أكد عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس إدارة مؤسسة عبد الله الغرير ومؤسس صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين، لـ«البيان»، أن الهدف من إطلاق الصندوق في عام 2018 يتمثل في تقديم المساعدة لـ 20 ألف شاب في مدة لا تتجاوز 3 سنوات، مشيراً إلى تجاوز الهدف ومساعدة 62 ألف شاب، وكذلك تمديد عمل الصندوق لأربع جولات أخرى استجابة للحاجة المتزايدة لهؤلاء الشباب الطامحين.
وقال: «نعتزم التركيز على صقل مهارات اللاجئين العرب من الشباب وتعزيز وصولهم إلى التعليم الثانوي في دولتي الأردن ولبنان، بالإضافة إلى شباب الدول التي تعاني من الحروب والكوارث القاطنين في الإمارات، ونهدف أيضاً إلى منح الشباب اللاجئين والمهمشين فرص الوصول إلى مساقات التأهيل المهني المعتمدة في الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل مما يسهم في خلق فرص عمل ورفع مستوى المعيشة».
وذكر أن الصندوق عقد شراكات مع 20 مؤسسة تشاركه الرؤى ويتعاون معها لتحقيق الأهداف المشتركة في توفير الدعم الضروري للشباب، مؤكداً مواصلة دعم أكبر عدد ممكن من اللاجئين لضمان إحداث تأثير مستدام.
استثمار طويل
وقال الغرير: إن التعليم يعتبر أهم استثمار يمكن القيام به للشباب الذين هم مستقبل عالمنا العربي، فهو استثمار ذو تأثير طويل الأمد والحصول على تعليم ذي جودة عالية يعتبر ركيزة أساسية لإرساء مستقبل أفضل.
حيث يسهم في تحسين حياة شبابنا من خلال توفير الفرص وإحداث تأثير إيجابي على الأفراد والمجتمع، في الوقت الذي مازال يعاني فيه الملايين من الأطفال والشباب اللاجئين في بعض البلدان من جراء عدم الوصول إلى التعليم، وهذه المشكلة تمثل عائقاً للاستفادة من مواهبهم وإبداعاتهم في بناء عالم أفضل للجميع.
وأشار الغرير إلى أن واجبه الأخلاقي حثه على بذل كل ما في وسعه لتوفير الفرص لهؤلاء الشباب ليكونوا فاعلين في مجتمعاتهم ومساهمين في بناء نهضة أوطانهم، منوهاً بأهمية الجهود الجماعية والتعاون في هذا المجال.
وقال: «عندما أسست صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين، الذي يركز على البرامج الهادفة والقابلة للتطوير، ومعالجة الفجوات التعليمية الحادة، قررت عدم الاكتفاء بالتبرع بالمال فحسب بل بحثت عن الأماكن التي أستطيع إحداث تغيير كبير فيها من خلال مساعدة الشباب المستضعفين.
كما قررت تكريس وقتي ومعرفتي وعلاقاتي للمساهمة في إحداث فارق وتوفير السبل المناسبة لتعليم اللاجئين، وتوفير فرص أفضل لإكساب الشباب المهارات والخبرات التي يحتاجونها في بناء حياتهم والاستثمار في مستقبلهم».
ثقافة ومفاهيم
وأكد أن المجتمع الإماراتي يمتلك تقاليد راسخة في مجال العطاء، استمدها من نهج القيادة الرشيدة، والتي بدورها تشكل جزءاً من ثقافة ومفاهيم المجتمع الإماراتي، لافتاً إلى أن نجاح الأعمال الخيرية يعتمد على معالجة التحديات التي تواجه المجتمعات وتحقيق النتائج المنشودة وتوسيع نطاق تأثيرها.
وأوضح أن أهمية الأعمال الخيرية تكمن أيضاً في المساهمة في إيجاد الحلول لتحويل حياة الأفراد إلى الأفضل، إلا أن الأعمال الخيرية الاستراتيجية تتخذ نهجاً مختلفاً.
حيث تشكل استثماراً في حياة الأفراد والمجتمعات والاقتصاد الوطني، كما تتمحور حول تحديد الأسباب الجوهرية للتحديات المجتمعية والاستفادة من الموارد لإحداث تأثير ملموس وطويل الأمد، واستخدام الممارسات القائمة على الأدلة لقياس التأثير وتحسين عملية اتخاذ القرار، إلى جانب التعاون مع الجهات المعنية الأخرى، بما فيها الجهات الحكومية والشركات، لتحقيق الأهداف المشتركة.
