تحتفل دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 2023 بالذكرى الـ52 لعيد الاتحاد وبكلّ الإنجازات التي أرسى دعائمها مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسون.

وعلى نهج المغفور لهما الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله، يمضي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة،  حفظه الله، قدماً في رفعة الوطن والمواطن وتحقيق السعادة والرفاه لشعب دولة الإمارات من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحقيق مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً واستدامة، إلى جانب توطيد قيم التعايش والسلام والتسامح والحوار بين شعوب العالم، وترسيخ مكانة دولة الإمارات وريادتها على الصعيد العالمي. 

مسيرة التنمية

فقد شهد عام 2023 إنجازات في مجالات عدة على المستوى الوطني وعلى المستويين الإقليمي والدولي في سياق ترجمة "مشاريع الخمسين" التي أعلنتها القيادة الرشيدة قبل نحو عامين لترسيخ اتحاد دولة الإمارات، وبناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم من خلال الإدارة المبدعة لرأس المال البشري. 

فخلال هذا العام واصلت دولة الإمارات جهودها الطموحة في مختلف القطاعات حيث عملت بكل طاقاتها لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد واستدامته من خلال العديد من المبادرات، بما في ذلك الاقتصاد الرقمي، وريادة الأعمال، والمهارات والتكنولوجيات المتقدمة، وقد شهد أبناء الإمارات والعالم خلال هذا العام تحقيق إنجازات مشهودة وتاريخية في قطاع الفضاء. 

اقتصاد اليوم للغد

وباتت الإمارات العربية المتحدة نموذجًا رائدًا في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة على الساحة العالمية، كما تتبنى استراتيجيات طموحة تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو والازدهار الاقتصادي والحفاظ على البيئة حيث سجلت التجارة الخارجية للدولة رقماً قياسياً في النصف الأول من عام 2023 بتجاوزها تريليوناً و239 مليار درهم، ونمو ما نسبته 14.4% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2022.

وتعمل دولة الإمارات على بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتنوع يدعمه التقدم العلمي والتكنولوجي. كما تسيرُ بخطى حثيثة لتعزيزِ القدرةِ التنافسية لاقتصادها واستدامته واستكشاف فرص جديدة، لقناعتها الراسخة بأن الشراكات القوية متعددة الأطراف تمهّد الطريق لمزيد من الفرص لشعوب المنطقة وتفتح المجال واسعاً أمام التنمية الاقتصادية الحيوية.

ومن أجل تجسيد هذه الرؤية والتطلعات الطموحة، وقّعت دولة الإمارات اتفاقياتِ شراكةٍ اقتصاديةٍ شاملة مع دول ذات اقتصادات نشطة مثل الهند وإندونيسيا وإسرائيل وتركيا وجورجيا وكمبوديا، كما أن دولة الإمارات تجري محادثات لتوقيع شراكات أخرى مع عدد من الدول قبل نهاية العام. 

قطاع الفضاء

وتواصل دولة الإمارات اهتمامها بالفضاء وعلومه وسعيها إلى تحقيق بصمة ريادية في هذا القطاع، وقد احتفلت في شهر سبتمبر الماضي بعودة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي إلى الأرض بعد رحلة طويلة في الفضاء وإنجازه الكبير حيث أصبح أول رائد فضاء عربي يمكث فترة طويلة الأمد في محطة الفضاء الدولية ويقوم بالسير في الفضاء. 

ويأتي هذا الإنجاز كمحطة ثالثة بعد أعوام من وصول هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى محطة الفضاء الدولية، وبعد عامين على نجاح مهمة مسبار الأمل. حيث تتمتع الإمارات العربية المتحدة بأعلى مستويات العزم والإصرار على تحقيق رؤيتها بأن تكون ضمن الدول الرائدة في مجال الفضاء وتطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار وبناء قطاع فضائي مستدام.

وتستعد دولة الإمارات أيضا لإطلاق القمر الاصطناعي  "محمد بن زايد سات"MBZ-SAT في عام 2024، وهو أكبر الأقمار الاصطناعية وأكثرها تقدماً، وستواصل تعزيز إسهاماتها العلمية في مجال الفضاء بالتعاون مع شركائها.

مؤتمر  COP28

واستهلّت دولة الإمارات عام 2023 بـ "عام للاستدامة" حاملاً شعار: "اليوم للغد"، وتضع ضمن أولوياتها تعزيز الوعي بالاستدامة البيئية ومواجهة التحديات المرتبطة بتغير المناخ، حيث تستضيف دولة الإمارات حالياً الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (COP28)  الذي يعقد حالياً في مدينة اكسبو دبي حتى 12 ديسمبر الجاري حيث يجمع قادة العالم والخبراء سعياً لاحتواء المخاطر المحدقة بعالمنا. 

