يعد تمكين الشباب محوراً ثابتاً في أجندة القمة العالمية للحكومات، التي جسدت منذ انطلاقها رؤية قيادة الإمارات الرشيدة، في صناعة المستقبل والارتقاء بالعمل الحكومي، إلى آفاق تمكنه من الاستثمار الأمثل في الإنسان، ومنح الشباب فرصة المشاركة في صنع القرار، ومنصة عالمية تستعرض تجارب الدول، وبخاصة تجربة الإمارات في هذا المجال، التي تلهم العالم في الاستثمار في تمكين الشباب، وتشجيعهم على الابتكار من أجل بناء مستقبلٍ أكثر استدامة.
وحرصت حكومة الإمارات على أهمية الاستثمار في شبابها، وتقديم الدعم لهم، وتوفير الفرص التي تمكنهم من تحقيق أقصى درجات الاستفادة من قدراتهم، وتعكس الأجندة الوطنية للشباب في الدولة الطموح الكبير للقيادة الرشيدة في تعزيز مسيرة التنمية، وبناء جيل من الشباب المنتج، يتمتع بروح المبادرة والريادة، ويجسدون القيم الإماراتية.
جهود
وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على تعزيز جهود الشباب، بمنحهم الفرصة ليكونوا القادة المؤثرين والملهمين في المستقبل، وأطلق سموه، وفي أغسطس 2018 «المبادرة العالمية لشباب الإمارات»، بهدف تفعيل دور الشباب في تحقيق الريادة، وتعزيز سمعة دولة الإمارات، ومكانتها عالمياً، من خلال شبابها، وتعزيز الروابط بينهم وبين نظرائهم من شباب العالم.
وتم تأسيس «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل»، الذي يهدف إلى ربط الشباب بقادتهم، عبر تجارب تعليمية مبتكرة، تساعد الجيل القادم من القادة على التواصل مع شخصيات فكرية رائدة، تدعمهم في صقل مهاراتهم، واكتساب خبرات تمكنهم من التطور مهنياً، وتطوير قدرات الشباب لإعدادهم للمستقبل، حيث سيحظى قادة الإمارات المستقبليون بالفرص، وسيواجهون التحديات، وسط عالم سريع التطور، يقوم على الأفكار والتكنولوجيا. يرسخ المجلس مفهوم القيادة القائمة على القيم والتعلم المستمر مدى الحياة.
وأطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله «الأجندة الوطنية للشباب»، في أكتوبر 2016، والتي تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، التي من شأنها تعزيز مشاركة الشباب في مسيرة التنمية الاقتصادية لدولة الإمارات، وذلك من خلال العمل على تهيئة البيئة المناسبة، التي من شأنها المساهمة في إيجاد جيل من الشباب المشارك والمساهم بفعالية في تشكيل الأجندة المحلية والعالمية.
وفي عام 2018، اعتمد مجلس الوزراء إنشاء المؤسسة الاتحادية للشباب، وكانت مبادرة إنشاء المؤسسة في البداية تهدف إلى ربط الشباب بكل سلطة من سلطات الحكومة، وكان المبدأ المتبع هو «بمجهود الشباب، ومن أجل الشباب، وبمشاركة الشباب». وهذا ما مهد الطريق لوضع استراتيجية وسياسة الشباب، كجزء من القطاعين العام والخاص.
وتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب، والتي تستثمر في طاقة الشباب، من خلال تطوير بيئة مواتية لنموهم وتطورهم، وضمان مشاركتهم في كافة المجالات، وتستند الاستراتيجية الوطنية للشباب إلى 5 تحولات رئيسة خلال 20 عاماً من حياة الشباب، حيث يمر الشباب بمراحل تحول جذرية خلال الفترة العمرية من 15 إلى 35 سنة.
وتسعى دولة الإمارات إلى صقل شخصية الشباب الإماراتي، والبناء على قيم المجتمع الأساسية، مثل الاندماج المجتمعي، والتسامح، والأسرة، والالتزام بالتميز، وتم تنظيم خلوة شبابية على مدى يومين، لمناقشة وتطوير أجندة الشباب، جمعت الخلوة أكثر من 100 شاب إماراتي، لمناقشة مقترحات عن قضايا مهمة ذات صلة بمستقبل الدولة، وللخروج بأفكار واستراتيجيات إبداعية ومستدامة، لتحقيق آمال وطموحات الشباب الإماراتي، بحضور عدد من الوزراء، للتواصل مع الشباب في عملية صنع القرار والسياسات.
كما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حواراً وطنياً حول الشباب، عبر حسابه على منصة «إكس»، لتقديم أفكار واقتراحات لسبل تمكين ودعم الشباب، والتعبير عن أحلامهم وطموحاتهم ومخاوفهم.
منتدى
وأفردت القمة العالمية للحكومات في أجنداتها منتدى خاصاً بالشباب، والذي شكّل فرصة لطرح حلول مبتكرة لقضايا الشباب، وأبرز التحديات التي تواجههم، من خلال منصة القمة التي شكلت حواراً هادفاً وعملاً مشتركاً بنّاء، لكتابة فصل جديد في العمل الحكومي المستقبلي، وبناء منظومة فرص جديدة للشباب، وتمكين الحكومات من استباق تحديات المستقبل.
