استطاعت القمة العالمية للحكومات منذ إطلاقها عام 2013، سبر أغوار المستقبل واكتشاف مكامنه والانتقال من مرحلة خدمة الإنسانية إلى رفاهيتها، وأصبحت على مدى 11 عاماً مختبراً للإبداع ومصنعاً حقيقياً للأفكار، ومنصة للأفكار الخلاقة وتحويلها إلى واقع - كمتحف المستقبل الذي بدأ كفكرة في القمة عام 2014 - وركزت على استشراف وتصميم مستقبل أفضل للبشرية كونها منصة عالمية لتبادل الأفكار ومشاركة قصص النجاح الملهمة لتشكيل رؤى جديدة تنهض بالعمل الحكومي وتحقق التنمية والازدهار، كما تعمل على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات المستقبلية التي تواجه الحكومات من خلال عقد شراكات فاعلة تنسق الجهود وتعزز العمل الحكومي المشترك.

وشهدت القمة عبر دوراتها تحولات وتغييرات جذرية كانت في كل دورة تقودها إلى نجاحات أكبر، وخلال الدورات السابقة للقمة تم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون بين الحكومات والمؤسسات والجهات الخاصة المشاركة من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب مشاركة واسعة للمنظمات الدولية والإقليمية وأطلقت القمة عشرات التقارير بالتعاون مع كبرى المؤسسات والشركات الاستشارية والمراكز البحثية العالمية بغية تعريف حكومات العالم بأحدث التحولات والتحديات الحالية والمقبلة واستشراف مستقبل مختلف القطاعات الحيوية.

تغييرات جذرية

وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تم إجراء مجموعة من التغييرات الجذرية في القمة الحكومية في 2016 لتتحول القمة من حدث عالمي إلى مؤسسة عالمية تعمل على مدار العام وتركز على استشراف المستقبل في كافة القطاعات، إضافة لإنتاج المعرفة لحكومات المستقبل وإطلاق التقارير والمؤشرات التنموية العالمية وبناء شراكات مع أهم المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي.

الدورة الأولى

وحملت الدورة الأولى من القمة التي عقدت في 2013 عنوان «الريادة في الخدمات الحكومية»، وكانت صدى وطنياً وإقليمياً رائداً من خلال حوار وطني مفتوح بين مختلف قيادات العمل الحكومي جرى خلاله التركيز على قطاعات حيوية في الإدارة الحكومية والابتكار وتعميم المعرفة في المنطقة، وحضر هذه الدورة 150 خبيراً دولياً على مدى 30 جلسة حوارية وورشة عمل ونحو 3 آلاف و200 شخص بين حضور ومتحدثين من 30 دولة، وتضمنت إطلاق 9 تقارير عالمية.

الدورة الثانية

وركزت القمة في دورتها الثانية في 2014 على مستقبل الخدمات الحكومية وتحقيق السعادة للمتعاملين والاستفادة من التجارب المتميزة في القطاع الخاص، وشهدت افتتاح متحف الخدمات الحكومية المستقبلية الذي شكل معرضاً تفاعلياً للتصاميم المستقبلية يستكشف مستقبل خدمات السفر والرعاية الصحية والتعليم واحتضن أكثر من 80 مصمماً وتقنياً ومخططاً مستقبلياً عالمياً من نحو 20 دولة بهدف وضع تصور لكيفية تطوير هذه الخدمات في الأعوام المقبلة، وشهدت هذه الدورة حضور أكثر من 4700 شخصية من مديري وممثلي الجهات الحكومية من مختلف دول العالم، ومشاركة أكثر من 60 شخصية من كبار المتحدثين في الجلسات الرئيسية والتفاعلية بينهم عدد من القادة وصناع القرار والوزراء والرؤساء التنفيذيين وقادة الفكر والإبداع والمسؤولين الحكوميين والخبراء.

الدورة الثالثة

وانتقلت القمة في العام 2015 من ريادة الخدمات الحكومية إلى استشراف المستقبل لتصبح أكبر تجمع حكومي سنوي في العالم، حضرها 4000 مشارك من 93 دولة، من المسؤولين والخبراء والمفكرين وكبار المتحدثين، تقدمهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وركزت هذه النسخة على مناقشة مواضيع تشكيل الحكومات في المستقبل وتعزيز أداء تقديم الخدمات وأطر تعزيز التعاون والتنسيق بين الحكومات والترويج لتبادل المعرفة والخبرات حول أفضل الممارسات العالمية المبتكرة في القطاع العام كما شهدت إطلاق جائزتين عالميتين ومتحف للجيل القادم من حكومات المستقبل ومنصة هي الأكبر من نوعها للابتكار في القطاع الحكومي.

