محمد بن راشد ينير دروب استئناف الحضارة العربية عبر «تحدي القراءة»

أصبح تحدي القراءة العربي رافعة جوهرية لمسارات التنمية المجتمعية، ومنارة رئيسة لمشروع استئناف الحضارة العربية، تثري ثقافة الأجيال وترتقي بالمستوى الفكري والعلمي لمجتمعاتنا، وهو ما يبرهنه ويثبته بجلاء واقع حصاد النجاحاته النوعية للتحدي ومنجزاته المتواصلة التي أفلح معها في تحويل حب القراءة والمعرفة والتمكن العلمي شغفاً وهاجساً يتملكان عقول وقلوب الأجيال العربية، فيحفزانها للحرص على التنافس والاشتراك في برامج ومنافسات هذه المبادرة المعرفية الرائدة، التي تنضوي ضمن مبادرات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي تجسد وتترجم رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي لا يدخر جهوداً أو إمكانات في سبيل إغناء وتدعيم مقومات ارتقاء الأمة العربية وتعزيز قدراتها على الإسهام القوي في مسيرة تطور البشرية وتقدمها ورفاهها وسعادتها وسلامها، إذ يعتني سموه في السياق، وعبر هذه المبادرة المتفردة، بإثراء قدرات النشء، ومدهم بالإمكانات المعرفية والعلمية التي تجعل عقولهم مُنارة بأسس المعرفة والانفتاح والمحبة والتسامح، وكذا تجعلهم قادرين على تحمل المسؤوليات في النهوض بالمهام التنموية المجتمعية، وكما قال سموه مؤخراً خلال إعلانه عن النتائج القياسية للتحدي في دورته الثامنة: «القراءة يمكن أن تغير الحياة.. ونؤمن بأن القراءة ستصنع أجيالاً مختلفة.. وستفتح أبواب العلم والحضارة».

وها هو تحدي القراءة العربي يحتفي اليوم ببطل الإمارات في الدورة الثامنة، والتي سيُتوج بطلها لاحقاً، في ختام المنافسات النهائية التي ستجري في دبي.

ويأتي تتويج بطل التحدي على مستوى الإمارات في دورة هذا العام 2024 بينما أمسى التحدي يحجز له مكانة مركزية ومحورية في سياقات التنمية المجتمعية العربية، إذ نجح في تحقيق مستويات إقبال واسعة وكبيرة متميزة، حيث اشترك فيه عدد كبير من الطلبة والجهات ضمن شتى الفئات.

ويتسابق الطلبة، ومن بينهم أصحاب الهمم، وكذا المشرفون والمدارس وجميع الفئات الأخرى في التحدي، على التنافس في ميادين المعرفة وحب القراءة، الأمر الذي أثمر حصاد مشاركات ونجاحات قياسية تعزز مكانته وقيمته في إثراء الحراك الثقافي بمجتمع الإمارات والمجتمعات العربية والاخرى العالمية التي فيها جاليات عربية، ليؤكد التحدي في ظل ذلك دوره في جعل القراءة والمعرفة نهجاً حياتياً راسخاً وقيماً عليا تضيء دروب الارتقاء والتطور.

نشر ثقافة القراءة

وأكد الدكتور عبدالكريم سلطان العلماء، المدير التنفيذي لمؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» في تصريح خاص بصحيفة «البيان»، أن دولة الإمارات مستمرة في الارتقاء بالتعليم ونشر ثقافة القراءة بين الطلاب والطالبات، ترجمة لرؤى وتوجيهات قيادتنا الرشيدة، وإيمانها بأن الاستثمار في الإنسان يمثل أولوية راسخة في خطط التنمية الوطنية الشاملة، والضمانة لترسيخ مكانة دولة الإمارات وصناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة، موضحاً أن ما نشاهده اليوم من حضور إماراتي متميز في مجالات الاقتصاد والتنمية المستدامة والرفاه المجتمعي هو ثمرة لاستراتيجية دولتنا في البناء، ورهانها على العقول والمبادرات الملهمة والانفتاح على ثقافات وتجارب الآخرين.

