واصل مؤتمر "الإسلام والأخوة الإنسانية" الذي ينظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالشراكة والتعاون مع وزارة التسامح والتعايش، والمنصة الجامعية لدراسة الإسلام "PLURIEL"، اليوم، أعماله لليوم الثاني، على التوالي، وتناول جملة من المحاور المهمة، من بينها التحديات الجيوسياسية لوثيقة الأخوة الإنسانية وإشكالية فهمها وارتباطها بحقوق الأقليات.

وقال الدكتور محمد البشاري، أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، في الجلسة الأولى بعنوان "وثيقة الأخوة الإنسانية: رؤية إسلامية للتعايش العالمي وحماية الكرامة الإنسانية"، إن الوثيقة حملت من الأفكار ما لا يحتاج إلى مزيد من التأمل أو التنظير، وشملت من المحاور ما يغطي أهم القضايا العالمية التي تحتاجها البشرية للسير في طريق الازدهار والاستقرار والسلام، داعيا الباحثين والمفكرين إلى نقل هذه الأفكار إلى دائرة العمل.

بدوره أشاد الإمام محمد توحيدي، نائب رئيس المجلس الإسلامي العالمي لعلماء الدين بجهود دولة الإمارات لتعميم السلام في المنطقة وفي العالم أجمع، وقال إن هناك الكثير من النقاط المشتركة بين الديانات السماوية الثلاث التي تعد الركيزة الأولى للسلام والأخوة الإنسانية والتعايش المشترك.

من جانبه تحدث إيمانويل بيساني، مدير معهد الدراسات الشرقية بالدومنيكان والقاهرة وباريس، عن العلاقة الوطيدة بين الإسلام والمسيحية ودور رجال الدين في تحقيق الأخوة بين المسلمين والمسيحيين ونبذ الأفكار المتطرفة، مشيرا إلى جهود المؤسسة التي يعمل بها، وخاصة فرعها في القاهرة، ودورها في تدريب الشباب وغرس مفاهيم الأخوة والتعايش بين الجميع، وهو ما أقرته تعاليم المسيحية والسيد المسيح.

بدوره أكد دييغو ساريو كوكاريلا، عميد المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية بروما، أن وثيقة الأخوة الإنسانية تبعث على الأمل في سياق عالم تطغى عليه حالة عدم اليقين، والخوف من المستقبل، وتسيطر عليه مصالح اقتصادية قصيرة النظر. وقال إن القوة الدافعة الرئيسية للوثيقة، والتي لا يتم الالتفات إليها بشكل كافٍ دائماً، هي الأمل، وإن هناك "أملاً عميقاً في مستقبل مشرق لجميع البشر"،

وحول "التحديات الجيوسياسية لوثيقة الأخوة الإنسانية، قال فلافيا كورتيليزي، من جامعة إنسوبريا بإيطاليا، إن وثيقة الأخُوّة الإنسانية تعزز الحوار بين الأديان، مع التركيز على حقوق المرأة، وحماية الطفل، والحريات السياسية، مشيراً إلى أن المرجعيات الدينية تلعب دوراً في تحقيق هذه الأهداف من خلال الحوار والتنمية والتعاون الدولي والتعاون الإقليمي، ومشاريع الاستقرار والتنمية البشرية، وأنه يمكن لرجال الدين أن يلعبوا دوراً رئيسياً فيها.

من جانبه قال ستيفن سكاليت، الخبير بمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن الحوار بين الأديان يمكن أن يقلل من الصراعات العالمية، مشيرا إلى المجالات التي يمكن لهذا الحوار أن يشارك فيها، مثل إعادة تقييم التحالفات الجيوسياسية، وتوسيع التعاون الاقتصادي، وخلق الروابط الاقتصادية والثقافية الأكبر مساحة للحوار بين الأديان ضمن إطار تعاون مترابط عالمياً، ومجابهة التغيرات المناخية.

من جانبه ذكر سماعين جلا، من جامعة الجزائر "3"، أن أي تحليلٍ مُقارَن لـ"وثيقة الأُخوَّة الإنسانية" مع "مقارَبات العلاقات الدولية وحل النزاعات" يُظهِر تميُّزها في إعطاء دور مهم للدّين في الشؤون الدولية، وقال إن الوثيقة تشتمل على مبادئ متميزة، مثل الأخُوَّة والتسامح والدافع الإيماني للأخُوّة، وتسعى إلى حل النزاعات وتحقيق العدالة والتربية على مبادئ الأخُوّة.

من ناحيته أوضح أنطونيو أنجيلوتشي، من جامعة إنسوبريا، كومو بإيطاليا، أن المؤسسات الدينية يمكن أن تشارك بشكل أكبر في التنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، ومجابهة آثار التغير البيئي، ومكافحة الفساد، وهي أمور تنعكس على الأخُوّة الإنسانية والموضوعات المتصلة بها.

أما ديرك أنسورج الأستاذ بكلية الفلسفة واللاهوت في سانكت جورجين فرانكفورت بألمانيا، فقارن أُطُر ومقاربات حماية أماكن العبادة في القانون العلماني وفي التقاليد الدينية وذلك في ضوء إعلان أبوظبي للأخُوّة الإنسانية واقترح بعض الأطر القانونية التي يمكنها أن تضمن ممارسات دينية حرة وحيوية، مع منع الاستغلال السياسي لدُور العبادة في الوقت نفسه.