وتعطي دولة الإمارات من خلال هذا المؤتمر العالمي أولوية لتسريع أهداف التنمية المستدامة، وتوسيع نطاق التحولات في مجال الطاقة من خلال التركيز على أن تكون حصيلة هذا الحدث العالمي آليات قابلة للتنفيذ وليس تعهدات فحسب عبر تحويل الاتفاقيات إلى واقع ملموس وإنجازات. 

وفي ظل التحديات التي تواجه العالم اليوم تعد قضية التغير المناخي من أكبر هذه التحديات، وتظل دولة الإمارات من الدول الرائدة عالمياً التي تتبنى سياسات فعالة لمواجهة تلك التحديات، فقد تبنت دولة الإمارات في سياق هذه الجهود مجموعة مهمة من السياسات شملت التنويع الاقتصادي والتركيز على الاقتصاد الأخضر، وتنويع مصادر الطاقة بالتركيز على الطاقة النظيفة المتجددة وتعزيز كفاءة الطاقة، والنقل المستدام، والتخطيط الحضري المستدام وغيرها. 

ولطالما نظرت دولة الإمارات إلى العمل المناخي باعتباره فرصة للمساهمة في حلول عملية لمشكلة عالمية تؤثّر على جميع الدول في ظل تنويع اقتصادها وخلق المعرفة والمهارات والوظائف للأجيال القادمة.

وتماشياً مع رؤية قيادة دولة الإمارات الرشيدة، تسعى رئاسة COP28 عبر خطة عملها التي تستند إلى أربع ركائز هي: تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وتحسين الحياة وسُبل العيش، ودعم الركائز السابقة من خلال احتواء الجميع بشكل تام في منظومة عمل المؤتمر إلى التوصل لمخرجات ونتائج تسهم في خفض الانبعاثات بشكل كبير، وبناء منظومة الطاقة المستقبلية، وستدعم رئاسة المؤتمر زيادة كفاءة الطاقة بحلول عام 2030 من خلال زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، وتوفير أنظمة تبريد مستدامة وإتاحتها للجميع.

وتؤكد دولة الإمارات على التزامها بقضايا المناخ والاستدامة، ليس فقط على المستوى المحلي ولكن أيضًا على المستوى الدولي، من أجل الحفاظ على البيئة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، حيث تسعى بنشاط إلى تقديم يد العون للدول والمجتمعات حول العالم لمجابهة التحديات المتعلقة بالتغير المناخي. 

وفي سعيها الدائم لتحقيق التنمية المستدامة، تضع دولة الإمارات الأهمية البالغة لدعم برامج التكيف مع التغير المناخي، بحيث يمكن للمجتمعات أن تواصل التقدم الاقتصادي والاجتماعي دون التأثر بالتحديات المناخية. ولضمان نجاح هذه الجهود، تقوم دولة الإمارات بمشاركة خبراتها وتجاربها مع الدول الأخرى فضلاً عن توفير المساعدات الفنية لضمان تحقيق أفضل النتائج.

حماية الكنوز الثقافية والطبيعية تحقيقاً للاستدامة

تقوم دولة الإمارات بتكريس جهودها الدبلوماسية في مجال الثقافة والتعليم والابتكار، وتسعى إلى تبني استراتيجيات دبلوماسية مبتكرة وفعالة تتناسب مع التحديات والفرص، وهو ما أسهم في تعزيز مكانتها في مؤشر القوة الناعمة. ويظهر هذا التطور التأثير المتزايد لدولة الإمارات على المستوى الدولي.

إن الجهود والالتزامات التي تقدّمها دولة الإمارات بما يتعلّق بحماية التراث الإنساني مثل شراكتها الأخيرة مع صندوق التراث العالمي الأفريقي لدعم الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي الذي يحظى بقيمة عالمية استثنائية في القارّة الأفريقية وحمايته، حيث تركز هذه الشراكة على المواقع المتأثرة بتغير المناخ وبرامج بناء القدرات لأفراد المجتمع. 

إضافةً إلى ذلك، أظهرت دولة الإمارات جاهزيتها لتقديم مساهمات فعّالة في المجتمع الدولي من خلال منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إذ أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحوار الدولي حول التراث والتعليم والثقافة، ما يؤكد التزامها العميق بقضايا التراث الثقافي العالمي حيث تقف في الصفوف الأولى لحماية والمحافظة على هذه الكنوز الثقافية والطبيعية التي تعد جزءًا من التراث الإنساني.  وهذا الالتزام يسهم في تعزيز الحوار العالمي حول أهمية حماية الأصول الثقافية والطبيعية للعالم.