وأضاف الدكتور عبدالكريم سلطان العلماء: «تحرص دولة الإمارات على تقديم كل ما من شأنه تعزيز المنظومة التعليمية والثقافية وتطوير إمكانات الطلاب وصقل مواهبهم وفق أرقى المعايير العالمية وتحقيق المواءمة بين طرق التعليم التقليدية والأدوات الذكية بما يكفل الارتقاء بالمهارات الشخصية، وقد لمسنا نتائج مبهرة لطلبة الإمارات خلال منافسات تحدي القراءة العربي عبر جميع دوراته، حيث تلعب هذه المبادرة الملهمة دوراً حيوياً في الارتقاء بمستوى الطلاب والطالبات.

ونوه الدكتور عبدالكريم سلطان العلماء بالمشاركة الإماراتية المتميزة في تحدي القراءة العربي منذ إطلاقه في العام الدراسي ٢٠١٥- ٢٠١٦بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، معتبراً أن الارتفاع المتواصل لأعداد المشاركين كل عام يظهر الأثر الفارق الذي أحدثه تحدي القراءة العربي في نفوس طلبة الإمارات، وقدرته على تحفيزهم لبذل المزيد من الجهد في سبيل التفوق وانتزاع المراكز الأولى في التصفيات.

تميز وتطوير

وأعرب المدير التنفيذي لمؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» عن ثقته بقدرة طلاب وطالبات الإمارات على تطوير قدراتهم ومواصلة رحلة التميز، وتكرار الإنجاز الذي حققته الطالبة آمنة محمد المنصوري، من الإمارات، عندما نالت لقب بطل تحدي القراءة العربي في دورته السابعة، مناصفة مع الطالب عبدالله محمد البري، من قطر، من بين 24.8 مليون طالب وطالبة مثلوا 46 دولة حول العالم.

نجاحات

وقد تمكن تحدي القراءة العربي في ضوء ركائزه القيمية والمسارات والنهوج التي يقتدي بها من أن يطلق شعلة حراك ثقافي وإبداعي ومعرفي لا تنطفئ، على صعيد الأمة العربية، وفي العالم أجمع، حيث توجد جاليات عربية، بشكل عام، فهي تغتذي وتغتني من مكون الحراك النوعي الفكري والمعرفي الذي عززها وأوقد شعلاتها في كل مجتمع على حدة، فمنافساته أصبحت مطمح ومهوى كل فرد من الأجيال العربية، الذين لا يفوتون فرصة أوجدها التحدي للانخراط في منافساته بعد قراءة مئات الكتب التي تغني معارفهم.

وتبرز أهمية التحدي ودوره التنموي والاستراتيجي في مستقبل مجتمعاتنا انطلاقاً مما يفرزه ويحققه من نتائج نوعية في قيمتها وأبعادها المستقبلية، حيث يذكي حب المعرفة والقراءة في مجتمعاتنا العربية ويوثق علاقة الأجيال بها، فيخلق جيلاً قارئاً محباً للمعرفة والعلم، ويعي أنهما ركيزة التطوير والنماء والانفتاح.

وما يبشر بالخير أن هذه النوعية من الطلبة في مجتمعاتنا العربية أصبحت نسبها ومعدلاتها في نماء دائم، بل إنها غدت في مستويات تطور وزيادة قياسيين، عاماً بعد آخر، بفعل تحدي القراءة العربي وما يثمره من جعل المعرفة حالة مجتمعية عامة، حيث تتوسع دوائر استقطابه فئات الطلبة والمدارس والمشرفين، في كل عام، على مستوى المجتمعات العربية ومجتمعات عالمنا التي فيها جاليات عربية، الأمر الذي يعزز مكانة «لغة الضاد» ويعلي من منزلة وأهمية الثقافة والفكر العربيين.

وفي الصدد، يؤكد الأدباء والمفكرون والمسؤولون العرب أن التحدي بات تظاهرة معرفية عربية وعالمية، تجمع العقول والأفئدة على حب العلم والاهتداء بأنوار المعارف والعلوم لتكريس قيم الانفتاح والحضارة والتقارب العالمي.

جوائز وآفاق

ويحصل الفائز بلقب تحدي القراءة العربي على جائزة تصل قيمتها إلى 500 ألف درهم لمواصلة توسيع مداركه ومتابعة تحصيله العلمي والمعرفي بكل السبل الممكنة لتطوير ذاته والارتقاء بقدراته ومشاركة خبراته مع أقرانه. كما يحصل الفائز بلقب تحدي القراءة العربي في فئة أصحاب الهمم على جائزة 200 ألف درهم، وهي الفئة التي أضافتها مبادرة تحدي القراءة العربي في دورتها السابعة، ما يعكس حرصها على الاهتمام بأصحاب الهمم وإتاحة الفرصة أمامهم لإثبات جدارتهم وتفوقهم، حيث تشترط لجنة التحكيم لفئة أصحاب الهمم قراءة 25 كتاباً.

