أعلنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية؛ الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في الدولة، أمس، عن إصدار رخصة تشغيل الوحدة الرابعة لمحطة براكة للطاقة النووية لصالح شركة نواة للطاقة، التي تتولى بدورها مسؤولية تشغيل المحطة الواقعة في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي.

وبموجب الرخصة، أصبحت شركة نواة للطاقة مفوضة بتشغيل الوحدة الرابعة من محطة براكة للطاقة النووية على مدى الأعوام الستين المقبلة.

ويأتي إصدار رخصة التشغيل تتويجاً للجهود التي بذلتها الهيئة منذ تلقيها طلب الحصول على الرخصة من شركة نواة للوحدتين الثالثة والرابعة عام 2017، وأجرت الهيئة عملية مراجعة منهجية لطلب إصدار رخصة التشغيل.

والذي تضمن تقييماً شاملاً للوثائق المرفقة مع الطلب، وتطبيق تدابير رقابية صارمة، إضافة إلى إجراء عمليات تفتيش دقيقة للمحطة فيمن يتعلق بالأمن والأمان النوويين وحظر الانتشار النووي.

مراجعة وتحليل

وشملت عملية التقييم مراجعة لتصميم المحطة النووية، وتحليل جغرافي وديموغرافي لموقعها، كما تضمّنت مراجعة تصميم المفاعل النووي، ونظم التبريد والسلامة، والتدابير الأمنية، وإجراءات الاستعداد للطوارئ، وإدارة النفايات المشعّة، وجوانب فنية أخرى.

كما راجعت الهيئة مدى استعداد شركة نواة، بصفتها الشركة المسؤولة عن التشغيل من الناحية المؤسسية والقوى العاملة والتأكد من توافر كل الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان معايير السلامة والأمان في محطة الطاقة النووية.

وقال السفير حمد الكعبي، المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، بهذه المناسبة: «يمثل اليوم لحظة تاريخية لدولة الإمارات.

حيث حققت رؤيتها التي بدأت قبل 15 عاماً في تطوير أول برنامج للطاقة النووية السلمية في المنطقة، وإن نجاح البرنامج وقدرة الإمارات على إنجازه خلال فترة زمنية قياسية، مع الالتزام بأفضل المعايير الدولية للسلامة والأمن النوويين وحظر الانتشار النووي، جعل من الدولة نموذجاً يحتذى به للعديد من الدول التي تعتزم بناء برامج للطاقة النووية.

وسيلعب برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية دوراً رئيسياً في توفير 25 % من الطاقة النظيفة؛ ومن ثم دعم جهود الحكومة لتحقيق أهدافها فيما يتعلق بالحياد المناخي لعام 2050».

وأضاف: إن إصدار الرخصة اليوم تمثل انتهاء الهيئة من عملية التقييم الكاملة للوحدة الرابعة في براكة، حيث تشمل عملية التقييم؛ تقييم تصميم المفاعل وإجراءات السلامة وأنظمة المحطة، إضافة إلى تقييم الشركة المشغلة «نواة» من ناحية القدرات والموارد البشرية والأنظمة الموجودة التي تحافظ على الأمن والسلامة، كما يشمل التقييم مدى التزام شركة نواة بشروط وتشريعات الهيئة.

تحميل الوقود

وأوضح: أن إضافة إصدار الترخيص للوحدة الرابعة، تعني أن نواة قادرة على التجهيز للتشغيل وتحميل الوقود والبدء بالتشغيل التدريجي وصولاً إلى التشغيل التجاري للمحطة، حيث نتوقع أن تبدأ الشركة بتحميل الوقود بنهاية السنة الجارية أو بداية السنة القادمة حسب الجدول الحالي.

وبعد إصدار رخصة التشغيل الخاصة بالوحدة الرابعة، ستبدأ شركة نواة للطاقة فترة الاستعدادات للتشغيل التجاري، والتي ستجري فيها الهيئة الاتحادية للرقابة النووية عمليات تفتيش على مدار الساعة بالاعتماد على مفتشيها المقيمين في محطة براكة للطاقة النووية، وإرسال مفتشين آخرين لضمان استكمال عمليات تحميل الوقود والاختبارات وفقاً للمتطلبات الرقابية.

فريق مؤهل

وقال كريستر فيكتورسن، المدير العام للهيئة الاتحادية للرقابة النووية: قام بمراجعة طلب إصدار رخصة التشغيل فريق مؤهل، حيث شكلت نسبة الخبراء الإماراتيين أكثر من %90 من أعضاء الفريق، وهذا يشير إلى نجاح استراتيجية الهيئة في بناء قدرات ومهارات الإماراتيين للرقابة على القطاع النووي وضمان استدامته.