الدورة الرابعة

وكان العنوان الأبرز في الدورة الرابعة في 2016، التغيرات الجذرية التي شهدتها هذه النسخة فتحولت القمة الحكومية إلى «القمة العالمية للحكومات»، إذ تم تحويلها من حدث عالمي إلى مؤسسة عالمية تعمل على مدار العام، وتركز على استشراف المستقبل في كافة القطاعات، وانطلقت القمة العالمية للحكومات، في دورتها الرابعة إلى مستويات جديدة مع ترسيخ مكانتها باعتبارها التجمع الأكبر عالمياً والمتخصص في استشراف حكومات المستقبل، وشارك في أعمالها أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً وأكثر من 70 جلسة مختلفة.

وتناولت القمة 70 موضوعاً سلط الضوء عليها كبار المتحدثين في جلسات رئيسية وتفاعلية، جمعت عدداً من القادة وصناع القرار والوزراء والرؤساء التنفيذيين وقادة الابتكار والمسؤولين والخبراء ورواد الأعمال. وبحثت مستقبل قطاعات حيوية، هي: التعليم والرعاية الصحية والعمل الحكومي والعلوم والابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد وسوق العمل وإدارة رأس المال البشري والتنمية والاستدامة ومدن المستقبل.

الدورة الخامسة

وشهدت القمة في نسختها الخامسة 10 محطات جديدة في أجندتها، لتشمل أول وأكبر تجمع دولي لخبراء ومختصين في مجال السعادة، ومنتدى التغير المناخي والأمن الغذائي ومنتدى الشباب العربي، وإطلاق 10 تقارير بحثية، وعقدت في 2017، وحضرها 4000 شخصية إقليمية وعالمية من 138 دولة، وتميزت هذه الدورة بتعدد محاورها التي تؤسس لحراك عالمي كبير وتعاون دولي غير مسبوق يتصدى للمتغيرات المتسارعة التي تؤثر على أداء الحكومات حاضراً ومستقبلاً، وشهدت القمة في نسختها الخامسة انعقاد الدورة الأولى من الحوار العالمي للسعادة الهادف إلى بحث سبل تحقيق السعادة للمجتمعات ومشاركة أفضل التجارب الدولية والممارسات والدراسات العلمية المرتبطة بالسعادة وجودة الحياة، كما أعلنت الإمارات عن مشروع «المريخ 2117» وضمت القمة العديد من المسارات التي تناولت أبرز القضايا التي تواجه الحكومات والدول عبر العالم كتحدي التكنولوجيا وسيكولوجية التطرف والمفهوم الجديد للتعليم ومستقبل السعادة وشكل حكومات المستقبل، وطاقة المستقبل ومسار مستقبل الرعاية الصحية.

الدورة السادسة

وشارك في القمة في دورتها السادسة في عام 2018 أكثر من 4 آلاف شخصية من 140 دولة، و130 متحدثاً عالمياً في 120 جلسة رئيسية وتفاعلية وحوارية، وتحولت إلى مظلة شاملة لخمسة منتديات دولية، تعالج تحديات القطاعات الحيوية المستقبلية، فضلاً عن إصدار أكثر من 20 تقريراً عالمياً متخصصاً في القطاعات الحيوية، والمحاور الرئيسة التي تتناولها. كما شهدت القمة تغييرات بنيوية محورية، جمعت تحت مظلتها عدداً من المنتديات الدولية المتخصصة، لبحث قطاعات مستقبلية حيوية، تشمل الذكاء الاصطناعي والفضاء والشباب والسعادة، إضافة إلى محور التغير المناخي، ومنصة السياسات العالمية، إلى جانب مبادرات جديدة، تجسد مخرجات الدورات السابقة، وتنقلها إلى مرحلة التطبيق العملي.

الدورة السابعة

وشهدت القمة في دورتها السابعة عام 2019 استضافة ثلاث دول كضيوف شرف، بدلاً من دولة واحدة كما جرت العادة في الدورات السابقة، هي أستونيا ورواندا إلى جانب كوستاريكا، وأكثر من 4 آلاف شخصية من 140 دولة، وقادة 30 منظمة دولية وأكثر من 600 مستشرف وعالم ومفكر ومتحدث شاركوا في 200 جلسة حوارية وتفاعلية تم ترجمتها إلى 8 لغات عالمية، إلى جانب تنظيم 16 منتدى.

