شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أمس، محاضرة تحت عنوان «رحلة الإمارات إلى الفضاء» التي نظمها مجلس محمد بن زايد في قصر البطين ضمن سلسلة محاضراته وجلساته الدورية، أدارها وشارك فيها سالم حميد المري مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، ورائدا الفضاء الإماراتيان هزاع المنصوري وسلطان النيادي.

وأكد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، أن الإنجازات الإماراتية في مجال استكشاف الفضاء، وما قدمته للبشرية والعالم من اكتشافات، برهان على نجاح رهانها في صناعة جيل قادر على تعزيز ريادتها وحجز مقعد في قائمة كبار صناع قطاع الفضاء حول العالم.

رؤية وطموح

وقال سموه: هذه المناسبة فرصة لنا جميعاً لكي نستذكر باعتزاز الرؤية السديدة والطموح العالي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عبر عن رؤية مستقبلية للوصول إلى الفضاء الخارجي كحلم ينبغي السعي إليه لمساعدة البشرية، فاتحاً الطريق أمام قيادتنا الحالية لتعزز بدورها مسيرة الإمارات المتميزة، لتضعها في مقدمة الدول الأكثر تقدماً والأسرع نمواً.

ولفت سموه إلى أن تلك الإنجازات جاءت بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة، مضيفاً إن دولة الإمارات اليوم تفتخر بامتلاكها كوادرها الوطنية التي شكلت «كلمة السر» في نجاح مهام فضائية بارزة مثل مهمة مسبار الأمل الإماراتي ووصوله إلى المريخ بفضل جهود مهندسيه الإماراتيين، ومهمة رائدي الفضاء الإماراتيين هزاع المنصوري وسلطان النيادي.

مشيراً إلى أن تلك المهمات ساهمت في تعزيز المسيرة التنموية العلمية لدولة الإمارات ورسخت مكانتها في مجال استكشاف الكواكب والفضاء.

فضاء خارجي

وتوجه سموه إلى المحاضرين بسؤال عن أسباب ذهاب البشر نحو الفضاء؟ وأسباب إقامتهم لمختبرات علمية في الفضاء الخارجي؟ والفوائد التي تعود بها تلك التجارب على البشرية والعالم؟

وعقب المحاضرون بالقول إن البيئة في الفضاء الخارجي فريدة من نوعها، وذلك عائد في الأساس إلى انعدام الجاذبية، ما يجعل نتائج التجارب أكثر دقة للخبراء والباحثين، موضحين أن عامل الجاذبية له تأثير كبير في نتائج التجارب.

5 محاور

وركز المشاركون على 5 محاور في محاضرتهم، وهي طموح دولة الإمارات في الفضاء وتأسيس قطاع الفضاء، والمشاريع الفضائية للدولة وبرنامج الإمارات الوطني للفضاء والعائد العلمي منه، وأول رائد فضاء إماراتي وأول رائد فضاء عربي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، وأطول مهمة فضاء في تاريخ العرب، والتعاون الدولي في الفضاء ودبلوماسية الفضاء.

وعرضوا صوراً للمشاركة في أول رحلة فضائية، وأهم المحطات التي مروا بها خلال فترة تواجدهم في روسيا وأمريكا واليابان وكندا وأوروبا لتلقي التدريبات الخاصة برواد الفضاء.

واستعرض سالم حميد المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، مراحل تطور برنامج الفضاء الإماراتي، وقال: دائماً ما تطرح علي هذه الأسئلة: لماذا الفضاء؟ وما أهمية الفضاء؟ ولماذا تذهب الدول الكبرى إلى الفضاء؟ ولماذا تستكشف؟ وما الفائدة لنا كبشر على كوكب الأرض؟

وتابع: لدي 3 أسباب للإجابة عن هذه الأسئلة، أولها نواتج الأقمار الاصطناعية، فاليوم نرسل العديد من الأقمار حول كوكب الأرض، والتي وفرت لنا العديد من التقنيات التي نستعملها نحن في كوكب الأرض بشكل يومي، مثل برامج الملاحة (GPS)، وأيضاً الصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية لمعرفة حالة الطقس والتنبؤ بالتغيرات المناخية.