ويعتبر منتدى الشباب العربي، أحد أبرز المحطات العشر الجديدة في الدورة الخامسة للقمة، وجمع منتدى الشباب العربي الأول من نوعه على مستوى العالم العربي، نخبة من الشباب المتميزين والمؤثرين، يمثلون 22 دولة عربية، ممن تم اختيارهم من خلال تعاون سفارات دولة الإمارات في الوطن العربي مع المؤسسات والمنظمات المعنية بالشباب، بناء على إنجازاتهم المهنية والأكاديمية، وتأثيرهم الإيجابي في مجتمعاتهم.
الشباب العربي
وأعلن سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، عن تأسيس مركز الشباب العربي في عام 2017، خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات، كثمرة لنتائج استراتيجية الشباب العربي، التي قدمت رؤيتها لتمكين الشباب العربي، وتعزيز ريادته في المجالات المختلفة، وأتاح المنتدى الفرصة للاستماع إلى اقتراحات الشباب، وتبادل الآراء والرؤى حول القضايا العامة، بما يشكل خطوة متقدمة لتحقيق مشاركة أكبر وأكثر فاعلية للشباب في المجتمعات العربية.
ويعمل المركز على مبادرات يقودها الشباب العربي، ليخلق فضاءات أوسع، تتيح لهم الإسهام في الجهود والمساعي الوطنية للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى نشر تقارير ودراسات سنوية حولهم. كما يختص المركز بتنظيم المشاريع والملتقيات والفعاليات التي تسلط الضوء على مواضيع تهم الشباب العربي حول العالم.
القيادات الشابة
وعقد «مركز الشباب العربي»، بالشراكة مع القمة العالمية للحكومات 2022 «الاجتماع العربي للقيادات الشابة»، الهادف لتعزيز العمل الشبابي، واستشراف وتطوير سياسات فاعلة في مجال تمكين الشباب وتطوير قدراته، وتعزيز فرصه للمشاركة في البناء والتنمية وتصميم المستقبل.
وتميز الاجتماع الأول من نوعه، الذي انطلق بمشاركة واسعة من وزراء الشباب العرب، ومسؤولين من منظمات دولية وإقليمية، إلى جانب نخبة من صناع القرار في قطاعات العمل الشبابي، ومصممي السياسات المعنية بالشباب عربياً وعالمياً، لبحث طموحات الشباب، وسبل الاستفادة من الفرص المتاحة أمامهم، وفتح آفاق جديدة لهم، وتصميم مبادرات واستراتيجيات قابلة للتطوير والتوسع.
لتمكين الكفاءات والمواهب الشابة في مجتمعاتها، وتعزيز مساهمتها محلياً وإقليمياً وعالمياً في مسارات التنمية والإبداع والابتكار والتفاعل الفكري والتواصل الإنساني، وتوفير إطار تنظيمي مشترك لقطاع العمل الشبابي العربي، ووضع أسس واضحة، تعرّف ركائزه وآفاق تنميته وتوسيعه.
وركزت النسخة الثانية من الاجتماع العربي للقيادات الشابة في الدورة الماضية للقمة، على علاقة الشباب بالهوية واللغة العربية، ونظرة الشباب العربي إلى العالم، وانطباعات العالم عنه، والسردية التي تقدمها المنطقة العربية لتعزيز صورة الشباب العربي، وتقديم انطباعات إيجابية صحيحة عن البلاد العربية، وكفاءاتها ومواهبها الشبابية، ورؤاها المستقبلية الطموحة، وحرصها على تحويل التحديات إلى فرص.
وتحت رعاية سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس مركز الشباب العربي، تستضيف القمة العالمية للحكومات 2024، فعاليات النسخة الثالثة من «الاجتماع العربي للقيادات الشابة»، بحضور 15 من الوزراء الشباب العرب، وأكثر من 20 صانع قرار، ورؤساء المؤسسات الشبابية، وأكثر من 100 شاب من قادة مؤسسات العمل المجتمعي التنموي، وما يزيد على 32 متحدثاً في مختلف التخصصات والميادين.
جلسة وزارية
وضمت الدورة الماضية للقمة جلسة وزارية شبابية موسّعة، أقيمت بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، مجموعة من القيادات العربية الشابة في مختلف القطاعات والتخصصات، وعدد من الوزراء ووزراء الشباب العرب، وبحثت أبرز قضايا جوهرية تهم الشباب، بما في ذلك هوية الشباب العربي وصورته وحضوره العالمي، والسمات التي تميّزه للبناء عليها.
وتؤمن القيادة الرشيدة في الإمارات بالشباب، وتنظر إليهم على أنهم أغلى ما تملك لبناء مستقبل الوطن وتعزيز ريادته، ومن هذا المنطلق، حرصت على إعطاء الأولوية القصوى لتلبية احتياجات ومتطلبات الشباب، وخصص مجلس الوزراء منصباً لوزير الدولة للشباب، وهو ما يثبت الثقة الكبيرة التي توليها الحكومة للشباب.
