تتكاتف جهود المؤسسة الاجتماعية التطوعية «فرجان دبي» وبلدية دبي عبر إطلاق الدورة الأولى من مهرجان الفرجان من 9 إلى 19 مارس الجاري، وذلك في حديقة مشرف الوطنية في دبي تحت شعار «بين الغاف»، والذي يتضمن فعاليات هادفة عدة تعزز العلاقات واللحمة بين أفراد المجتمع والحي الواحد، وذلك ضمن استراتيجية دبي والإمارات التي ترتكز على رؤية مفادها أن المجتمع الموحد الذي يلتقي على قلب رجل واحد قادر على تذليل كل العقبات وصنع المستحيل، هذه الرؤية التي تجلت دائماً في كافة المحطات والمراحل التي عبرتها الإمارات في رحلة التقدم المظفرة، والتي رسخت مكانتها العظيمة بين الأمم، ومن هذا المنطلق تمنح دبي أبناءها دوماً فضاءات واسعة للتميز، كما تعطيهم الفرصة لإبراز مواهبهم وقدراتهم في تقديم الإضافات المهمة لمسيرة التنمية المستدامة، والتي تتمحور حول الإنسان وصنع رفاهيته في ربوع هذا الوطن المعطاء.

ويعيش المشاركون في الحدث أجواءً ترفيهية واجتماعية وتراثية يلتقي في رحابها أبناء الفريج الواحد في عدد من الفعاليات والأنشطة المتنوعة التي تنظم يومياً من الساعة الرابعة عصراً حتى الحادية عشرة والنصف مساءً.

حراك مجتمعي

وفرجان دبي مؤسسة اجتماعية تسعى إلى تمكين المجتمعات المحلية في الأحياء السكنية في دبي وتعزيز التواصل والثقة بينها وبين المؤسسات الحكومية والخاصة، وذلك عبر تحفيز روح التطوع والمساهمة المجتمعية لإيجاد حراك مجتمعي يرتقي بجودة الحياة ويعزز السلوكيات والقيم الإيجابية في المجتمع.وتهدف إلى ترسيخ قيم التكافل والتواصل المجتمعي بين الأحياء، ودعم جهود الجهات الحكومية، إلى جانب تكريس القيم التراثية والسنع الإماراتية وتعزيز الهوية الوطنية لدى الأبناء.

ويسعى المهرجان إلى تحقيق 4 محاور رئيسية تتضمن تمكين جميع فئات المجتمع عبر نشر ثقافة التطوع وتكوين جسر تواصل بين المؤسسات الحكومية والمجتمع ومساعدة القطاع الخاص لخلق مشاريع وبرامج دعم مجتمعية، إلى جانب العمل على برامج مخصصة لدعم المجتمع من فرجان دبي.

أفكار وأهداف

وقالت علياء الشملان، مؤسس ومدير عام «فرجان دبي»، إن المهرجان إضافة مهمة لجهود إمارة دبي وقيادتها الرشيدة لتعزيز روح الانتماء الوطني، كما ينسجم مع رؤية وتوجهات الإمارة ودولة الإمارات في تقوية الأواصر الاجتماعية، وتعزيز اللحمة الاجتماعية وروح الجماعة وثقافتها لدى الإماراتيين، إدراكاً من أهمية تحقق ذلك، والذي يمنح عملية التنمية في الدولة دفعاً كبيراً عبر وحدة المواطنين وتآلفهم وتوحد تفكيرهم وهدفهم.

وأضافت: فيما يخصنا في إدارة فرجان دبي نحن لسنا سعداء فحسب بتوافد الأعداد الكبيرة للمشاركة وللاستمتاع بالمهرجان، بل نحن فخورون بوصول فكرتنا إلى المواطنين، الذين أدركوا أهمية الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها، كما أن الإضافات التي يقدمها المشاركون تدعو أيضاً إلى الفخر عبر تقديمهم المزيد من الأفكار التي تفتح آفاقاً جديدة.