فريق وطني

وأضاف المري: اليوم وبعد مرور 20 سنة على دخولنا إلى قطاع الفضاء، استطعنا أن نبني فريق عمل إماراتياً متطوراً، لديه القدرة على بناء تقنيات فضائية صعبة جداً، لافتاً إلى أن إنجازات الإمارات مثلت إلهاماً لشعب الإمارات وجميع مواطني دول الوطن العربي، خصوصاً فئة الأطفال والشباب.

وقال إن رحلتنا في عالم الفضاء دشنت بإرسال 3 أشخاص، ولحسن حظي كنت واحداً منهم، توجهنا جميعاً إلى كوريا الجنوبية في عام 2006، وعملنا على أول قمر اصطناعي وهو «دبي سات 1» وفي نهاية المشروع وصل عدد الفريق إلى 10 مهندسين إماراتيين، وبعد ذلك، أكملنا ثاني قمر صناعي، وهو «دبي سات 2»، وزاد عدد الفريق من 10 مواطنين إلى 50 مواطناً، واستغرق المشروع 5 سنوات.

وأردف المري: بعد ذلك انتقلنا إلى مرحلة جديدة من العمل تستهدف توطين التقنية، وبدأ التحدي في مشروع «خليفة سات»، وكان هذا تحدياً كبيراً بالنسبة لنا، حيث استغرق صنعه قرابة 5 سنوات، فالتحدي لم يتمثل في بناء قمر اصطناعي فقط.

وإنما في بناء مختبرات متخصصة ومقار لتجهيز وبناء الأقمار الاصطناعية، وأخرى للتأكد من كفاءة عمل كل أجزاء القمر، والحمدلله، بدأنا المشروع في عام 2013، وزاد عدد المهندسين الذي يعملون على المشروع إلى 75 مهندساً إماراتياً، وفي عام 2018 تم إطلاق المشروع بنجاح.

إنجازات عملاقة

وأكد مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أن القمر المقبل، والذي يحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة، فهو أكبر قمر اصطناعي يبنى في تاريخ دولة الإمارات، حيث يبلغ وزنه نحو طن، ويعمل عليه نحو 150 مهندساً ومهندسة إماراتيين، لافتاً إلى أن من المقرر أن تتم عملية إطلاق القمر في شهر يوليو من العام المقبل.

واستطرد قائلاً: يتميز هذا القمر عن الأقمار الأخرى، في كونه مصمماً بمركز محمد بن راشد للفضاء، ويدار بشكل كامل من المركز، وشارك في عملية تصنيع أجزائه العديد من الجهات والشركات الوطنية، على عكس ما كنا نقوم به في الماضي، حيث كان تصميم الهياكل وتصنيعها يتم في أمريكا أو كوريا الجنوبية أو بريطانيا ثم ترسل إلى الإمارات لنشرع في تركيبها على القمر الاصطناعي.

وأفاد المري أن التحدي الأكبر الذي يواجه العالم اليوم، هو إطلاق رحلة جديدة إلى سطح القمر، واستخدام القمر كمنصة للذهاب إلى كوكب المريخ، ونحن في الإمارات نسير حالياً في التوجه ذاته، مستشهداً بأول مشاريع دولة الإمارات في هذا الشأن، وهو مشروع «مسبار الأمل» الذي تم إطلاقه في عام 2020، الذي نجح في تزويدنا ببيانات شرعنا في توزيعها على نحو 200 جهة حول العالم.

لا مستحيل

من جانبه، قال هزاع المنصوري: قبل أن أبدأ هذه المحاضرة سألوني في الخارج: ما هو شعورك عندما كنت في هذه القاعة قبل خمس سنوات بين الحضور، وسكوت كيلي ومارك كيلي، يلقيان محاضرة وهما يرتديان البدلة الزرقاء، وأنت اليوم رائد فضاء إماراتي ترتدي البدلة ذاتها وتتكلم من الفضاء؟ فقلت لهم: قد يعتقد الشخص العادي أنه حلم وشيء يصعب تصديقه، إلا أننا في دولة الإمارات تعلمنا من قيادتنا الرشيدة، أننا لا نعرف المستحيل.

