ناقش «منتدى مستقبل العمل»، الذي نظمته وزارة الموارد البشرية والتوطين، أمس، ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات 2024، ممكنات تطوير أسواق العمل ومواكبتها للمتغيرات العالمية والتكيف معها، في ضوء دعم تعزيز الاستعداد والمرونة في أسواق العمل لمواجهة التحولات المتسارعة، ودعم وتعزيز جهود التعاون الثنائي والإقليمي والشراكات الهادفة إلى تطوير وتفعيل السياسات واتخاذ القرارات في مجالات تنظيم سوق العمل.
تطورات
وقال معالي الدكتور عبدالرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، في كلمة افتتح بها أعمال المنتدى: «يشهد العالم تطورات سريعة وواسعة النطاق على مستويات مختلفة، حيث كان لهذه التطورات تأثير كبير على أسواق العمل التي تعتبر محركاً رئيسياً للتحول الاقتصادي».
وتطرق معاليه إلى تقرير «مستقبل الوظائف» الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي العام الماضي، والذي أوضح أن الوظائف ستشهد تحولات جذرية مع توقعات أصحاب العمل بإلغاء 83 مليون وظيفة وخلق 69 مليون وظيفة جديدة، مشيراً إلى أن هذه الحقائق تدفع الحكومات للتركيز على إرساء استراتيجيات واضحة ومدروسة لتنمية اقتصاداتها، ورسم خارطة طريق لمستقبل أسواق العمل بما يمكن من قيادة هذه الأسواق بالكفاءة المطلوبة في خضم المشهد العالمي سريع التطور وتحديداً في ظل تسارع التقدم التكنولوجي.
ودعا معاليه إلى ضرورة تطوير منهجيات جديدة لإدارة سوق العمل ووضع خطط طموحة تستفيد من التقنيات المتقدمة، وابتكارات الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من التطورات وذلك لإنشاء سوق عمل لا يتكيف مع هذا العالم الجديد فحسب، بل يتبناه أيضاً لتوفير فرص عمل جديدة غير مسبوقة.
تحديات
كما دعا إلى «تبني الحلول المبتكرة لمعالجة التحديات التقليدية بما في ذلك رفاهية العمال، وإنتاجيتهم، والتقلبات الاقتصادية، لا سيما وأن العديد من الدراسات أظهرت أن إنتاجية العمل مرتبطة على نحو مباشر بتحسين مستويات المعيشة، والتي يمكن بدورها أن تسهم في تعزيز الاقتصاد الكلي».
وقال: «حققت دولة الإمارات نجاحاً كبيراً مسترشدةً بالرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة، وبالاستناد إلى استراتيجية تتمحور حول مجموعة من الركائز الرئيسية أبرزها حماية حقوق العمال، وإنشاء سوق عمل ديناميكي وتنافسي، وقد أثمرت تلك الاستراتيجية عن تحقيق أعلى التصنيفات عبر العديد من المؤشرات التنافسية العالمية بما فيها تلك الصادرة عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية ومعهد إنسياد».
وأضاف: «أطلقت دولة الإمارات كذلك مجموعة واسعة من المبادرات بدءاً من تحديث نظامنا التشريعي، إلى إنشاء بيئة عمل ممكنة، وتقديم برامج تأشيرات جديدة مصممة لاستقطاب المواهب العالمية عبر مختلف القطاعات، وتلبية احتياجات المختصين الذين يبحثون عن وظائف جاذبة وبيئة عيش مناسبة لهم ولعوائلهم، بالإضافة لنظام التأمين ضد التعطل عن العمل والنظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة «نظام الادخار».
اتجاهات
وأوضح أن وزارة الموارد البشرية والتوطين وفي إطار المساعي المستمرة لدراسة الاتجاهات المستقبلية لسوق العمل وضمن استعداداتها لمؤتمر الأطراف «كوب 28» الذي استضافته الدولة في ديسمبر الماضي، أجرت الوزارة دراسة موسعة حول الوظائف الخضراء في سوق العمل الإماراتي بهدف تصنيف الوظائف الخضراء، وتطوير الإجراءات اللازمة لقياس وتقييم هذه الوظائف، ومعالجة الثغرات، واقتراح خطط العمل المناسبة لتحقيق الانتقال العادل وبناء مستقبل أكثر استدامة.