ويقدم تحدي القراءة العربي أيضاً جائزة قيمتها مليون درهم للمدرسة المتميزة، إذ تسهم الجائزة في تعزيز إمكانات المدرسة الفائزة باللقب للاستثمار في تكريس مفهوم القراءة عادة يومية لدى الطلبة ومواصلة رفع مستوياتهم العلمية والمعرفية.

كما ينال «المشرف المتميز» جائزة قيمتها 300 ألف درهم لمواصلة عطائه في تمكين أجيال المستقبل من مهارات القراءة والمطالعة والاستفادة من الكتب واختيار أكثرها قيمة. ويحصل الفائز بلقب بطل الجاليات على جائزة تبلغ قيمتها 100 ألف درهم، وهي الفئة التي يشارك فيها الطلبة من خارج الدول العربية، ومتعلمو اللغة العربية والناطقون بغيرها.

منارة

إن تحدي القراءة العربي، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في العام 2015، كأكبر مسابقة ومشروع قراءة على مستوى العالم، غدا رافعة حيوية للتنمية والحراك الثقافي والمعرفي، إذ إنه يعزز أهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين على مستوى الوطن العربي والعالم، ويوفر تطوير آليات الاستيعاب والتعبير عن الذات ليدهم بلغة عربية سليمة، وتحبيب الشباب العربي بلغة الضاد، وتشجيعهم على استخدامها في تعاملاتهم اليومية. كما أنه يفتح الباب أمام الميدان التعليمي والآباء والأمهات في العالم العربي لتأدية دور محوري في تغيير واقع القراءة وغرس حبها في الأجيال الجديدة.

ويسعى تحدي القراءة العربي إلى ترسيخ حب المعرفة والقراءة والاطلاع لدى الأجيال الجديدة وتزويدهم بالمعرفة الضرورية للمساهمة في بناء مستقبل أفضل وصقل قدراتهم وشخصياتهم.

كما يفضي إلى بناء المنظومة القيمية للنشء من خلال اطلاعهم على قيم وعادات ومعتقدات الثقافات الأخرى، وهو ما يرسخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر، ويشجع الحوار والانفتاح الحضاري والإنساني.

مشاركات كبيرة

ويستمر صعود أعداد المشاركين في تحدي القراءة العربي دورة تلو أخرى، حيث شارك في الدورة الأولى من التحدي نحو 3.6 ملايين طالب وطالبة من 19 دولة، وتوج الطالب عبدالله فرح جلود، من الجزائر، باللقب.

وتضاعف العدد في الدورة الثانية ليتجاوز 7.4 ملايين طالب وطالبة من 26 دولة، وأحرزت اللقب الطالبة عفاف الشريف، من فلسطين.

ومع فتح باب المشاركة للطلبة الموجودين خارج العالم العربي والجاليات في الدورة الثالثة من التحدي، قارب عدد المشاركين 10.5 ملايين طالب وطالبة من 44 دولة، وظفرت باللقب الطالبة مريم أمجون من المغرب، بينما تجاوز عدد المشاركين في الدورة الرابعة من التحدي 13.5 مليون طالب وطالبة من 49 دولة، وأحرزت اللقب الطالبة هديل أنور، من السودان.

وسجلت الدورة الخامسة مشاركة أكثر من 21 مليوناً من 52 دولة، وفاز باللقب الطالب عبدالله محمد مراد أبوخلف، من المملكة الأردنية الهاشمية. وشهدت الدورة السادسة مشاركة 22.27 مليون طالب وطالبة من 44 دولة، ونالت الطفلة السورية شام البكور لقب تحدي القراءة العربي، في حين بلغ عدد المشاركين في الدورة السابعة من تحدي القراءة العربي نحو 24,8 مليون طالب وطالبة من 46 دولة، وفاز باللقب مناصفة الطالب عبدالله محمد البري، من قطر، والطالبة آمنة محمد المنصوري، من الإمارات.

الأكثر مشاركة