الإمارات تواجه «التصحر» برؤى استباقية وحلول استراتيجية

تواجه الإمارات ظاهرة التصحر برؤى استباقية وحلول استراتيجية جعلت تجربتها في هذا المجال الأبرز على صعيد المنطقة من ناحية النتائج العالمية التي تجلت في مظاهر عدة ومنها انتشار الحدائق والمسطحات الخضراء على نطاق واسع، وزيادة عدد المحميات الطبيعية إلى 49 محمية، منها 33 محمية برية تربو مساحتها على 13 ألفاً و69.8 كيلومتراً مربعاً.

وتحتفي اليوم الإمارات بـ«اليوم العالمي للبيئة» الذي يوافق الخامس من يونيو من كل عام، ويقام هذا العام تحت شعار «أرضنا مستقبلنا .. معاً نستعيد كوكبنا»، ويركز على استعادة الأراضي، ووقف التصحر وبناء مقاومة الجفاف في أنحاء العالم.

تدابير وإجراءات

واتخذت الإمارات في العقود الخمسة الماضية، العديد من التدابير والإجراءات بهدف حماية الأراضي من التدهور ومكافحة التصحر، مثل وضع الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2022 - 2023، ومشروع الكربون الأزرق، وخطة رسم الخرائط الجوية للمناطق الزراعية، ومبادرة «نخيلنا»، وخطط دعم الزراعة العضوية.

ونجحت دولة الإمارات في تحويل مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية إلى مسطحات خضراء وحدائق ومزارع، إذ يفوق مجمل عدد المزارع في دولة الإمارات، وفقاً لأحدث إحصاءات وزارة التغير المناخي والبيئة، 38 ألف مزرعة تتبع أساليب زراعة متنوعة وعدة نظم إنتاج زراعية.

وتوسعت الإمارات في إنشاء السدود التي أسهمت في توفير مياه الري للغابات والأراضي الزراعية، وأسست مراكز بحوث ومحطات تجارب تهتم بأنشطة البحوث والتطوير في مجال مكافحة التصحر ومراقبة المتغيرات المناخية، إضافة إلى إنشاء مركز دولي متخصص في الزراعات الملحية لإجراء البحوث على النباتات المقاومة للملوحة والتوسع في زراعتها.

وتعد دولة الإمارات من أوائل الدول في المنطقة التي تبنت الاستمطار الاصطناعي وسيلة مبتكرة لمكافحة التصحر والجفاف وزيادة المساحات الخضراء، إضافة إلى إسهامه في تعزيز المخزون المائي.

مسح شامل

ونفذت وزارة التغير المناخي والبيئة مشروعاً لاستخدام الطائرات من دون طيار في إجراء مسح شامل للمناطق الزراعية في الدولة، لتعزيز استعادة المناطق المتدهورة، وحماية المساحات الزراعية الحالية وتنميتها، في حين وظفت تقنيات الطائرات من دون طيار في نثر وزراعة 6 ملايين و250 ألفاً من بذور الأشجار المحلية الغاف والسمر في 25 موقعاً مختاراً على مستوى الدولة، ويجرى مراقبة ومتابعة إنباتها.

وضمن تقريرها الثاني إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في شأن تغير المناخ في شأن المساهمات المحددة وطنياً، رفعت دولة الإمارات هدفها الطموح إلى زراعة أشجار القرم من 30 إلى 100 مليون شجرة بحلول سنة 2030، ما يعزز بشكل كبير حماية التربة والموائل الطبيعية، إضافة إلى دور هذه الغابات المستهدفة زراعتها في تعزيز قدرات مواجهة تحديات تغير المناخ وخفض مسبباته، كما وقعت الإمارات العديد من الاتفاقيات في مجالات مكافحة التصحر، منها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر 1994.

وانضمت الإمارات في نوفمبر 2022، إلى التحالف الدولي لمقاومة الجفاف IDRA الذي أطلقته إسبانيا والسنغال، وبدعم من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، لتحفيز الزخم وتعبئة الموارد للإجراءات المستهدفة لبناء القدرة على الثبات في مواجهة الجفاف في البلدان والمدن والمجتمعات.

وأسهمت المساعدات الخارجية لدولة الإمارات في تعزيز جهود محاربة أسباب التصحر وتحويل الأراضي الصحراوية إلى زراعية، وزيادة تبني الممارسات الزراعية المستدامة في العديد من بلدان العالم.

وشكلت قمة المناخ COP 28 التي استضافتها الإمارات في أواخر العام الماضي فرصة لحشد الجهود العالمية، وتبادل التجارب والخبرات من أجل مواجهة تداعيات التغير المناخي.

مكافحة التصحر

أكدت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، أن اليوم العالمي للبيئة هذا العام يولي مكافحة التصحر أهمية خاصة وهو ما يحظى بأولوية كبرى للإمارات كونها دولة صحراوية، مشيرة إلى أن الدولة تتخذ العديد من الإجراءات للتخفيف من أخطار الجفاف والتصحر وتحسين الأمن الغذائي.

وقالت معاليها: يجسّد شعار اليوم العالمي للبيئة هذا العام «أرضنا مستقبلنا... معاً نستعيد كوكبنا»، النهج الجديد الذي بات يسري بين الحكومات والمنظمات والشركات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.

