أعدت الدكتورة منار بني مفرّج أستاذ مساعد في علوم البيئة كلية العلوم الطبيعية والصحية بجامعة زايد، بحثاً يؤكد أنه يمكن استخدام العديد من تقنيات المعالجة، لمعالجة سمية المعادن سواء في النبات أو التربة الملوثة، من خلال اختيار تقنيات صديقة للبيئة، فعالة، ومقبولة من حيث التكلفة.
وأوضحت أنه من خلال البحث استخدمت كائنات دقيقة أو نباتات معينة، لاستقلاب وإزالة المواد الضارة، وتعرف هذه الكائنات بتقاربها الكيميائي الحيوي، والفيزيائي مع الهيدروكربونات من بين الملوثات الأخرى، حيث يمكن لأنواع مختلفة من البكتيريا، وبعض أنواع النباتات تفكيك المواد السامة إلى مكونات أكثر أماناً.
وقالت: إنه في معظم الحالات تعمل المعالجة الحيوية إما على زيادة عدد الكائنات الحية الدقيقة التي تحدث بشكل طبيعي وإما إضافة ميكروبات خاصة بالملوثات إلى المنطقة، كما يمكن استخدام العديد من أنواع الكائنات الحية الدقيقة، إما بشكل تآزري وإما بشكل مستقل عن بعضها البعض.
وأكدت بني مفرج أن استخدام الجسيمات النانوية يعتبر ثورة في الزراعة المستدامة، إذ إنها لا تقلل الملوثات فحسب، بل تعمل أيضاً كمحفزات، مما يسرع عملية المعالجة، ويتم استغلال جزيئات أكسيد المعادن النانوية على نطاق واسع في المعالجة البيئية، بسبب خصائصها فائقة التوصيل.
وأوضحت أن أحد الملوثات المهمة والمنتشرة في التربة الزراعية هو الكروم، حيث يتزايد تركيز الكروم، بسبب التطور الصناعي والكيماويات الزراعية، مما يوجد مخاوف كبيرة تتعلق بالصحة البيئة، كونه معدناً ثقيلاً وساماً يلوث التربة وموارد المياه، بالإضافة إلى إمكانية تسببه في الإصابة بمرض السرطان، وبالطفرات الجينية، مما يؤثر على الأنظمة البيولوجية بشكل سلبي.
ويعتبر كل من الكروم سداسي التكافؤ والكروم ثلاثي التكافؤ شديدي السمية، إلا أن الأول يعتبر أكثر سمية، حيث يسبب إنبات البذور المنخفض، كما يؤثر على نمو النبات والبناء الضوئي، ويؤدي إلى انخفاض الإنتاج.
جسيمات نانوية
وأشارت الدكتورة بني مفرج إلى أنها قامت بأبحاث عدة متعلقة باستخدام المعالجة الحيوية والجسيمات النانوية لتقليل سمية الكروم، حيث استخدمت حمض الستريك الميكروبي مع المعالجة النباتية للكروم على نبات الخروع، وأجرت دراسة لتحليل دور البكتيريا المقاومة لحمض الستريك لمعالجة التلوث بالكروم في التربة الملوثة، وثبت أن التركيز العالي للكروم قلل من نمو النبات بشكل كبير، وانخفاض معدل التمثيل الضوئي، وزيادة الإجهاد التأكسدي، واستخدمت حمض الستريك، الذي أدى إلى تحسين نمو النبات حتى مع أعلى تركيز للكروم، والذي تم تعزيزه بشكل أكبر، من خلال التطبيق المشترك للبكتيريا المقاومة للكروم والكالسيوم، كما أثبتت النتائج أن حبة الخروع لديها قدرة مميزة لتحمل تركيزات عالية من الكروم، لذا يمكن استخدامها بشكل فعال لعلاج التربة الملوثة بالمعادن.
وأوضحت أيضاً أنه يمكن للبكتيريا المقاومة لحمض الستريك والبكتيريا المقاومة للمعادن أن تعزز بشكل كبير من إمكانات المعالجة النباتية لحبوب الخروع، وغيرها من نباتات فرط التراكم.
وفي بحث آخر أعدته الدكتورة بني مفرج على نبات القمح، حيث تمت زراعته تحت مستويات إجهاد متفاوتة من الكروم، وتم استخدام المكورات العنقودية الذهبية عن طريق تطوير علاقات تآزرية مع جسيمات أكسيد الزنك النانوية في القمح، وأظهرت النتائج تحسناً كبيراً في سمات النمو والإنتاجية، وتحسناً في آليات الدفاع في القمح نتيجة لتقليل سمية الكروم، وزيادة الكلوروفيل والكاروتينات، إضافة إلى زيادة في نشاط إنزيمات مضادات الأكسدة وامتصاص المغذيات.
وأكدت أن مثل هذه الابتكارات لمعالجة الملوثات يعتبر آمناً، ومستداماً، ويحقق التنمية المستدامة والأمن الغذائي، بالإضافة إلى قلة التكاليف والآثار البيئية مقارنة بجهود المعالجة اليدوية أو الكيميائية التقليدية.