يتفاءل في كل موقف، ويبعث بالإشارات لمن حوله، أن الحياة جميلة، وهي مركب آمن لمن عرف كيف يدير سكانه، وهو يسعنا جميعاً، ومن على المركب بالطبع على البحر ليس أمامه إلا التمسك بالحياة، إذا أراد الوصول إلى برالسلامة.
 
ويعجبني فيه أيضاً أن البحر كلما اشتدت أهواله، زاد إصراره على المواصلة، وتمسك بأطراف الحياة أكثر، وكلما تلاطمت أمواجه، زادت آماله توقداً، وتطلعت طموحاته إلى جنبات الشطآن أكثر فأكثر.
إنه ينظر بمنظار غير منظارنا، ويرى ما لا نراه، ويحب ولا يكره، ويعمل ولا يكلّ، ويحاول ولا ييأس.
 
إنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يرفع أصدق التهاني إلى زعيم المرجلة أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
 
بل يبعث بتهانيه القلبية إلى أسرة آل نهيان الكرام جميعاً، فكأنه يريد أن يقول لهم جميعاً أنتم المعنيون بقول الشاعر:
فنحن كماء المزن ما في نصابنا
كهام ولا فينــــــا يعدّ بخيل
إذا سيد منا خلا قام سيّد
قؤول لما قال الكرام فعول
من يقرأ قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد
آل مكتوم هذه، يجد أنها نابعة من قلبه، وأن آل نهيان ذخره الذي يعتمد عليه عاجلاً وآجلاً.
 
يقول ذلك عن ثقة وتجربة، فهم ليسوا بجديدين على صفحة الحياة، وعلى كرسي الحكم، ورثوا هذا المجد الأصيل. يقول الشاعر الكبير:
 
التَّهاني للشيوخْ الطَّيِّبينْ
لي عليهمْ بعدْ ربِّي الإعتمادْ
للمعالي وارثينْ وكاسبينْ
قادةْ العليا وأملْ هذي البلادْ
جيلْ يخلفْ جيلْ حينِ بعدْ حينْ
والمسيرهْ مستمرِّهْ بإجتهادْ
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذا القول، وكأنه ينظر إلى أجيال تعاقبت أمامه من بداية حياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، ثم حياة الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله الذي كان خير خلف لخير سلف، ولا يذكر الشعب إلا طيبته وسماحته.
 
ثم وصول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلى سدّة الحكم، وقد انتخبه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد خليفة لخليفة، وهو نعم الخليفة، أثبت للداخل والخارج أنه الحلّ لكل مشكلة، وهو مفتاح الوصول إلى قلب كل معضلة.
 
لقد تخرج في جامعة زايد، وتمرس في أخلاقيات قائد، إلى أن تمكن من القيادة فصار لكل ميدان عملٍ «رائد».
 
عاصر الشيخ محمد بن راشد كما عاصر معه الشيخ محمد بن زايد الزعيمين الكبيرين الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، رحمهما الله، وعبر خمسين سنة من عمر الاتحاد الذي قام على يد أولئك الأفذاذ .
 
وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان له ركابا
فما زرعه السلف حصده الخلف اليوم حتماً، لذلك قال الشاعر الكبير:
جيلْ يخلفْ جيلْ حينِ بعدْ حينْ
والمسيرهْ مستمرِّهْ بإجتهادْ
وقال بعد ذلك:
حطْ بوخالدْ علىَ عضدهْ اليمينْ
خالدْ وولاهْ عهدهْ بإعتمادْ
والدليل على أن غرس زايد أثمر والشعب حصد الثمار، هو هذه الأجيال المتعاقبة المتوارثة لأمجاد الآباء والأجداد التي تتولى زمام الحكم بجدارة.
 
إن سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد عرفه الناس بأريحيته وكرمه، ولديه من الخبرة ما يؤهله لإدارة الحكم، عمل نائباً لمستشار المجلس الأعلى للأمن الوطني ، ورئيساً للمكتب التنفيذي، بالإضافة إلى مناصب أخرى، فهو حقاً عضد الشيخ محمد بن زايد الأيمن.
 