ويُعالج موضوع هذا العام، والمتمثّل في تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر ومقاومة الجفاف، جوانب حيوية للعمل المناخي؛ فآثار تدهور المناطق تلقي بظلالها على مختلف القطاعات الحيوية، ومن ذلك الطاقة والبنية التحتية والصحة والزراعة.

وتعد الإمارات من الدول القليلة التي وسّعت غطاء أشجار القرم لديها، ونساعد الدول الأخرى على أن تحذو حذونا في هذا المجال، وقد وضعنا هدفاً طموحاً لزراعة 100 مليون شجرة قرم إضافية بحلول سنة 2030، ونمضي قدماً في طريقنا لتحقيق هذا الهدف.

وفي مؤتمر الأطراف COP 28 الذي استضافته دولة الإمارات في ديسمبر من سنة 2023، استثمرنا علاقاتنا القوية من أجل قيادة الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، ودعونا إلى التعاون باحتسابه أساس النجاح، وفي هذا الإطار، أعلنا شراكة رسمية بين تحالف القرم من أجل المناخ ومبادرة تنمية القرم بهدف حماية أشجار القرم واستعادتها بحلول سنة 2030.

وتابعت معالي الضحاك تمثل هذه الشراكة الجديدة 49 حكومة، ونحو 60% من غابات القرم في العالم، وأكثر من 50 جهة فاعلة من غير الدول، كما تعهدت المبادرة العالمية مهمة الابتكار الزراعي للمناخ التي تقودها دولة الإمارات بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية باستثمار نحو 17 مليار دولار في مجال النظم الغذائية والزراعة الذكية مناخياً.

جهوزية دبي

قال معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: ينسجم شعار يوم البيئة العالمي لسنة 2024 معاً نستعيد كوكبنا مع «اتفاق الإمارات» التاريخي للمناخ الذي شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تصديقه في مؤتمر الأطراف للتغير المناخي (COP 28)، الذي استضافته الدولة في مدينة إكسبو دبي في نوفمبر-ديسمبر من سنة 2023، والذي وضع العالم على مسار العمل المناخي الصحيح للحفاظ على البشرية وكوكب الأرض وحماية الموارد الطبيعية من الهدر، ويتواءم الشعار أيضاً مع جهود الهيئة لتعزيز جهوزية دبي للمستقبل عبر التنمية المستدامة وصون الطبيعة، في إطار التوجيهات الحكيمة لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لجعل دبي من أكثر مدن العالم المرنة مناخياً، ونموذجاً لمدن المستقبل.

وأضاف معالي الطاير: نلتزم دفع مسار انتقال الطاقة عبر مشروعات رائدة عالمياً ومن أبرزها مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي تنفذه الهيئة ويعد أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، وفق نظام المنتج المستقل للطاقة، وستبلغ قدرته الإنتاجية أكثر من 5,000 ميجاوات بحلول سنة 2030.

وتبلغ القدرة الإنتاجية الحالية للمجمع 2,860 ميجاوات، ويسهم المجمع في تحقيق أهداف المبادرة الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة للحياد المناخي 2050، واستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، واستراتيجية الحياد الكربوني 2050 لإمارة دبي لتوفير 100 % من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول سنة 2050، ونفذنا أيضاً مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ وننفذ مشروع المحطة الكهرومائية في حتا بتقنية الضخ والتخزين باستخدام الطاقة النظيفة.

صون البيئة

وفي سياق متصل أكد أحمد بن مسحار الأمين العام للجنة العليا للتشريعات أن إحياء اليوم العالمي للبيئة يبرز الأهمية المتنامية لمساعي ومبادرات صون البيئة وحمايتها، في ظل تفاقُم التحديات الناجمة عن التغيُّر المناخي والتلوث وانبعاثات الغازات الدفيئة، كما تمثل هذه المناسبة نداءً لتضافُر الجهود بين المؤسسات وتعزيز التعاون بين الدول للتصدي لهذه التحديات التي تلقي بظلالها على العالم أجمع، ودفع عجلة التنمية المستدامة باحتسابها السبيل الأمثل للجمع بين التقدم والنماء وحماية البيئة، واستشراف مستقبلٍ أفضل للبشرية جمعاء.

وفي سياق متصل، أكد أحمد بن شعفار الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات لأنظمة التبريد المركزي «إمباور» حرص المؤسسة على حماية البيئة ومواصلة الابتكار والبحث العلمي والتطوير، بوصفهما ركيزة أساسية في بلوغ مستقبل زاهر لجهة حماية الموارد الطبيعية. وأضاف بن شعفار: «تعتز المؤسسة بمساهمتها المتواصلة والفاعلة في تحقيق أهداف استراتيجية دبي للحياد الكربوني 2050 ودعم مساعي الإمارة نحو الاضطلاع بدور ريادي على الصعيد العالمي في معالجة آثار تغير المناخ».

من جهته، لفت الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية إلى حرص الجامعة على مواكبة الاستراتيجيات الوطنية للدولة ولإمارة دبي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإعلاء قيم الاستدامة البيئية ومتابعة تأصيل هذه القيم لدى الأفراد والمجتمع عبر ممارسات الجامعة وبرامجها الأكاديمية ومبادراتها، وبمناسبة يوم البيئة العالمي، نشير إلى دور الجامعة الريادي في تبني استراتيجيات الاستدامة في حماية البيئة، على سبيل المثال تقليل البصمة البيئية عبر الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.