تمثل دروساً تتناقلها الأجيال

سنع العيد.. مشهد متأصل في قيم المجتمع الإماراتي وثقافته

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

العيد شعائر وطقوس ننهل منها مفهوم التراحم والتسامح والود، وتتعدد مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك وتهفو القلوب سعادة وفرحاً مع تكبيرات المآذن، لتكشف عن عمق البهجة التي تعم نفوس الكبار والصغار، في مشهد متأصل في قيمهم وثقافتهم تمثل دروساً في السنع يتعلمها الأطفال ويفهمونها ويتعلقون بها، ويوقنون أن مفهوم العيد لا يقتصر على الثوب الجديد بقدر ما هو مشاركة وتواصل مع الأهل وفهم مقاصد هذه المناسبة الجليلة ومنهجها.

وتتشابه مظاهر الاحتفاء بعيد الفطر المبارك في مختلف مناطق الدولة، فالعادات والتقاليد واحدة، وأبرزها صلاة العيد وزيارة الأقارب والأصدقاء وتناول الوجبات الشعبية التقليدية مثل «الهريس والخبيص واللقيمات والعرسية والبلاليط»، وغيرها من مظاهر الفرح المتوارثة، إلا أن بعض الطقوس تغيرت من جيل لآخر، كما طرأت عادات جديدة مع مرور الوقت.

عادات وتقاليد

أوضح راشد بن محمد بن هاشم، كبير أعضاء نادي ذخر في حديقة الوصل بدبي، أنه في الماضي كانت المظاهر مختلفة بشكل كبير عنها في الوقت الحالي، إلا أن الطقوس الإماراتية التي مارسها الآباء والأجداد تبقى عنواناً للأجيال بتشجيع من القيادة الحكيمة، التي غرست في الشباب حب التراث والموروث والتمسك بالعادات والتقاليد، ولا يزال أبناء الإمارات يحتفظون بها، ويستعيدون تفاصيلها، ويجدون فيها الفرحة الحقيقية، التي توقظ الذكريات.

وأضاف: تتميز الإمارات بعادات وتقاليد ذات روابط وثيقة مع بقية الشعوب العربية والإسلامية، في مثل هذه المناسبة، إذ تعم فرحة العيد في جميع إمارات الدولة، من خلال تبادل التهاني والزيارات وابتسامات الأطفال والالتقاء مع العائلة والأصدقاء والجيران، لتناول «الفوالة» وحلويات العيد المتنوعة.

ويعتبر التجمع العائلي والاجتماع مع الأصدقاء وصلة الرحم وتعزيز الروابط الإنسانية، وتبادل زيارات المعايدة، كلها سمات ارتبطت بالعيد، إضافة إلى باقي طقوسه ومظاهره الاحتفالية، التي تحمل معها الفرح والسرور في نفوس الصغار والكبار على حد سواء، كما يحتفل الأطفال بارتداء الملابس الجديدة، والحصول على الهدايا النقدية «العيدية»، والهدايا العينية، وأداء الألعاب الشعبية.

موروث شعبي

وحول طقوس العيد، وكيفية الاحتفال به والعادات والسنع الأصيلة لمجتمع الإمارات في مثل هذه المناسبات، تقول ناعمة الشامسي مستشارة أسرية ونفسية:

تتشابه صور ومظاهر الاحتفاء بعيد الفطر المبارك في مختلف مناطق الدولة، فالعادات والتقاليد واحدة، وأبرزها صلاة العيد وزيارة الأقارب والأصدقاء في مجموعات، وتناول الطعام التقليدي مثل «الهريس والخبيص واللقيمات والعرسية والبلاليط»، وغيرها من مظاهر الفرح كأداء الفنون التقليدية، وترديد الأهازيج الشعبية في جو تسوده المودة والرحمة والسعادة، مما يعزز الروابط الإنسانية.

وأضافت: إن الاستعدادات في السابق للعيد كانت تبدأ قبل رمضان، حيث يبدأ رب الأسرة بعمل «طرشه» للتحضير لرمضان وجلب ما تيسر له من حطب وفحم، ثم «طرشه» في بداية رمضان لشراء الملابس والعود حسب المقدرة، تليها «طرشه» بأول العشر الأواخر من رمضان لشراء احتياجات البيت من حب الهريس والأرز وورق الحناء وورق الياس.

وتبدأ طقوس العيد قبلها بسماع صوت «المنحاز» في البيت لطحن وتنعيم ورق الياس المستخدم لشعر النساء «العجفة»، والحناء للنساء والفتيات، والطحن على الرحى لعمل خبيصة «عصيدة» العيد، ويبدأ صباح العيد بالسلام على الموجودين بالمصلى، والتنقل من برزة إلى برزة «المجلس»، لاحتساء قهوة العيد، التي تكون بمشاركة جيران الفريج، وينتهي المشهد الذي ينتظره الجميع عند «مريحانة العيد» التي تكون مثبتة في إحدى أشجار السمر الظليل، لتجمع الكبار والصغار والنساء والرجال.

وتبدأ «الرزفة واليولة» للرجال و«النعيش» للفتيات والغناء للنساء، وغيرها من مظاهر الفرح، ويتكرر المشهد ليلاً ونهاراً لمدة لا تزيد على ثلاثة أيام.وترى الشامسي أن هناك فرقاً واضحاً بين الأمس واليوم، فالعيد قديماً له أجواؤه، أما حديثاً فيقتصر على السلام والتجمع بالحدائق والمراكز التجارية.

المير الرمضاني

وتحكي جنان ناصر أن النساء في الإمارات قديماً كن يبدأن الاستعداد لعيد الفطر منذ شهر شعبان فيجهزن المير، وهو المؤونة أو الطعام لشهر رمضان، والمواد الغذائية التي تستخدم للعيد، ولا تكتمل فرحة العيد إلا بإعداد الأكلات الشعبية الخاصة بهذه المناسبة، وأهمها الهريس، الثريد، البلاليط، العصيد.

وعن الاختلاف بين وجبات العيد في الماضي والحاضر تقول جنان: وجبات الأمس متنوعة متمثلة في الأكلات الشعبية المتعارف عليها مثل ذبائح على السفرة الرئيسية واللقيمات والبلاليط وخبز رقاق والعسل والتمر أو الرطب والقهوة والشاي مع الفواكه، التي تقدم بدون تكلف، أما الآن فالمائدة تغيرت وسلة الفواكه الآن أصبحت سلة زهور، ودخلت أطعمة جديدة.

ترابط اجتماعي

قال عمير الرميثي إن العيد من المناسبات الفاضلة التي حث الدين الإسلامي على التفاعل معها، لما لها من ترابط أسري واجتماعي يهدف إلى تصفية النفوس، واستعدادات تختلف من زمن لآخر.

وأضاف: إن استعدادات العيد اختلفت بين الماضي والحاضر من حيث المظهر، إلا أن طقوس العيد قديماً لا تختلف عن الوقت الراهن من حيث المبدأ، حيث تبدأ مراسم عيد الفطر بالانطلاق لصلاة العيد في المسجد، ثم السلام على من نجده بالطريق، والتجمع عند بيت أحد أعيان الفريج، وإحضار كل واحد منهم ما تجود به نفسه من أكل، ثم زيارات الأقارب.

وتابع: الكثير من الناس اليوم استبدل زيارة العيد برسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أضعف الروابط الاجتماعية، حتى أصبحنا في المجالس وكأننا لسنا مجتمعين بسبب انشغالنا بالهواتف.

Email