وهو حقاً يكون عليه الاعتماد بإذن الله طالما تولى منصب ولاية العهد، وقد تفاءل به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لأنه يعرفه كما يعرف أنجاله، فليوفقه الله في عمله الجديد.
 
والشاعر لم يكتف بثنائه الجميل على حسن اختيار الشيخ محمد بن زايد لولي عهده في حكم إمارة أبوظبي، بل واصل تفاؤله بتعيين سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان في منصب اتحادي جديد، وهو نائب رئيس الدولة، بجانب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
 
لذلك فإن الشاعر الكبير اعتزّ بهذا القرار الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، وقال:
 
وحطْ جنبي اللِّي علىَ الشدهْ يعينْ
نعمْ منصورْ الذيْ بالجهدْ زادْ
فسموه اعتزّ باختيار منصور لهذا المنصب من جانب، ومن جانب آخر أشاد بدور الشيخ منصور وقدراته، ومن شهد له الشيخ محمد بن راشد بالنجاح فهو ناجح.
ثم عبّر سمو الشاعر عن فرحته باختيار حكيمين آخرين في منصب نائب حاكم أبوظبي، وقد كان اختياره لاثنين من إخوانه يتمتعان بخبرات طويلة لهذا المنصب دليلاً على عمق تفكيره ،والشاعر يقول:
أخاك أخاك إن من لا أخا له
كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
وأيّ إخوةٍ هؤلاء؟ إنهم أبناء زايد، لقد تشربوا الأخلاق والحنكة من زايد مباشرة، وتناوبوا على إدارة المناصب عبر عقود، فهما اليوم أهل البصر والبصيرة، وأدرى الناس بمصلحة المسيرة، وقد قال الشاعر الكبير:
وإختيارَهْ إثنينْ حكمَهْ نايبينْ
كانْ هزاعٍ معَهْ طحنونْ رادْ
نعم الشيخ هزاع والشيخ طحنون بن زايد هما أدرى الموجودين بأمن البلاد في الداخل والخارج، والبلاد في حاجة إلى خبرة هذين القائدين اللذين أسسا الأمن في المرحلة الحاضرة.
 
فالشيخ هزاع بن زايد كان نائب رئيس المجلس التنفيذي لأبوظبي، وكان رئيس جهاز أمن الدولة، وتولى مناصب أخرى، والشيخ طحنون بن زايد تولى رئاسة الدائرة الخاصة وعمل مستشاراً للأمن الوطني، ثم رئيساً للمجلس الأعلى للأمن الوطني وغيرها من المناصب، وتشهد له زياراته المكوكية التي انطلقت من أبوظبي إلى كثير من العواصم، وكلها كانت مكللة بالنجاح.
 
من أجل ذلك فإن الشيخ محمد بن زايد فخور بهما، والشيخ محمد بن راشد فخور بهما أيضاً، وحق له أن يعبر عن شعوره بالقول:
 
كوكبَةْ فرسانْ معدنهمْ ثمينْ
بالشَّهامِهْ يحرسونْ الإتحادْ
وبعد أن أشاد الشاعر بحكمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في اختياره لولي عهد الأمين ولنائبيه المخلصين، أعاد إلى الأذهان بأن حراسة البلاد والمحافظة على الأمن ليست مسؤولية القيادة فقط، بل مسؤولية الشعب بأكمله، فقال:
وكلنا جندْ الوطَنْ لهْ حافظينْ
خلفْ بوخالدْ لنا للمجدْ قادْ
 
وهذا البيت من سموه أعتبره تجديداً للمبايعة لصاحب السمو رئيس الدولة، والجميل في الشيخ محمد بن راشد أنه يتواضع في موضع التواضع، ولا يجد حرجاً في ذلك، فهو أرجحنا عقلاً، وأقدرنا على النظر للبعيد ودراسة المستقبل من وراء ستر رقيق. حيث قال سموه :
 
كلنا جند الوطن، وشعب دولة الإمارات في خدمة الوطن،
وعبر سموه عن مشاعر شعب الإمارات بقوله:
يازعيمْ المرجلِهْ لكْ تابعينْ
حكمتكْ تهدي الوطَنْ دربْ الرشادْ