وركزت القمة على 7 توجهات مستقبلية محورية، هي التكنولوجيا وتأثيرها في حكومات المستقبل، والصحة وجودة الحياة، والبيئة والتغيير المناخي، والتجارة والتعاون الدولي، والتعليم وعلاقته بسوق العمل ومهارات المستقبل، والإعلام والاتصال بين الحكومات والشعوب، ومستقبل الأفراد والمجتمعات والسياسات، كما أصدرت 20 تقريراً تشكل مرجعية عالمية لشؤون العمل الحكومي المستقبلي.

الدورة الثامنة

وتزامنت الدورة الثامنة للقمة العالمية للحكومات مع «إكسبو 2020 دبي» وعقدت في مارس 2022، تحت شعار «تشكيل حكومات المستقبل»، وناقشت هذه الدورة 8 محاور رئيسية، تركز على تصميم مستقبل أفضل للإنسانية، تشمل: «السياسات التي تقود التقدم والتنمية الحكومية»، و«تصميم مستقبل أنظمة الرعاية الصحية»، و«الاستدامة للعقد المقبل»، و«تسريع الانتعاش الاقتصادي العالمي»، و«تكنولوجيا المستقبل»، و«بناء مدن المستقبل»، و«مستقبل الأنظمة التعليمية والوظائف»، و«تمكين المرونة الاجتماعية».

واستضافت 15 منتدى عالمياً، بحثت أهم التوجهات العالمية في القطاعات الحيوية التي تسهم في تعزيز الخطط لبدء عقد حكومي جديد، ووضع سياسات واستراتيجيات وخطط مستقبلية تعزز جاهزية الحكومات ومرونتها للمرحلة التالية من التطور، وكانت هذه الدورة التجمع الأكبر من نوعه منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، وشكلت فرصة لدراسة أفضل الممارسات في تطويق الجائحة وتسريع جهود التعافي الشامل في جميع القطاعات.

الدورة التاسعة

وعقدت الدورة التاسعة للقمة العالمية للحكومات في 2023 تحت شعار «استشراف مستقبل الحكومات»، وجمعت القمة تحت مظلتها 20 رئيس دولة وحكومة و250 وزيراً و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين وصنّاع القرار ورواد الأفكار والمختصين في الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية من مختلف دول العالم، لتبادل الخبرات والمعارف والأفكار التي تسهم في تعزيز التنمية والازدهار حول العالم، و80 منظمة عالمية وإقليمية، لتصبح التجمع العالمي الأبرز والحدث الأهم للمنظمات العالمية. كما شهدت هذه النسخة 220 جلسة، تحدث فيها 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل.

 

صياغة التوجهات المستقبلية في العمل الحكومي

تواصل القمة العالمية للحكومات عبر منبرها العمل على صياغة التوجهات المستقبلية في العمل الحكومي، واستعراض النماذج الحكومية والمؤسسية الناجحة في جميع أنحاء العالم، بهدف عرضها والاستفادة منها والتعلم من نهج التخطيط الاستراتيجي والتطوير والتجديد والابتكار الذي انتهجه القائمون على هذه التجارب العالمية الناجحة وكيفية بناء الإنسان واستقراره، وعلى مدى الدورات الماضية أولت القمة العالمية للحكومات اهتماماً كبيراً بأجندات حكومات العالم، ورصدت أهم التوجهات العالمية في أكثر من 1600 برنامج وجلسة حوارية، وورشة نظمتها القمة، كما أصدرت تقارير معرفية ركزت على أهم الممارسات التي تؤثر على حياة الأفراد حول العالم. وتطورت القمة من تجمع وطني في 2013 إلى مؤسسة عالمية وقمة تتطلع إليها الحكومات حول العالم ومن التركيز على تطوير الخدمات الحكومية إلى استشراف مستقبل الحكومات بمفهومها الشامل ومن مناقشة التحديات إلى البحث عن الفرص واستثمارها وتوظيفها لتحقيق التنمية الشاملة لمصلحة مختلف دول وشعوب العالم.. كما طورت القمة نموذجاً مبتكراً لتعزيز الجاهزية الحكومية للمستقبل وبناء الجيل الجديد من الحكومات تكون قادرة على وضع حلول استباقية لتحقيق الاستجابة السريعة للمتغيرات.