أجندة متميزة

وأشارت إلى أن المهرجان ينتقي أجندة فعالياته بعناية شديدة لتحقيق الأهداف بنجاح كبير، مشيرة إلى جهود فريق العمل ووصفتهم بالجنود المجهولين، الذين يعملون بشكل متواصل، وهمهم الوحيد تحقيق المهرجان لأهدافه المتمثلة في اجتماع أفراد العائلة ضمن فعاليات ثقافية تراثية اجتماعية وتأصيل القيم الاجتماعية والعادات الموروثة، وفتح آفاق جديدة أمام أصحاب المشاريع والمواهب من أجل التطوير والإبداع.وأوضحت الشملان أن عدد المشاركين في الحدث يتجاوز الـ 50 مشاركاً إماراتياً، 20 منهم أصحاب مشاريع منزلية، بالإضافة إلى 55 متطوعاً يساهمون في تنظيم المهرجان، مضيفة أن أجندة المهرجان غنية بالأنشطة والفعاليات، منها في يوم الافتتاح عرضان للقيادة العامة لشرطة دبي، وللفرقة الأفريقية، بالإضافة إلى «بودكاست حي» مع عبد الله النعيمي وعروض نارية، بجانب فعاليات عرض السيرك وورشة حرف يدوية وفقرات لأصحاب المواهب من كل فريج.

كما لفتت إلى تضمن الفعاليات عروضاً ضوئية وعزفاً على الساكسفون وجلسات تصوير ومسابقات للأطفال، كمسابقات الرسم وورش عمل كالورشة الحرفية «كرافت شوب»، مؤكدة أن المهرجان يوفر للمشاركين مظلة لعرض منتجاتهم، وإيجاد قاعدة من الزبائن، إضافة إلى الاستمتاع بالأجواء وما يقدم من فعاليات.

نشر الوعي

وأكد أحمد الزرعوني، مدير إدارة الحدائق العامة والمرافق الترفيهية في بلدية دبي حرصهم على دعم المبادرات الهادفة إلى نشر وتعزيز القيم بغية الحفاظ على الهوية ونشر الوعي بالموروث الإماراتي، وأشار إلى أن حدائق دبي تمتلك الجاهزية الكاملة لاستقبال مختلف الفعاليات المجتمعية التي تتناسب وجميع الفئات العمرية، منوهاً برمزية اختيار حديقة مشرف الوطنية، لاستضافة مهرجان الفرجان الذي يتخذ من شجرة الغاف شعاراً له، لافتاً إلى أن «حديقة المشرف» من أقدم حدائق دبي التي تنتشر فيها هذه الشجرة بكثافة كبيرة.

تقارب وتلاقٍ

وأشاد أصحاب مشاريع وزوار بإدارة فرجان دبي التي قامت بتنظيم هذا الحدث الذي يهدف إلى تعزيز أواصر التلاحم المجتمعي بين الجيران في أحياء دبي المختلفة من خلال الفعاليات المتنوعة وورش العمل والمسابقات، التي تحقق في مجملها التقارب والتلاقي وتقوية أواصر التلاحم المجتمعي لدى أبناء إمارة دبي، لافتين إلى الروح التي يتحلى بها المكان الذي يتميز بالجمال والأصالة. وأكدوا أن المهرجان منصة مميزة تجمع الأسر في مكان واحد وتشعر الزائر وكأنه في أحد فرجان دبي قديماً، مشيرين إلى العبارات الجميلة، التي تزين جدران المكان كـ «شوفتك مثل العطر تسر الناظرين»، «فرجان دبي أسرة واحدة على قلب واحد».

وقال عبدالله المرزوقي، من فريج البرشاء وصاحب مشروع «كاميليا ستشن»، إنه يشارك في المهرجان باعتباره منصة ونقطة انطلاق للتعريف به وبغيره من أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، ويشير المرزوقي، وهو طالب في كليات التقنية العليا بدبي، إلى أنه كان عضواً في فريق التصوير المرئي بفرجان دبي، وأن تواجده ضمن المشاركين من المواطنين أصحاب المشاريع، يندرج في إطار رغبته في التوسع بهذا المشروع والبناء عليه.

ويرى راشد البنا وهو صاحب مشروع ملابس من فريج الطوار أن المهرجان يساعدهم كأصحاب مشاريع صغيرة على الخروج من حيزهم الجغرافي الضيق إلى حيز أرحب وأوسع، بحيث يتم التعرف عليهم من قبل عدد كبير من مرتادي المهرجان، لافتاً إلى أنه شاهد إعلانات المهرجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسجل للمشاركة وتم التواصل معه من فريق التنظيم، وعليه فهو متواجد اليوم في المهرجان لمدة 11 يوماً.