وأضاف: نحن كرواد فضاء إماراتيين رفعنا علم دولة الإمارات في الفضاء، ومثلنا الوطن العربي، سرنا في الفضاء الخارجي، وتكلمنا اللغة العربية لأول مرة من محطة الفضاء الدولية، عملنا على نشر العلم والمعرفة.

مضيفاً إن «هذه الإنجازات جاءت تحقيقاً لرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حينما دعا رواد فضاء «أبولو»، وسألهم حول كيفية عيش البشر في الفضاء وطرق ممارسة حياتهم اليومية وغيرها من الأسئلة.

نظرة مستقبلية

ودعا المنصوري شباب وشابات دولة الإمارات، ممن لديهم القدرة والكفاءة، إلى الالتحاق ببرنامج رواد الفضاء، لتمثيل دولة الإمارات ورفع اسمها عالياً، مستعرضاً عدداً من المعايير الدولية الواجب توفرها في رواد الفضاء.

وأشار إلى أنه قام بأكثر من 16 تجربة في محطة الفضاء الدولية، قبل وبعد المهمة، لافتاً إلى أن مشاريع دولة الإمارات نحو الفضاء لن تتوقف، خصوصاً وأن الدولة أعلنت عن الدفعة الثانية لرواد الفضاء، والتي تم خلالها اختيار كل من محمد الملا ونورا المطروشي، واللذين يتواجدان حالياً في مركز جونسون للفضاء، ويتدربان للمهمات المستقبلية.

 تحقيق الحلم

بدوره، قال سلطان النيادي: قبل 5 سنوات كنت في المجلس نفسه، قبل أن أتعرف على هزاع، إلا أن حلم الذهب إلى الفضاء هو الذي جمعنا معاً، ففي المهمة الأولى، كنت خلف زميلي هزاع المنصوري في الطاقم الاحتياطي أتدرب على المهام ذاتها التي يتدرب عليها هزاع، حتى أكون على أتم الاستعداد لتولي المهمة في حال حدوث طارئ.

 وقال النيادي: في خضم معركة العالم مع جائحة «كوفيد 19»، تواصلت مع زميلي هزاع المنصوري، وأخبرته بضرورة الذهاب إلى التدريب، فإذا لم نتحرك فثمة أشخاص غيرنا سيسبقوننا، وفعلاً، ذهبنا إلى مركز جونسون للفضاء، حيث تدربنا ونحن نرتدي الكمامات على مهام تدريبية متعددة استعداداً لإمكانية بقائنا في الفضاء لفترة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى عام. ومضى بالقول:

سافرنا إلى اليابان وأوروبا، وروسيا وكندا، كنا بالفعل سفراء لدولة الإمارات، تدربنا من عام 2017 إلى 2023، نحو خمس سنوات من التحفيز والتدريب والاستعداد الذهني والجسدي، حتى نصل إلى مرحلة الإطلاق، وتحقيق الحلم بالوصول إلى محطة الفضاء الدولية. واستعرض أهم التجارب التي أجراها خلال فترة تواجده داخل محطة الفضاء الدولية، والمهام التي نفذها، سواء داخل المحطة أو خارجها.

سيف بن زايد:

الإنجازات الإماراتية برهان على نجاح رهاننا في صناعة جيل قادر على تعزيز ريادتنا

سالم المري:

استطعنا أن نبني فريق عمل إماراتياً متطوراً قادراً على بناء تقنيات فضائية صعبة جداً

هزاع المنصوري:

مثلنا الإمارات والوطن العربي وتكلمنا العربية لأول مرة من محطة الفضاء الدولية

سلطان النيادي:

حققنا حلم الوصول إلى محطة الفضاء الدولية