كما تحرص دولة الإمارات على تمكين الشباب، وتوفير البيئة الداعمة لإبداعاتهم، وإعطائهم فرصة للتعرف إلى آرائهم وطموحاتهم وأحلامهم، وانتقاء الجيد والأفضل منها، وتعزيز روح المبادرة والريادة، وتشجيع الشباب على خوض التجارب للتعلم منها، وريادة الأعمال الناجحة، وتقديم البرامج التدريبية التي تسهم في صقل مهاراتهم، وتزودهم بمهارات المستقبل، وذلك ضمن رؤية متكاملة، تستهدف مواصلة مسيرة الإنجاز والبناء.
وتفعيل الدور البنّاء لفئة الشباب، واستثمار طاقاتهم الإبداعية في تحقيق مستقبل متميز، يحلم به جميع أبناء الوطن، وتوفير البيئة المناسبة لتنشئة الأجيال القادمة، وتركيز الاهتمام على تطوير وتنظيم المجتمع، من خلال الاهتمام بوسائل الاتصال الحديثة، التي تسهل الوصول لشريحة كبيرة من الشباب، وتوفير التنمية المستدامة للشباب، ليكونوا دعامة أساسية للوطن، وإعدادهم ليكونوا قياديين في المستقبل.
مشاركة فاعلة
وقامت دولة الإمارات بالعديد من الخطوات، لضمان المشاركة الفاعلة للشباب، والاستماع إلى آرائهم، وتعزيز روح القيادة لديهم.
وتعزيزاً لهذه الغاية، قامت بتعيين وزير دولة للشباب، وهي في عمر 22، لتصبح أصغر وزيرة في العالم. كما قامت بعدة مبادرات لتعزيز الهوية الوطنية للشباب وروح الانتماء.
إضافة إلى إنشاء مجلس الإمارات للشباب، الذي يمثل تطلعات وقضايا الشباب لدى الحكومة، فحرصت حكومة الإمارات على توفر خدمات مصممة لتمكين الشباب ورعايتهم، وشملت هذه الخدمات، توفير التعليم الجامعي المجاني، والمنح الدراسية، والتدريب المهني والوظائف، ورفد مهاراتهم وتطوير قدراتهم، وتوفير مرافق رياضية بمواصفات عالمية، وما إلى ذلك.
تجربة رائدة
وقدمت دولة الإمارات خلال القمة العالمية للحكومات، تجربة رائدة وملهمة في تمكين الشباب واستثمار طاقاتهم، وتعد منتديات الشباب بالقمة العالمية للحكومات، فرصة لطرح حلول مبتكرة لقضاياهم، ومنصة لصناعة الأمل للشباب العرب، وتحمل رسائل إيجابية لهم.
وشكلت جائزة تحدّي الجامعات العالمية لاستشراف حكومات المستقبل، التي تقدمها القمة العالمية للحكومات، علامة مضيئة في مسيرة تمكين فئة الشباب، والاحتفاء بنخبة من ألمع العقول لاستشراف مستقبل الحكومات حول العالم، تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في تمكين جيل الشباب من صناعة المستقبل، وتحفيز المواهب والعقول من كل أنحاء العالم على ابتكار آليات للعمل الحكومي، تسهم في إيجاد حلول للتحديات التي تواجه البشرية.
رهان المستقبل
تسعى حكومة الإمارات إلى الوصول إلى نطاق عالمي، يهدف إلى تقديم الشباب الإماراتي كنماذج رائدة، يحتذى بها من مختلف شباب العالم، إذ يعد تمكين الشباب أحد أهم محاور المبادرات التي تطلقها وتنتهجها الإمارات في رحلتها للعبور إلى المستقبل، انطلاقاً من إيمانها بأن مسيرة بناء التنمية الناجحة تتحقق من خلال الشراكة الحقيقية مع الشباب، إذ تعتبر الإمارات شبابها «رهان المستقبل»، لذلك يتصدر تمكينهم أولوية القيادة الرشيدة، والاستراتيجيات الوطنية.
وتكللت مسيرة تمكين الشباب في دولة الإمارات، ببرامج ومبادرات مبتكرة، واستراتيجيات عمل تنموية رائدة، شكلت رؤية جديدة، ومنهجاً ملهماً في استثمار قدارتهم، وتحفيزهم على الإنتاج والإبداع، وأثمرت هذه المسيرة نجاحات كبيرة، ممهورة بنموذج إماراتي ملهم للشباب في جميع دول العالم، تمكن من ترك بصمته في العديد من الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية في دولة الإمارات، في مختلف المجالات، ترجمت الثقة الكبيرة من القيادة بقدرات وطاقات الشباب، وإمكاناتهم الكبير في التعامل مع التحديات، وباتت الإمارات من أكثر الدول استعداداً وجاهزية في مجالات استشراف المستقبل وتمكين الشباب.