الإمارات وحقوق الإنسان

حققت دولة الإمارات إنجازات هامة في مجال حقوق الانسان وتواصل على مدى الخمسين عاماً القادمة تعزيز جهودها للمحافظة على مكانتها كواحدة من أفضل دول العالم للعيش والعمل، بناءً على نظرتها المستقبلية واهتمامها بالتنوع الاجتماعي والثقافي من خلال استثمار حكومة دولة الإمارات في دعم قدراتها لتحديث القوانين والممارسات التي تعكس التعددية مع احترامها لتراثها وتقاليدها، وقد حققت دولة الإمارات تقدماً ملحوظاً في عدد من القضايا.

وفي 4 أكتوبر 2023 اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقرير دولة الإمارات الرابع لحقوق الإنسان خلال الدورة الـ 54 للمجلس التي عقدت أعمالها في جنيف.  وقد فازت دولة الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للفترة 2022-2024 للمرة الثالثة في تاريخها. وجاء انتخاب الإمارات العربية المتحدة لهذا المقعد تقديراً لجهودها المستمرة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.

وتقوم دولة الإمارات وبشكل مستمر بدراسة كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومدى انسجامها مع تشريعاتها وسياساتها الوطنية، وبما يساهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وفي هذا السياق تعمل دولة الإمارات حاليا على إعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والتي سوف تركز بشكل رئيسي على تنفيذ التوصيات التي قبلتها في إطار المراجعة الدورية الرابعة. 

عضوية مجلس الأمن الدولي

ولا شك أن دولة الإمارات تسعى دائماً لدعم جهود الوساطة وإعلاء الحلول الدبلوماسية للنزاعات واستباق التحديات، وتحقيق أهداف المجلس في حماية الأمن والسلم الدوليين. 

وترى دولة الإمارات أهمية الحفاظ على نظامٍ دوليٍ قائم على احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها، تعزز فيه العلاقات الدولية بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. 

وخلال فترة عضويتها في مجلس الأمن التي امتدت لعامين (وتولت خلالها رئاسة المجلس مرتين) اضطلعت دولة الإمارات بدور بارز للتصدي لبعض التحديات الحاسمة في عصرنا مثل تشجيع حل النزاعات بالطرق السلمية، وإعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية، والحفاظ على السلام، ومعالجة الأزمات الصحية العالمية، وتسخير إمكانات الابتكار، وتطوير المنظومة الدولية لمكافحة الإرهاب، ودعم المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها المتساوية والهادفة في حل النزاعات وفي عمليات السلام، واستخدام التكنولوجيا لتعزيز السلام، ومكافحة الإرهاب، والاستجابة والتعافي منها فضلاً عن قضايا أخرى. 

وهنا لا بد من الإشارة إلى القرار التاريخي رقم 2686 بشأن التسامح والسلم والأمن الدوليين الذي اشتركت في صياغته دولة الإمارات - خلال رئاستها الثانية للمجلس في يونيو 2023 - مع المملكة المتحدة والذي يُقر للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية وأعمال التطرف مرتبطان ارتباطاً مباشراً بانتشار النزاعات، وتفاقمها، وتكرارها.

وقد نشرت وزارة الخارجية في دولة الإمارات على هامش المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 78 التي عقدت في نيويورك ورقة نقاش تهدف إلى توجيه دعوة عالمية مفتوحة لجميع أعضاء المجتمع الدولي من أجل العمل معاً بأساليب وطرق جديدة لمواجهة تحدي نقص المياه عالمياً الآخذ بالتفاقم ساعية إلى تحفيز المجتمع الدولي لحشد استجابة عالمية منسقة لمواجهة هذه القضية، وطرح صيغة جديدة للتعاون الفاعل، وإطلاق استجابة قادرة على التعامل مع هذه المشكلة وتبعاتها متعددة الأوجه والتي تهدد أمن واستقرار ورخاء العالم.

عضوية المنظمات الدولية

ومنذ تأسيس الاتحاد حرصت الإمارات العربية المتحدة على تعزيز وتوسيع علاقاتها الدولية من خلال التعاون الوثيق مع المنظمات الدولية، وباتت عضوًا في أكثر من 150 منظمة على مستوى العالم وهو ما يعكس التزامها الراسخ بالتعاون متعدد الأطراف وتحقيق الأولويات الدولية في جميع القطاعات. 