مفهوم الانتماء

وإيماناً من فرجان دبي بأن التطوع الذراع المجتمعية والإنسانية التي تساهم في إنجاح الحدث، كان هناك أكثر من 55 متطوعاً ينتشرون في مواقع المهرجان، منهم محمد زياد مسؤول متطوعين الذي قال: نتواجد في «بين الغاف» لمساعدة المشاركين والزائرين في حال احتاج أي منهم للمساعدة، كما نرشد الجمهور ونوجههم لمواقع الفعاليات ونعرفهم بالمهرجان وما يتضمنه من برامج وأجندة زاخرة، وأشار إلى أنه من سكان فريج العوير الذي تقطنه أسرته منذ نحو 53 عاماً، وأن تواجده جزء من دوره كابن لأحد الفرجان المشاركة في المهرجان.

قوة وفخر

وقال حميد عبدالله، وهو من متطوعي إكسبو 2020 دبي: المهرجان مهم للغاية؛ لأنه يربطنا بجذورنا ويجعلنا نتشبث بها بقوة وفخر، كما يجعل العلاقات بين أبناء الفرجان أكثر قوة وصلابة، لا سيما أن المبادرة تجمع أبناء فرجان دبي بشكل متواصل والمهرجان واحد من هذه الفعاليات، موضحاً أن المهرجان يحرص بشكل كبير على دعم المواطنين أصحاب المشاريع، وكذلك أصحاب المواهب على اختلافها وهو أمر يستوجب الشكر والثناء.

مهارات التواصل

ولفتت نيلوفر يوسف، ربة منزل وهي عضو في فرجان دبي، إلى أن التطوع في جوهره استثمار مهم للوقت والطاقات، وكسر للروتين من خلال القيام بشيء ينفع المجتمع، لافتة إلى أنها بادرت بالتسجيل عند طلب متطوعين، وتم التواصل معها من قبل اللجنة التنظيمية في المهرجان، مؤكدة أهمية التطوع في صقل شخصية الفرد وتعزيزها وتنمية مهارات التواصل المجتمعي لديه.

رمز التعايش

ويجسد اختيار شعار «بين الغاف»، الحرص على المزج بين الماضي والحاضر، حيث تتميز الحديقة باحتوائها المكثف لأشجار الغاف التي تعتبر من الأشجار الوطنية الأصيلة في الإمارات، إذ تعد رمزاً للصمود والتعايش في الصحراء، وتمثل قيمة ثقافية كبيرة فيها، لاقترانها بهوية الإمارات وتراثها، وتعد عنوان الاستقرار والسلام في الصحراء، الأمر الذي يساهم في ربط المشاركين بماضيهم.

منصة للمواهب

ويشكل مهرجان الفرجان منصة لإبراز المواهب ودعم المشاريع الريادية والناشئة، حيث يخصص حيزاً واسعاً لعرض المنتجات الخاصة بأبناء الفريج، حيث تتنوع أنشطة المشاريع المشاركة بين الأكلات الشعبية الإماراتية والصناعات اليدوية، كصناعة العطور والبخور والفعاليات التراثية التي تسعى إلى إحياء التراث الشعبي والحفاظ على تراث الأجداد في إطار يربط بين الماضي والحاضر. وينظم مهرجان الفرجان ورشاً فنية لتعليم الأطفال والكبار لغايات تعزيز الإبداع لدى الأطفال والشباب، من خلال مجموعة من الممارسات الفنية التي تسهم في بناء المهارات والمواهب في عالم الرسم والتشكيل، كما يكشف المهرجان عن إبداع المشاركين في مجال الطهي عبر فعالية تحدي الطبخ التي يستعرض فيها أبناء الفريج نكهات مختلفة، إلى جانب فعاليات أخرى تقام بشكل يومي.

الألفة تعم أرجاء المكان

أوضحت الشابة مريم حمد، صاحبة مشروع «مريم آرت»، أن «بين الغاف» فرصة مهمة لها ولغيرها من أصحاب المشاريع الذين يعملون من منازلهم ويروجون منتجاتهم عبر الإنترنت، لافتة إلى أنها تعمل منذ عام ونصف العام في مشروعها وهي رسامة وتنجز لوحاتها منذ كانت في الثانية عشرة من العمر، وذكرت أن مهرجان «بين الغاف» الذي عرفت عنه من صديقة لها وبادرت للتسجيل فيه، يمتاز بقدرته على جمع القلوب قبل المشاريع في مكان واحد، وجعل كل من يفد إليه يشعر بالألفة والمحبة وانتمائه إلى المكان.