من جانبه أوضح محمد الظهوري، الباحث بمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن وثيقة الأخُوّة الإنسانية تعكس مقاربة الإمارات في تعزيز التعاون والتعايش بين البشرية، وترتبط برؤية الدولة للمستقبل التنموي، مشيراً إلى أن الوثيقة تحث على المصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان وتعزز قيم التعارف والتعاون والتعايش.

وفي مداخلتها أمام المؤتمر، ذكرت ميريام دي ماركو، الأستاذة بكلية اللاهوت، لوغانو بإيطاليا، أن وثيقة الأخُوّة الإنسانية، تتميز بروح المصالحة التي انعكست في الاتفاقيات الإبراهيمية اللاحقة، وقالت إن المبادرتين تعكسان ضرورة بناء مستقبل مشترك يلعبُ الدّين في تحقيقه دورا مهما خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.

وتناول المحور الثاني من مناقشات اليوم الثاني لمؤتمر الأخوة الإنسانية، موضوع "إشكالية فهم الإخوة الإنسانية"؛ حيث ذكر مايكلا نيولينجر، من معهد اللاهوت، بجامعة إنسبروك بالنمسا، أن القضية المتنازع عليها حول كرامة المرأة وحقوقها في العلاقات بين الأديان خاصة في الحوار المسيحي الإسلامي هي قضية معقدة مشيراً إلى أن وثيقة الأخُوّة الإنسانية خصصت مساحة لحقوق المرأة.

وقال أمين إلياس، من الجامعة الأنطونية بلبنان، إن مصطلح "الأُخوّة" موجود في القرآن الكريم، وإن الأزهر يسعى إلى تحديث فكرة الأخُوّة وربطها بحرية الضمير والمواطنة وحقوق الإنسان، مشدداً على أن هذا النهج وتلك الوثائق تعزز الأخُوّة؛ نظراً لقيمتها العالمية.

من جانبه أوضح الدكتور وائل صالح، الخبير في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن "أنواع التديّن باسم الإسلام والمسيحية تؤكد ضرورة أن يكون الحوار مبنيّا على أسس أخرى "غير الدين"، واقترح حوارا بين الرؤى الأخلاقو-أنطو-معرفية، كبديل أو مكمّل للحوار بين الأديان والثقافات.

وأوضح الباحثان في مركز تريندز، سلطان العلي، وحمد الحوسني، في مداخلتهما كيف تنص وثيقة الأخُوّة الإنسانية، على أن "التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعِرْق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلاً ثابتاً تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر.

من جانبه قدم جاومي فلاكير، من كلية اللاهوت، بجامعة لويوال، في غرناطة بإسبانيا، نتائج 30 مقابلة من خلال استبيان حول الوثيقة وتأثيرها على المجتمعات وتقييمها، ودرجة تأثيرها على الواقع.

إلى ذلك سلط علي مصطفى من الجامعة الكاثوليكية في ليون بفرنسا، الضوء على كيفية التعامل مع التحولات الدينية والاختلافات في المعتقدات والممارسات والزواج بين الأديان في السياق العائلي الكاميروني من خلال الحالتين المدروستين.

واختتمت مناقشات اليوم الثاني من المؤتمر بمحور الأخوة الإنسانية وحقوق الأقليات؛ حيث أكد ألكسندر فيراري، من جامعة إنسوبريا في كومو بإيطاليا أن فكرة "الأقلية الدينية" تشكل عقبة أمام المواطنة والتعددية، وأنه يمكن لوثيقة الأخُوّة الإنسانية ومبادئها أن تمثل الحل لتلك المعضلة.

من جانبه رأى يوسف بوطاهر، من المدرسة العليا للأساتذة بفرنسا، أنه لا يمكن تنفيذ الإطار القانوني للمواطنة المتساوية أو الكاملة كما ورد في كلا الإعلانين من دون درجة معينة من قبول الدولة للتنوع الديني.

وأكد أردوان مصطفى إسماعيل، من جامعة صلاح الدين، أن الرابطة الإنسانية التي أقرها الإسلام صراحة، تقتضي تعاوناً وصلة حقيقية وحواراً بين الأخوة في الإنسانية، لافتا إلى أنه ليس ثمة معنى للأخُوّة من غير هذا التعاون.

بدورها سلطت ندى أمين، من جامعة لوميير ليون 2 بفرنسا، الضوء على تعقيدات الحالة الدينية في مصر، التي تتطلب بحسب مداخلتها تنسيقاً أكبر وأعمق بين النصوص القانونية والدستورية للدولة.

من جانبها أوضحت هيلين ري، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في "كينجز كوليدج لندن" بالمملكة المتحدة في مداخلة بعنوان "إعادة تصوّر حقوق الأقليّات العرقية والدينية في العراق.. المقاربة النِّسْوية ومدرسة ما بعد الكولونيالية"، أن المقاربات التقليدية تجاه التنوّع العرقي والديني في الشرق الأوسط، تساعد على استمرار المشاكل وليس حلها، واقترحت تطبيق مقاربات الدراسات النسوية وما بعد الكولونيالية في هذا المجال.

أما فيرجيل توماس، من جامعة ميركاتوروم بإيطاليا، فلفت إلى أن وثيقة الأخُوّة الإنسانية تؤكد أهمية حرية المعتقد والمواطنة الكاملة على أساس المساواة، ورفض التمييز ضد الأقليات.

بدورها تحدثت زهرة أزيد زميرلي، من جامعة باريس بفرنسا، عن "المواطَنة الكاملة" مشددة على أهمية استبدال مصطلح "الأقليّات" والمصطلحات المتصلة به وتبنِّي مصطلح المواطنة والمبادئ المرتبطة به.