وأشار إلى أن العالم يشهد تحديات متصاعدة تتسم غالباً بالتعقيد والتداخل، بدءاً من التغيرات المناخية، وصولاً إلى عدم المساواة الاجتماعية والفقر والصراعات، حيث تتطلب مواجهة هذه التحديات حلولاً مبتكرة وجهوداً منسقة من جميع قطاعات المجتمع، وهنا يبرز الدور المهم للأعمال الخيرية الاستراتيجية.
تحديات
وحول تركيز الصندوق على دولتي لبنان والأردن يقول الغرير: «تمثلت أولوياتنا، عند إطلاق صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين، في إحداث أكبر أثر ممكن في الأماكن المحتاجة، حيث تستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان، وتعيش 9 من كل 10 عائلات لاجئة في حالة من الفقر الشديد وفقاً لتقارير وإحصائيات للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
بينما يستقبل الأردن أكثر من 760 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجل، من بينهم حوالي 670 ألف لاجئ سوري، مما يجعل الأردن ثاني أكبر دولة مستضيفة للاجئين السوريين بالنسبة لعدد السكان بعد لبنان.
وفي ظل معاناة الدولتين من تحديات داخلية خاصة مثل التضخم وارتفاع معدلات البطالة، اتخذنا قراراً استراتيجياً لتسخير جميع مواردنا في مساعدة الأردن ولبنان على مواجهة تدفق اللاجئين والأزمات المرتبطة به.
فرص تعليمية
وأضاف: «بالنظر إلى العديد من التحديات والأزمات التي تواجه العالم اليوم، تبرز أهمية بذل أقصى الجهود لمساعدة ودعم القوى العاملة المستقبلية في العالم العربي، حيث يسهم الاستثمار في الأفراد، ولاسيما من خلال توفير الفرص التعليمية، في تغيير حياة الكثيرين».
وأكد الغرير على أهمية التعاون وتأكيد الالتزام بالقضايا الإنسانية والممارسات المستدامة لمواجهة التحديات الملحة أمام اللاجئين في العالم العربي، واعتماد سبل هادفة لمعالجة هذه القضية الملحة، داعياً المهتمين بالعمل الخيري إلى التعاون في دعم وتحسين حياة قادة المستقبل.
وأوضح أن العمل الخيري الإسلامي يشكل أحد أكبر الموارد غير المستثمرة في مجال العمل الإنساني المشترك، لذا يجب التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين وتضافر الجهود بما يضمن تقديم أعمال خيرية تتميز بالكفاءة والفعالية، ويجب أن نواصل أعمال العطاء المدعومة بالأدلة والاستفادة من الممارسات الإسلامية الخيرية مثل الصدقة والزكاة وتقديم مساهمات ملموسة لمعالجة أهم القضايا الإنسانية حولنا.
فرص مستقبلية
وبين أن صندوق الزكاة للاجئين، البرنامج التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعتبر مثالاً جيداً عن الأعمال الخيرية الإسلامية، حيث وصل إلى أكثر من 6 ملايين شخص في 26 دولة منذ إطلاقه في عام 2017، حيث أسهمت التبرعات المقدمة للصندوق خلال العام الماضي وحده بمساعدة أكثر من 1.5 مليون لاجئ ونازح داخلي.
وتمكنا من خلال صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين من تحسين الفرص المستقبلية لأكثر من 62 ألف شاب محتاج في الأردن ولبنان بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والعديد من الشركاء الآخرين.
وذكر أن الكوارث الطبيعية والأزمات العالمية أجبرت العديد من الأشخاص على مغادرة أوطانهم قسراً أو بحثاً عن فرص حياة أفضل، ومن المتوقع أن يبلغ عدد اللاجئين هذا العام أكثر من 117.3 مليون لاجئ في أنحاء العالم، 17 مليوناً منهم في الدول الإسلامية، مما يؤكد، أكثر من أي وقت مضى، أهمية التعاون وتضافر الجهود وتأدية كامل مسؤولياتنا في مساعدة النازحين.