تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ استراتيجيتها لحماية البيئة، مستلهمة رؤية وفكر القائد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في الاستدامة، حيث تقلد، رحمه الله، العديد من الجوائز والأوسمة العالمية عرفاناً بجهوده في حماية البيئة وتنميتها والحفاظ عليها وصونها للأجيال القادمة.

وتكثف الدولة مبادراتها البيئية النوعية، وحملات التوعية المجتمعية بأهمية صون التنوع الحيوي، وخفض الانبعاثات والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، عبر مأسسة هذا الجهد الوطني وغرس هذه الثقافة في نفوس الأجيال بشكل ممنهج

وقد بذلت المؤسسات التعليمية في الدولة جهوداً كبيرة في هذا السياق وهو ما تمثل في إثراء المناهج الدراسية وتضمينها بعداً نظرياً مهماً حول أهمية البيئة وضرورة حمايتها.

وتحرص الجهات المعنية في الدولة بالتعاون مع متخصصين وخبراء في المجال البيئي، على تنظيم دورات وفعاليات تثقيفية تستهدف رفع التوعية حول ملفات البيئة والاحترار والخطوات الواجب اتباعها بشكل يومي، وتغيير أنماط السلوك لمواجهة التغير المناخي، والتعامل بجدية كبيرة مع هذه القضية باعتبارها مسؤولية جماعية لسكان الأرض.

 

إرث الوالد المؤسس

ويستعرض محور «إرث الوالد المؤسس» ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها أخيراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، نهج وإرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في مجال الاستدامة.

ونالت دولة الإمارات برؤيتها للاستدامة، وإجراءاتها الفعالة لحماية البيئة ثقة العالم وتقديره، وهو ما تمت ترجمته على أرض الواقع باختيارها وبالإجماع، لاستضافة «COP28»، حيث يركز المؤتمر على حشد الجهود الدولية لوضع قضية التغير المناخي كأولوية قصوى لعمل الحكومات والمنظمات والمؤسسات الرسمية والأهلية على امتداد العالم.

 

ترسيخ الاهتمام بالبيئة

وانطلاقاً من المآثر البيئية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وإدراكه لأهمية البيئة والثروات الطبيعية، تواصل الدولة ترسيخ هذا النهج الاستراتيجي في فكر وسلوك النشء، حيث أدمجت وزارة التربية والتعليم البعد البيئي في المناهج الدراسية لجميع المراحل.

وركزت الوثيقة التي أعدتها وزارة التربية والتعليم في العام 2006، لإدماج القضايا البيئية في مناهج التعليم العام، على قيم أساسية مثل قيم المحافظة على البيئة ومواردها والاعتزاز بالجهود التي تبذلها الدولة لحماية البيئة والحفاظ على التراث

وتقدير النواحي الجمالية وقيمة العمل الجماعي والتطوعي، إضافة إلى إكساب المتعلم قدراً أكبر من القيم والاتجاهات الإيجابية نحو البيئة والمهارات التي من شأنها مساعدته في التعايش والتفاعل مع بيئته بصورة راشدة وعقلانية.

وشهد العام 2009 إطلاق هيئة البيئة في أبوظبي «مبادرة المدارس المستدامة» برعاية «شركة بي بي»، والتي حققت نجاحاً كبيراً في ترسيخ المفاهيم البيئية، وتعزيز وعي الطلاب والهيئات التدريسية بالقضايا البيئية.

كما أطلقت هيئة البيئة في أبوظبي العام الماضي، وفي إطار سعيها لتوفير وسيلة تعليم إلكتروني رائدة عالمياً في مجال القضايا البيئية، منصة «التعليم الإلكتروني الخضراء»، أول أداة تعليمية إلكترونية مخصصة للمواضيع البيئية في الشرق الأوسط.

وتهدف المنصة إلى تعزيز المعرفة والوعي البيئي، مع التركيز بشكل خاص على البيئة المحلية في إمارة أبوظبي وسبل المحافظة عليها.

 

التعليم الأخضر

وفي أواخر أبريل الماضي، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن خارطة طريق شراكة التعليم الأخضر استعداداً لاستضافة الدولة لمؤتمر المناخ «COP28»،

وحددت الخارطة مستهدفات بيئية ومناخية واضحة تسعى الوزارة لتحقيقها قبل انطلاق COP28، من بينها الالتزام بأن تكون نصف المدارس والجامعات في الدولة خضراء مع انطلاق القمة، وتدريب وتأهيل أكثر من 2800 معلم و1400 مسؤول تربوي.

كما تضمنت الخارطة إطلاق «مبادرة صوت الأطفال» لتوفير التدريب المناسب، والمساهمة بإعداد الأطفال وتفعيل مساهمتهم في عملية صناعة القرار المتعلق بمستقبلهم البيئي، و«مبادرة صوت المعلمين»، والتي تسلط الضوء على جهود الكوادر التعليمية في تعزيز الوعي ومواجهة التغير المناخي والاستعداد لتأثيراته.

كما أعلنت الوزارة عن اتفاقيتي تعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، بهدف تنظيم برامج ومبادرات تنشر الوعي المناخي بين فئات الشباب واليافعين والأطفال قبل وخلال وبعد «COP28»

كما كشفت وزارة التربية والتعليم عن افتتاح أول جناح تعليمي في تاريخ مؤتمرات الأطراف في «COP28».

وتركز شراكة التعليم الأخضر على 4 محاور رئيسية هي: التعليم الأخضر، والمدارس الخضراء، والمجتمعات الخضراء، وبناء القدرات الخضراء.

 

مواجهة التغيرات المناخية

أسهمت المبادرات التي أطلقتها الدولة، ومنظومة التعليم المتطورة واهتمامها الكبير بالمفاهيم البيئية، في تعزيز الوعي بأهمية البيئة ودور الإنسان في الحفاظ عليها من خلال ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية وحماية الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي وخفض الانبعاثات الكربونية.

وقد أظهر استبيان للشباب واليافعين حول التغير المناخي أجرته هيئة البيئة في أبوظبي ونشرت نتائجه في يناير الماضي، وشمل 4210 مشاركين من طلاب المدارس والجامعات والموظفين من مختلف إمارات الدولة، اهتماماً كبيراً بالبيئة والتغيرات المناخية.

وأفاد نحو 48 % من الشباب المشاركين في الاستبيان أن التغير المناخي هو أكبر مخاوفهم البيئية، وجاء بعده تلوث الهواء والازدحام المروري بنسبة 47 %، وعبّر 40 % من الشباب عن رأيهم أن التلوث البري والبحري هو الأهم، واختار 26 % من المشاركين نقص المياه كأولوية بالنسبة إليهم

وأبدى 88 % من الشباب قلقهم من الارتفاع الشديد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، كما ذكر 45 % منهم أنه قلق للغاية بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري وتبعاتها، وعبّر 25 % من الشباب عن قلقه بشأن تغير المناخ، في مقابل 20 % من المشاركين الذين أظهروا تفاؤلاً حول هذه القضية.

وعي

تؤكد الأجيال الصاعدة في دولة الإمارات، ارتفاع مستوى وعيها بالبيئة وتحديات التغير المناخي وضرورة بذل كل الجهود لحماية الحياة على كوكب الأرض، وهو ما يمثل تجسيداً واقعياً لفكر القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في الاستدامة وحماية البيئة.