وفي إطار التعاون الدولي وبناء شراكات تعود بالنفع على المجتمع الدولي والأجيال القادمة، والحرص على المشاركة بشكل فاعل في المحافل والمنظمات الدولية .. حضرت دولة الإمارات كدولة ضيفة للعام الثاني على التوالي في اجتماعات وقمة المجموعة بعد مشاركتها الناجحة في قمة إندونيسيا العام الماضي.  

وللمرة الرابعة منذ مشاركتها الناجحة في مجموعة العشرين بفرنسا في عام 2011، تلتزم دولة الإمارات كدولة ضيفة بالعمل مع شركائها الدوليين من خلال إطار عمل مجموعة العشرين لتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية العادلة في جميع أنحاء العالم. 

وخلال القمة الأخيرة، تعكس مشاركة دولة الإمارات في إطلاق التحالف العالمي للوقود الحيوي وفي إنشاء الممر الاقتصادي دورها في دعم وتعزيز التجارة العالمية بفضل امتلاكها واحدة من أقوى شبكات الربط مع الموانئ البحرية واستثمارها على مدار عقود في بناء موانئ عملاقة تُمكنها من خدمة حركة التجارة العالمية بما يضمن التدفق السلس للتجارة والذي يعكس جهودها لتعزيز شراكاتها الدولية والإسهام في تحقيق مستقبل مستدام.

وفي إطار التزامها بالعمل متعدد الأطراف والحوار البناء الذي يتم دعمه من خلال المنصات الفاعلة التي تمثل الاقتصادات النامية والناشئة على المستوى الدولي سيعكس انضمام دولة الإمارات إلى مجموعة "بريكس" في عام 2024 حرصها على التعددية في دعم السلام والتنمية لتحقيق رفاهية وازدهار الشعوب والأمم في جميع أنحاء العالم.

مساعدات خارجية وتنمية

بالإضافة إلى ذلك، تجسد الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في المجتمع الدولي نهجها المتوازن والمسؤول في التعامل مع القضايا العالمية. حيث تواصل نهجها في دعم الشعوب المتضررة من الأزمات والكوارث دون تمييز وتعمل مع الشركاء الدوليين لبناء قدرات الحكومات والشعوب حول العالم. 

ولا تزال دولة الإمارات من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الخارجية قياسا إلى دخلها القومي. فالعمل الإغاثي والإنساني في دولة الإمارات يكتسب تميزه وريادته من عدة سمات، أبرزها أنه عمل مؤسسي يقوم على النهوض به العديد من الجهات الرسمية والأهلية والتي يفوق عددها الـ 43 مؤسسة وهيئة، حيث لا يقتصر على تقديم المساعدات المادية وإنما يمتد أيضا إلى التحرك لمناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل المباشر مع مشكلاتها.

وتمتلك دولة الإمارات تجربة فريدة في مجال العمل الإغاثي والإنساني قائمة على استمرارية التأثير وذلك من خلال استبدال عمليات الإغاثة النمطية بتنفيذ مشروعات تنموية تصب في مصلحة شعوب الدول المستفيدة كبناء المساكن والمستشفيات وبناء محطات الكهرباء وحفر الآبار وهو ما وفّر استدامة توافر الموارد الأساسية والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية في الدول المستهدفة. وتتميز مواقف دولة الإمارات بدعم قضايا التنمية والتعاون الإنساني على مستوى العالم، ما أكسبها مكانة بين أفضل عشر دول مانحة على مستوى العالم.

أبرز جهود وزارة الخارجية في عام الاستدامة ودعمها للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة

أصبح تحقيق الاستدامة هدفاً أساسياً للدول في جميع أنحاء العالم. ومع نشأة الذكاء الاصطناعي (AI) كأداة قوية لمساعدة الحكومات والمنظمات على تحقيق هذه الأهداف، تسعى وزارة الخارجية إلى تقديم خدمات سلسة وشاملة للمتعاملين بما يواكب رؤية "نحن الإمارات 2031" واستراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية 2021-2025.

وقد عملت وزارة الخارجية في دولة الإمارات جاهدة على تسخير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة في الخدمات القنصلية لتحقيق الاستدامة والفوائد المحتملة لهذه المبادرات المبتكرة تنفيذاً لرؤية القيادة الرشيدة في الإمارات العربية المتحدة وتحقيقاً لأهداف "مئوية الإمارات 2071"، وبما ينسجم مع مبادئ الخمسين.