وضماناً للالتزام بأعلى معايير السلامة الدولية في مجال الطاقة النووية وحظر الانتشار النووي، استقبلت دولة الإمارات خلال العقد الماضي 12 بعثة تقييم شاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراجعة وتقييم مختلف جوانب البنية التحتية النووية والإطار القانوني والرقابي، ومعايير السلامة والأمن النوويين وحظر الانتشار النووي، ومستوى استعداد الدولة لحالات الطوارئ. ويمكن للجمهور الاطلاع على هذه التقارير التي أصدرتها تلك البعثات الدولية.

يذكر أن الهيئة قد أصدرت في فبراير 2020 ومارس 2021 ويونيو 2022 رخص التشغيل للوحدات الأولى والثانية والثالثة على التوالي لمحطة براكة للطاقة النووية، وستواصل مهامها الرقابية للوحدات الأربع بعد التشغيل التجاري.

كما تعتبر الشفافية من أبرز مبادئ السياسة النووية التي التزمت بها حكومة الإمارات، عبر التقيّد بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية مثل «اتفاقية الضمانات الشاملة»، والبروتوكول الإضافي لاتفاقية الضمانات الشاملة التي وقعتها الدولة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واتفاقية السلامة النووية وغيرها. وتكفل مثل هذه الالتزامات تصميم البرنامج للأغراض السلمية، وبنهج شفاف ينسجم مع القوانين الوطنية والدولية.

«براكة».. مسيرة متواصلة في خفض البصمة الكربونية وتعزيز الاستدامة

تشكل السياسات البيئية المتبعة في محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة نموذجاً ريادياً، يدعم التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك من خلال الامتثال للتشريعات البيئية المحلية، والالتزام بأعلى المعايير العالمية، حيث تضع محطات براكة الاستدامة في شريان استراتيجيتها، التي تنعكس في مسؤوليتها المجتمعية والبيئية.

وتقدم «براكة» مثالاً حياً حول تعزيز الإنتاجية، والحفاظ على البيئة والسلامة المجتمعية في آن واحد، حيث تعمل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، التي طورت محطات براكة، وكذلك الشركات التابعة لها على مواصلة نشر ثقافة الاهتمام بالبيئة بين الموظفين والمجتمع المحلي، وذلك من خلال إطلاق مبادرات نوعية، بالتعاون مع مختلف الجهات للحفاظ على التنوع البيولوجي البيئي في المناطق المحيطة بالمحطات.

وتلتزم مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركات التابعة لها بتنفيذ عملياتها التشغيلية على نحو يحافظ على البيئة المحيطة بمشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، حيث تقوم فرق البيئة والاستدامة التابعة لها بإجراء مبادرات متعددة لتحسين الوعي البيئي، وخفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة.

وفي إطار التزاماتها البيئية تنظم المؤسسة سنوياً حملة تنظيف للمناطق المحيطة بالمحطات ولشاطئ «براكة»، ويشارك في الحملة المئات من الموظفين المتطوعين، بالتعاون من الجهات المعنية، إلى جانب تنفيذ مشاريع كالحيد المرجاني الاصطناعي في شاطئ براكة لتعزيز التنوع البحري.

وكذلك تنفيذ مبادرات متعددة كمبادرة «معاً لبيئة خضراء»، التي تهدف لتشجير المناطق المحيطة ببراكة، حيث تم زرع آلاف الأشجار داخل وخارج موقع المحطات، وتم إنشاء مشتل في الوقت ذاته يعتمد على المياه المعاد تدويرها.

ومن ناحية أخرى تستثمر مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في البحث والتطوير لتحسين تقنيات الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الصديقة للبيئة، حيث تستخدم محطات براكة أحدث تكنولوجيا المفاعلات النووية لتسريع عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في الدولة.

حيث ستحد المحطات الأربع فور تشغيلها بالكامل من أكثر من 22 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام، وهو ما يعادل الانبعاثات الناجمة عن 4.8 ملايين سيارة، وتعمل على تطبيق أفضل الممارسات للتعامل مع مخلفات الطاقة النووية بشكل آمن ومستدام.

ومن ناحية السلامة المجتمعية للموظفين تتوزع محطات براكة على منطقتين؛ «المنطقة الخضراء»، التي تضم مباني الإدارة والدعم الفني ومراكز التدريب و مراكز التدريب بالمحاكاة على تشغيل المفاعلات النووية والمجمعات السكنية للموظفين.

بالإضافة إلى المطاعم ومختلف المنشآت الترفيهية من ملاعب وصالات تدريب رياضية مغلقة، وفي الهواء الطلق وحدائق خضراء توفر كل سبل الراحة واحتياجات العاملين في المحطات، التي تعكس البيئة الاجتماعية والمرونة العملية.

والمنطقة الثانية هي التي تضم مباني المفاعلات والمرافق الأخرى، التي تتميز بتصميمات حديثة وفق المعايير البيئية.