قال محمد الملا الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للإعلام خلال كلمة رئيسية في جلسة «الإعلام الأخضر» ضمن جلسات «كونجرس الاعلام» إن قطاع الإعلام يعد شريكاً استراتيجياً لجميع المبادرات والأنشطة التي تقوم عليها الإمارات، وإن مصطلح الإعلام الأخضر يعد مفهوماً مستحدثاً في الإعلام الجديد، ويعني الإعلام البيئي أو المعالجة الإعلامية للقضايا البيئية، حيث يتمثل دوره في تثقيف وتوعية الجمهور وزرع ثقافة الاستدامة والتشجيع للمشاركة في ملفات البيئة والوعي العام للاستدامة.
وأشار الملا إلى أن الإمارات لديها أكبر تركيز إعلامي في كوكب الأرض، وذلك مقارنة بالدول الأخرى، حيث تمتلك العديد من المؤسسات والمناطق الإعلامية مثل مؤسسة دبي للإعلام وأبوظبي للإعلام وtwofour54 والشركاء الآخرين، «وهذا يحتم علينا أن نبدع في طريقة السرد والتعاطي مع الجمهور المتلقي».
وأضاف إن جهود الإمارات في ملف الاستدامة بدأت منذ أكثر من 35 سنة، ففي عام 1989 تم التوقيع على بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفذة لطبقة الأوزون، وفي عام 2005 صادقت الدولة على بروتوكول كيوتو، وبعدها بعشر سنوات عام 2015 وقعت الدولة على اتفاقية باريس، والعام الجاري وبتوجيهات القيادة الرشيدة تم إعلان عام 2023 عاماً للاستدامة، مشيراً إلى أن الإمارات لديها التزام راسخ بملف الاستدامة الذي يعد من ركائز أجندتها الوطنية.
وفي سؤال يتعلق بكيفية التوفيق بين تحقيق الربح المادي للمؤسسات الإعلامية والمسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتقها تجاه المجتمع، وكيف يؤثر ذلك على المحتوى المقدم للمشاهد أو القارئ، أكد محمد الملا أن هذه المقاربة يمكن صياغتها بطريقة الاستثمار طويل الأجل أو المكاسب المستقبلية، ووفقاً للأمم المتحدة فإن درجة حرارة الأرض ارتفعت بمقدار 1.5 درجة مئوية عن القرن السابق، وإذا استمر الحال على الوتيرة نفسها ستصل درجة الحرارة إلى 4.4 درجات مئوية، وهذا يعني التسبب في آثار كارثية على البيئة والاستدامة والإنسان في نهاية المطاف.
وأضاف: «كما أن فاتورة التكيف المناخي للدول النامية حالياً تقدر بنحو 70 مليار دولار، وقد تصل قيمة هذه الفاتورة إلى 300 مليار دولار خلال 2030 ما لم يتم مواجهة هذا التحدي، وإلى جانب ذلك سيكون هناك تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية خطيرة، وفي المقابل إذا نظرنا إلى المكاسب ومعالجة القضية بمضاعفة الطاقة المتجددة فبحسب تقديرات الأمم المتحدة سيوفر ذلك للاقتصاد العالمي ما يعادل من 2 إلى 4 تريليونات دولار بجانب خلق الوظائف الجديدة واستدامة كوكب الأرض».
وأوضح الملا أن الإعلام لديه رسالة بطريقة صياغته وسرده للأحداث، «فقصة نهضة الدولة خلال الأربعين سنة الماضية، يجب أن نرسلها إلى العالم من خلال مؤسساتنا الإعلامية أو الشركاء المتواجدين داخل الدولة»، لافتاً إلى أن الإمارات لديها الوسائل والأدوات الكثيرة التي يمكن استعمالها بشفافية ومصداقية تقنع العالم بكل قضايانا.
وأكد الرئيس التنفيذي لدبي للإعلام أن دولة الإمارات أثبتت للعالم أن قضية الاستدامة تحتاج إلى ثقافة أكثر منها إلى دعم مادي، وأن دبي بدأت في تحويل مركز النفايات في منطقة «ورسان» إلى أكبر مركز لتحويل النفايات إلى طاقة بمبلغ 4 مليارات درهم، لافتاً إلى أن جميع البلديات على مستوى الدولة لديها المبادرات نفسها.
وأشار الملا إلى أن ثقة العالم في الإمارات تجلت في استضافة الأحداث والمؤتمرات العالمية الكبرى والتي ستؤثر على أجيال عدة قادمة مثل تنظيم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 خلال الفترة من 30 نوفمبر الجاري على 12 ديسمبر المقبل، مشيراً إلى أن مخرجات هذا المؤتمر العالمي سيمتد تأثيرها إلى أجيال كثيرة قادمة محلياً ودولياً عبر توفير الوظائف وتغيير استراتيجيات الأمن الغذائي والبيئة.
وحول تحول الإعلام الورقي حول العالم إلى إعلام رقمي، إلى جانب التكاليف الباهظة للبرامج التلفزيونية مقابل تكاليف وسائل التواصل الاجتماعي البسيطة، أكد محمد الملا أن كل طن ورق يستخدم لطباعة الصحيفة يقابله قطع 17 شجرة، ومع التحول الرقمي للصحف حول العالم بصورة كبيرة ساهم ذلك في الحد من استخدام الورق.
وأضاف: «أرى أن التحول الرقمي للصحف يعد إيجابياً في سرعة وصول المؤسسات الإعلامية الورقية للاستدامة، وكل منصة تتعامل مع الجمهور أياً كان نوعها أو تكلفتها أو تقنياتها إلى جانب استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإعلام التي خففت من أعباء البرامج المؤسسة، يجب أن تقوم بدورها ومسؤوليتها، ومن هنا يجب على الجميع أن يتطور ويواكب الطرق الجديدة للوصول إلى الجمهور وجذبه ومشاركته ليكون شريكاً في صنع القرار».
وأوضح الملا أن ملف الاستدامة ليس ملف جهة محددة وإنما هو ملف مشترك وحساس ويؤثر في وجود الإنسان وطريقة تعامله على كوكب الأرض، ويأتي دور الإعلام باعتباره أفضل وسيلة لنشر ثقافة البيئة والمناخ ومن ثم الحث على تكاتف كل الجهود لتحقيق الأهداف المناخية.