ويعتبر نظام تصديق المستندات الإلكتروني (eDAS) الذي تم إطلاقه في فبراير 2023 منصة رقمية متطورة تسهل عمليات التصديق لمختلف أنواع المستندات الرسمية الشخصية والمستندات التجارية في الإمارات العربية المتحدة. ويتيح النظام للمستخدمين إرسال وثائقهم وطلباتهم إلكترونياً دون الحاجة إلى تقديم المستندات الورقية شخصياً. ويستخدم النظام خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتحقق من صحة الوثائق المقدمة مما يسرع وقت المعالجة ويحسّن من دقة المعلومات.

ومن خلال تسخير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التعرف البصري على الحروف (OCR)، يساعد نظام تصديق المستندات الإلكتروني eDAS في ضمان امتثال الشركات للمتطلبات القانونية والتنظيمية، مما يخلق بيئة أكثر شفافية وأمانًا لكافة أصحاب المصلحة على حد سواء.

ويتميز النظام أيضاً بقاعدة بيانات مركزية تسمح بتنسيق أفضل بين مختلف الجهات الحكومية الشريكة وتعزيز التعاون وجمع البيانات وتبادلها وتحليلها، كما يخلص الفرص لإشراك القطاع الخاص في دولة الإمارات لتحقيق مستهدفات الاستدامة. والأهم من ذلك، أنه ينسجم مع الأهداف التي حددتها الإمارات العربية المتحدة لعام الاستدامة، من خلال تنفيذ إجراءات التصديق باستخدام مخفّض للمستندات الورقية ويخفض البصمة الكربونية.

ومنذ إطلاق النظام، تم إصدار  ما يتجاوز المليون تصديق رقمي، دون الحاجة إلى ملصقات وطوابع على الوثائق. وقد أدى ذلك إلى توفير الوقت للمتعامل والتقليص من استهلاك الورق مما كان له تأثير كبير على البصمة الكربونية للخدمة، وبالتالي ساهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية ودعم التزام الإمارات العربية المتحدة بخفض الانبعاثات والوفاء بالتزاماتها للحد من تأثير تغير المناخ.

وفي ما يتعلق بالاستدامة فقد تبنت وزارة الخارجية في دولة الإمارات الاستدامة في كافة خدماتها، حيث تلتزم وزارة الخارجية التزامًا راسخًا بالحد من انبعاثات الكربون وتعزيز ممارسات كفاءة استخدام الطاقة وذلك من خلال تبنيها لنهج ثلاثي الأبعاد يشمل الركائز البيئية والاجتماعية والاقتصادية للاستدامة.  

تتبع وزارة الخارجية نهجاً شاملاً للاستدامة المؤسسية، وفي هذا السياق، قامت وزارة الخارجية بتطوير 12 مبنى مستداما في عدد من بعثات دولة الإمارات في الخارج بالإضافة إلى بعض المباني الخاصة بالوزارة داخل دولة الإمارات.  كما تعمل الوزارة في الوقت الحالي على إضافة 10 مبان خضراء أخرى قيد التطوير، صُممت لتحقق الكفاءة في استهلاك الطاقة والحفاظ على الموارد وتقليل البصمة الكربونية.

وأطلقت وزارة الخارجية البعثة الذكية التي تهدف إلى تحسين كفاءة وجودة الخدمات القنصلية التي تقدمها بعثات دولة الإمارات في الخارج وإمكانية الوصول إليها من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة.

ومن خلال هذا المشروع، تسعى وزارة الخارجية أيضًا إلى المساهمة في جهود الحكومة لرفع الجاهزية الرقمية، من خلال ضمان حصول المتعاملين على خدمات قنصلية قائمة على الذكاء الاصطناعي لتقديم المساعدة القنصلية الافتراضية للمواطنين والمقيمين، مما يقلل من الحاجة إلى الزيارات الشخصية ويوفر الوقت والطاقة والموارد. 

ويُظهر اعتماد الإمارات العربية المتحدة على الذكاء الاصطناعي في الخدمات القنصلية التزام دولة الإمارات بتسخير التكنولوجيا في مسار التنمية المستدامة. فمن خلال تبسيط العمليات، والاستفادة المثلى من الموارد، وتعزيز الأمن، وتقديم المساعدة الافتراضية، تخطو الإمارات خطوات واسعة نحو تحقيق أهداف الاستدامة.

ويعتبر ما تمّ سرده ليس سوى جزء ممّا حققته دولة الإمارات خلال هذا العام فيما تمضي بخطى ثابتة قدماً نحو المستقبل، مواصلة مسيرتها الخيرة على طريق البناء والإنجاز والتميز والريادة مع تعزيز قيم والسلام والتعاون والتسامح والتعايش والتكاتف والعطاء.