من مطاعم حائزة جوائز عالمية إلى جانب المطاعم الأخرى التي تناسب مختلف الميزانيات، وهو ما يعكس التنوع الثقافي والأذواق المختلفة للمدينة التي تحتضن أكثر من 200 جنسية. ويأتي هذا التميز بفضل الخدمات المتنوعة والفريدة التي يقدمها أكثر من 13 ألف مطعم ومقهى منتشرة في جميع أنحاء دبي. كما واصلت دبي حصد الجوائز العالمية، بالتزامن مع إطلاق دليل ميشلان الأول لدبي في يونيو 2022، لتصبح بذلك دبي أول مدينة في الشرق الأوسط تضم مطاعم مدرجة في لائحة «ميشلان»، بعد دخول 69 من مطاعمها في الدليل الفرنسي الشهير، كما فاز 14 مطعماً بـ«ذا بيب غورمان»، إضافة إلى تكريم وتقدير العديد من المطاعم والطهاة وتجارب الطعام في دبي في الحفل الافتتاحي لجوائز أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط وأفريقيا، والتي تم الكشف عنها في شهر فبراير 2022. كما شهد العام الماضي وصول دليل غولت آند ميلو الشهير للمأكولات الراقية إلى الإمارة، وهو ما أسهم أيضاً في دعم تطور قطاع الطعام في دبي. وفي 2022، أطلقت دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي التقرير السنوي الأول لقطاع المأكولات والمطاعم في دبي الأول من نوعه في المنطقة، والذي يستعرض أداء السوق، ويقدم دراسة شاملة عن القطاع، وهو ما يعزز من مكانة دبي العالمية في سياحة الطعام.
استدامة
تسعى دبي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية للاستدامة، وقد أسهمت جهودها ومبادراتها على مدار العام الماضي في المضي بثبات في هذا الاتجاه فيما أسهمت مبادرة «دبي للسياحة المستدامة»، المستوحاة من رؤية القيادة الحكيمة لجعل دبي وجهة مستدامة رائدة، في تحقيق أهداف الإمارة للطاقة النظيفة وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي 2050. كما تستضيف مدينة إكسبو دبي في 2023 مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب 28»، لدعم أهداف تحقيق الاستدامة والأمن المناخي، وكذلك في إطار الجهود التي تتخذها الدولة في هذا الاتجاه ولا سيما مع إعلان 2023 عام الاستدامة. كما شهد 2022 إطلاق «دبي تبادر»، مبادرة الاستدامة المبتكرة على مستوى المدينة، لتشجيع المجتمعات على إجراء تغييرات بسيطة على عاداتهم اليومية، مثل استخدام عبوات المياه القابلة لإعادة التعبئة، والتي تتماشى مع الجهود الرامية لتحويل دبي إلى وجهة مستدامة رائدة وأفضل مدينة في العالم للعيش والعمل والزيارة. وأدت السياحة البحرية واليخوت دوراً مهماً في جذب شريحة مهمة من الزوار الدوليين وتعزيز مكانة دبي وجهة عالمية للسفر. وكان لتوسيع قطاع الرحلات البحرية فوائد كبيرة في 2022 لدبي مركزاً إقليمياً للسياحة، إذ إن تطوير هذا القطاع يعزز من مكانة دبي بوابة رئيسة إلى المنطقة.
مبادرات
وتم في 2022 افتتاح مجموعة من الوجهات البارزة وكذلك إطلاق مبادرات جديدة لتواصل المدينة تقديم المزيد من التجارب والعروض المتنوعة لضيوفها وزوارها.
ومن بين المعالم المتميزة التي أضيفت إلى مباني دبي الأيقونية «متحف المستقبل»، وهو وجهة حديثة وشاملة تحتفي بماضي وحاضر ومستقبل العالم كما تم افتتاح مدينة إكسبو دبي، وذلك بعد النجاح الهائل الذي حققه «إكسبو 2020 دبي»، لتسخّر المدينة المستقبلية المستدامة التكنولوجيا وتتمحور حول الإنسان إلى جانب افتتاح منتجع أتلانتيس ذا رويال في نخلة جميرا. وتكمل دبي مسيرتها لتصبح مدينة المستقبل عبر خطة دبي الحضرية 2040، والتي تسعى إلى تطوير عروض دبي وتوسيع عروض السياحة بأكثر من 100%، بالإضافة إلى ذلك تعمل الإمارة على إطلاق مبادرات تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، والتي تهدف إلى جذب 40 مليون زائر بحلول 2031، وإلى رفع إسهام قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم.