أكد محمد يوسف الشرهان، مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن القمة نجحت منذ انطلاقها في عام 2013 في ترسيخ مكانتها كأحد أبرز المنتديات العالمية تأثيراً وقدرة على صنع الفارق في استشراف المستقبل، وشكلت عبر دوراتها المتتالية تجسيداً واقعياً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الهادفة إلى تطوير منصة عالمية لصناعة المستقبل، كما ترجمت القمة رؤية سموه الملهمة في قيادة التطوير واستدامة التنمية، ومشاركة العديد من الخبراء والمبتكرين والمفكرين من مختلف أنحاء العالم رؤى دولة الإمارات وتطلعاتها لخدمة البشرية وتوجهاتها لإلهام المبدعين حول العالم، والارتقاء بسعادة الإنسان وجودة حياته، إلى جانب تسليحه بالعلوم والمعارف المستقبلية ليواصل مسيرة التطور البشري والنهوض بالحضارة.
وقال في حوار مع «البيان» لعبت القمة دوراً رائداً في مساعدة الحكومات على وضع سياسات واستراتيجيات وخطط استباقية للارتقاء بجاهزيتها، بما يحقق أهدافها الرئيسية في خدمة المجتمعات، إلى جانب المساهمة في رسم التوجهات الاستراتيجية للحكومات العالمية لصياغة ملامح المستقبل القائم على المعرفة والابتكار، فضلاً عن دورها في الإجابة عن أسئلة المستقبل.
جاهزية
وأضاف: تمثل القمة العالمية للحكومات منصة لاستشراف أهم التطورات في العالم اقتصادياً وصحياً، إذ توقعت منظمة الصحة العالمية من منصة القمة، إمكانية تفشي وباء عالمي يقتل الملايين، ويتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، وبالفعل هذا ما حدث عند تسجيل أول إصابة بجائحة «كوفيد19» عام 2019، ومثّل الاستشراف وتعزيز الجاهزية للتحديات العنصر الأهم في معادلة الحكومات التي نجحت في اختبار الجائحة.
وفي إطار حرص القمة على استشراف فرص وتحديات القطاعات المستقبلية الحيوية، بما يدعم جهود تمكين الحكومات وتعزيز جاهزيتها للمستقبل، نظمت القمة منتديات وجلسات لمناقشة التطوير والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي وآفاقه المستقبلية، واستضافت القمة في عام 2017 إيلون ماسك مالك شركتي «تسلا» و«X» في جلسة حوارية لتسليط الضوء على العديد من القضايا المحورية التي تشغل عالمنا اليوم والتنبؤات حول التغيرات المستقبلية في الكثير من القطاعات وأثر ذلك على الناس والمجتمعات، كما استضافت القمة في الدورة الماضية إيلون ماسك عبر تقنية الاتصال المرئي، وتحدث عن العديد من الموضوعات المرتبطة بالتغيرات العالمية والتطور التكنولوجي السريع وتأثيره على البشرية.
10 أعوام
وأوضح أن القمة جمعت خلال الأعوام العشرة الماضية أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة و2500 وزير، وشهدت أكثر من 1550 متحدثاً وما يزيد على 38,000 مشارك، واستضافت أكثر من 1600 برنامج وجلسة حوارية، وأصبحت القمة منصة معرفية شاملة. وتابع: يشارك في فعاليات الدورة الحالية من القمة والتي تعقد خلال الفترة من 12 - 14 فبراير الجاري، رؤساء دول وحكومات، وأكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية، بالإضافة إلى 120 وفداً حكومياً ونخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين، وبحضور أكثر من 4000 مشارك، كما تستضيف 15 منتدى عالمياً، وتبحث التوجهات والتحولات المستقبلية العالمية الكبرى في أكثر من 110 جلسات رئيسية حوارية وتفاعلية، يتحدث فيها 200 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل، إلى جانب عقد أكثر من 23 اجتماعاً وزارياً وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من 300 وزير.
تجربة
وبين الشرهان أن الإمارات تحرص بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، على تعزيز التعاون الدولي والمساهمة في تطوير كفاءة الحكومات حول العالم، وتعزيز قدرتها على ابتكار الحلول واستباق التحديات واستشراف المستقبل، مشيراً إلى أن القمة العالمية للحكومات تبرز تجربة الإمارات الناجحة في الإدارة والقيادة الحكومية الطموحة، وتصميم الاستراتيجيات والخطط لضمان تحقيق التنمية المستدامة، كما تؤكد القمة الدور الحيوي لدولة الإمارات على الصعيد العالمي عبر إسهامها الفاعل في بلورة الرؤى الدولية والحلول المبتكرة لمساعدة الحكومات على مواجهة التحديات المختلفة وابتكار نماذج عمل جديدة لبناء مستقبل أفضل للبشرية.
شراكات
ولفت إلى أن القمة العالمية للحكومات تجمع أكبر المنظمات الدولية لمناقشة التحديات المستقبلية ووضع أفضل الحلول لها، إذ تعقد أبرز المنظمات الدولية في إطار شراكتها مع القمة اجتماعات ولقاءات خلال الفعاليات، بهدف تطوير منصة عمل مشتركة لتوحيد جهودها وتعزيز مرونة الحكومات وجاهزيتها للمستقبل، مبيناً أن وفد مؤسسة القمة العالمية للحكومات أجرى جولة في عدد من العواصم العالمية استعداداً للدورة الحالية من القمة تم خلالها عقد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات الثنائية رفيعة المستوى، مع قادة عدد من المنظمات الدولية، لبحث سبل تعزيز التعاون وتوسيع آفاق الشراكات القائمة بين القمة وهذه المنظمات، وتشارك في القمة هذا العام أكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية، حيث يحضر أكثر من 27 رئيس منظمة.
مساهمات
وذكر أن القمة تشكل منصة جامعة للتعاون والشراكات الدولية الهادفة لتبادل المعرفة والخبرات والمشاركة في تصميم مستقبل الخدمات الحكومية، كما تحرص على تنظيم منتديات وجلسات متخصصة لدعم جهود الحكومات في توظيف التطورات التي تشهدها تطبيقات التكنولوجيا، لتعزيز قدراتها ودعم مؤسساتها في مواجهة المتغيرات والتحديات وتصميم وتقديم خدمات أفضل تعزز جودة الحياة وترتقي بتجارب المتعاملين.
وتم خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات 2023 إطلاق دليل الخدمات الحكومية العالمي 2023، الذي يوفر معايير ومؤشرات أداء رئيسية عالمية هي الأولى من نوعها لتطوير الخدمات الحكومية، بهدف تزويد الجهات الحكومية حول العالم بأفضل الممارسات والمراجع لتطوير الاستراتيجيات المستقبلية. وقدم الدليل 138 توصية للحكومات، مصنفة في 14 مجموعة، ويتبنى نهجاً متدرجاً لتمكين الحكومات من الارتقاء بتجارب متعامليها.
نمو اقتصادي
وأشار إلى أن القمة تمثل فرصة مهمة لمناقشة آفاق النمو الاقتصادي العالمي، وسبل الارتقاء بمعدلاته وكيفية مواءمة النجاحات الاقتصادية مع الأبعاد الاجتماعية والإنسانية، كما تساعد القمة الحكومات حول العالم في وضع السياسات والرؤى وخطط العمل الناجعة لخدمة الاقتصادات الوطنية بما ينعكس إيجاباً على فرص تحقيق التنمية الشاملة.
وتابع: ستركز القمة العالمية للحكومات هذا العام على 6 محاور رئيسية ملحة في الوقت الجاري، منها محور الرؤية الجديدة للتنمية واقتصادات المستقبل الذي يسلط الضوء على حاجة المجتمعات إلى تعزيز التكيف والابتكار السريع للمحافظة على تنافسيتها.
وضمن جهود القمة العالمية للحكومات لاستشراف مستقبل الاقتصاد العالمي، أطلقت القمة بالشراكة مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تقرير «مؤشر التنوع الاقتصادي العالمي»، الذي يمثل أول تقييم عالمي شامل للتنويع الاقتصادي يتيح إجراء مقارنة عالمية عبر الدول ومقارنة إقليمية مع تصنيف البلدان حسب تنوع اقتصاداتها. وأُعد المؤشر ليكون أداة متقدمة تستخدمها الدول في صنع السياسات والقرارات، وليتيح لها مشاهدة ترتيبها العالمي على كل مقياس من مقاييس التنويع (الإنتاج، الإيرادات الحكومية، التجارة)، ضمن فئتها على مستويات الإقليم والعائدات والموارد الطبيعية. وتسهم بيانات المؤشر في توفير التحليلات اللازمة لرسم مسارات سياسات الحكومات والمؤسسات الدولية في مختلف أنحاء العالم.
تأثير
وقال محمد الشرهان: تتيح القمة العالمية للحكومات فرصة لعرض التجربة الإماراتية الاقتصادية الملهمة والاطلاع عن كثب على تجارب العالم، إلى جانب تعزيز التعاون المشترك مع دول العالم في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والطيران والسياحة والخدمات اللوجستية إلى جانب تعزيز التعاون في قطاعات الاقتصاد الجديد.
وذكر أن القمة تبحث مجموعة من التوجهات العالمية في مجالات الاقتصاد، والصحة، والتعليم، والمجتمع، والشباب، وأسواق العمل والتنمية، وتمكين المرأة، ومستقبل المدن، وبناء القدرات والمواهب، والاستدامة والبيئة والتغير المناخي، إضافة إلى الدور المستقبلي للتكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وغيرها.
وتركز القمة في كل دورة على أبرز المحاور التي تشغل أجندات حكومات العالم، إضافة إلى الاستفادة من مخرجات القمة من خلال إطلاق عشرات التقارير بالتعاون مع كبرى المؤسسات والشركات الاستشارية والمراكز البحثية العالمية والتي تقدم أفكاراً لحلول وتوصيات عملية، تتيح للحكومات والمجتمعات والأفراد العمل معاً، والاستعداد لمستقبل أفضل للبشرية، إضافة إلى استشراف مستقبل مختلف القطاعات الحيوية، وتحديد أهم الأولويات والإستراتيجيات التي يجب التركيز عليها. وستطلق القمة العالمية للحكومات 2024 مع نخبة من شركاء المعرفة سلسلة من التقارير الاستراتيجية تتجاوز 25 تقريراً تركز على أهم الممارسات والتوجهات في القطاعات الحيوية.
مسح عالمي للوزراء يستهدف آراءهم حول قضايا دولية بارزة
أوضح محمد يوسف الشرهان أن القمة العالمية للحكومات تحشد جهود الجميع من أجل خير البشرية في نهج من التعاون الدولي، وتهدف إلى تحفيز فرصه وتعزيز الشراكات العالمية لاستشراف حلول مبتكرة تتصدى للتحديات العالمية المشتركة، لافتاً إلى أنه ضمن مبادراتها الهادفة إلى تعزيز التعاون الدولي، أطلقت القمة العالمية للحكومات 2024 المسح العالمي للوزراء الذي يستهدف استطلاع آراء الوزراء حول عدد من القضايا الدولية البارزة، بهدف تكوين رؤية عالمية للتحديات التي تواجه المجتمعات، من أجل الوصول إلى حلول مستدامة، حيث يسهم هذا المسح في زيادة الوعي بهذه القضايا وتحفيز الجهود للتغلب عليها، وفهم أفضل لها، الأمر الذي يساعد على تحديد الأولويات المشتركة، كما تقدم الدورة الحالية من القمة العالمية للحكومات جوائز عالمية عدة، تقديراً لوزراء الحكومات وممثلي القطاع الخاص والمبتكرين والمبدعين لمساهماتهم الاستثنائية في بناء مجتمع أفضل للبشرية.
وأشار الشرهان إلى أن فعاليات القمة عبر دوراتها الماضية استشرفت الفرص الواعدة للعديد من القطاعات المستقبلية والمواضيع التي تهم البشرية، من بينها التحول الرقمي في العالم والفرص الكبرى الذي يوفره، خصوصاً في الأنظمة الصحية والتعليمية. وقدمت القمة العالمية إجابات عميقة وملهمة حول مستقبل قطاعي الصحة والتعليم ودور الحكومات في تطويرهما، إذ أصدرت القمة تقرير «الصحة الرقمية: سبيل الحكومات إلى المسارعة بتحقيق قيمة الصحة الرقمية»، حيث حدد 4 توجهات عالمية تقود مستقبل الصحة الرقمية ما يتيح الفرصة أمام الحكومات لإعادة صياغة نظم الرعاية الصحية واستكشاف فرص جديدة تسهم في إيجاد حلول مبتكرة لتقديم أفضل الخدمات وتحسين حياة الناس.
ولفت التقرير إلى أنه من المتوقع أن يفتح تبني الرقمنة في الرعاية الصحية سوقاً عالمية جديدة بقيمة 230 مليار دولار، و10 مليارات دولار على مستوى الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشار إلى أن القمة تبنت منذ إطلاقها تطلعات الشباب وطموحاتهم ورؤاهم، وبات تمكين الشباب محوراً ثابتاً في أجندة القمة، إذ أعلن خلال فعاليات القمة عن تأسيس مركز الشباب العربي، إضافة إلى عقد العديد من الجلسات والمنتديات والاجتماعات التي تناقش تعزيز دور الكفاءات الشابة في تحقيق التنمية المستدامة، وتصميم وصناعة المستقبل الذي تتطلع إليه مجتمعاتهم، والمساهمة في بناء عالم أكثر استقراراً.
وستشهد القمة العالمية للحكومات 2024 انعقاد الاجتماع العربي للقيادات الشابة بمشاركة وزراء الشباب العربي وقادة مؤسسات العمل الشبابي في المنطقة الذين يبحثون مع مجموعات شبابية عربية من مختلف التخصصات، القضايا والفرص التي تهم الشباب.