وكشفت الدراسة عن أن ما بين 6 إلى 11.6 % من العاملين في القطاع الخاص بدولة الإمارات يؤدون وظائف خضراء، وأن ثلث الوظائف الخضراء العشر الأولى في دولة الإمارات تتطلب تعليماً عالياً ومهارات متقدمة، وعلى مستوى الشركات، تعد مهارات إدارة العمليات، والمهارات الهندسية والفنية، والمهارات الشخصية أبرز الكفاءات المطلوبة لشغل الوظائف الخضراء.
وقال جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في كلمة خلال المنتدى: يؤكد تنظيم المنتدى الرغبة الصادقة لدولة الإمارات للمشاركة في الجهود الدولية لرصد واستشراف التحولات التي تطرأ على عالم العمل، إضافة إلى التركيز في الحوار البنّاء والمشترك حول سبل معالجة التحديات بآليات ومبادرات واقعية تستند إلى تحليل واعي.
استدامة
وأكد أن دول مجلس التعاون أولت الحماية الاجتماعية اهتماماً بالغاً من خلال تشريعات التقاعد والتأمينات والضمان الاجتماعية، انطلاقاً من القناعة الراسخة بأن الحماية الاجتماعية هي أحد أهم الأعمدة التي تقوم عليها المجتمعات المستقرة.
جلسات نقاشية
وشهد المنتدى جلسة خاصة تم خلالها استعراض تجارب ومبادرات خليجية مبتكرة لأنظمة بديلة اختيارية لمكافأة نهاية الخدمة، قدمها كل من أسماء المدني، مدير إدارة السياسات والدراسات بالإنابة في وزارة الموارد البشرية والتوطين في الإمارات، وهاشم محمد مدير عام خدمات المشتركين في صندوق الحماية الاجتماعية في وزارة العمل بسلطنة عُمان.
وناقش المنتدى الخطط التي من شأنها بناء أسواق عمل مرنة وذكية من خلال جلسة خاصة تحدث فيها كل من أخيم د. شميلن – قائد الممارسات في إندونيسيا وتيمور الشرقية – البنك الدولي، وماهوران ساريكي نائب رئيس سياسة تطوير الأبحاث للمجموعة والمواهب المهنية الماليزية، وجيسون جاج نون – رئيس الوحدة وخبير اقتصادي أول في الهجرة والمهارات بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث تناولت الجلسة الفرص والتحديات في أسواق العمل المستقبلية.
وتحدث سانجيون لي مدير سياسة التشغيل وخلق فرص العمل وسبل العيش بمنظمة العمل الدولية، في جلسة خاصة ضمن أعمال المنتدى عن أهمية إدراج رفاهية القوى العاملة على رأس أولويات صانعي سياسات أسواق العمل.
وتناولت جلسة خاصة تقاطع سياسة العمل والاقتصاد التشاركي، حيث تحدث فيها كل من آرون سونداراراجان – أستاذ ومؤلف بجامعة نيويورك، وديليب راثا خبير اقتصادي رئيسي بالبنك الدولي، مؤكدين الأهمية المتزايدة للاقتصاد التشاركي لتعزيز مرونة سوق العمل. وقدمت جلسة خاصة مقاربات مبنية على البيانات لحوكمة سوق العمل الفعالة، تحدث فيها كل من رافائيل دييز دي ميدينا – من قسم الإحصاء بمنظمة العمل الدولية، وجان ديكونها كبيرة المستشارين العالميين لشؤون الهجرة الدولية بهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وأندرياس شال، مدير العلاقات العالمية والتعاون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتحدثت أبارنا باوا زووم، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة «زووم» في جلسة خاصة عن تأثير الابتكار على أسواق العمل، من خلال استخدام أحدث التقنيات في تنفيذ الأعمال مثل العمل عن بعد وسياسات واستراتيجيات استقطاب وتوظيف المواهب العالمية من جميع أنحاء العالم.