دبي ترتقي بالصحة النفسية لتكون المدينة الأسعد في العالم

الصحة النفسية من المتطلبات العالمية والأهداف الاستراتيجية التي تسعى المدن الكبرى إلى تحقيقها | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسعى إمارة دبي للارتقاء بالصحة النفسية لأفراد المجتمع وتضعها في الصدارة نحو تحقيق رؤية المدينة الأسعد في العالم.

وتأتي منظومة دعم الرفاه النفسي لمجتمع دبي الشاملة والمتكاملة، تحقيقاً لمستهدفات أجندة دبي الاجتماعية 33 الساعية لأن تكون دبي الوجهة المفضلة للعيش على مستوى العالم، والتي أطلقتها هيئة الصحة بدبي بتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي.

وأوضح عوض صغير الكتبي، المدير العام لهيئة الصحة بدبي، أن دبي تعمل لتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتستمر في نهج التطوير والدعم لكافة المجالات لتكون في طليعة المدن والمجتمعات المستقبلية محلياً وعالمياً.

وأضاف الكتبي: «منظومة الرفاه النفسي التي اعتمدها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم تشمل مجموعة من المبادرات التي تعزز مكانة دبي العالمية بوصفها وجهة مفضلة للعيش ولجودة الحياة».

وأكد أن الصحة النفسية تعتبر جزءاً أساسياً من صحة المجتمع ورفاهيته، وهي من المتطلبات العالمية والأهداف الاستراتيجية التي تسعى المدن الكبرى إلى تحقيقها، وأضاف أن تسارع وتيرة الحياة اليومية يستدعي التدخل بطرق علمية ومنهجية لتسهيل التعامل مع متطلباتها والوقاية من الضغوط وتأثيراتها السلبية المحتملة.

مكون رئيس

وأكدت الدكتورة نور المهيري، مدير إدارة الصحة النفسية في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أن تحقيق الرفاه والتوازن النفسي يظل مكوناً رئيسياً وملهماً لمدن ومجتمعات المستقبل، وأوضحت أن الحفاظ على الصحة النفسية يشمل توفير بيئة إيجابية تدعم الصحة النفسية وتسهم في تحقيق الاستقرار النفسي لمختلف الأفراد.

وأشارت إلى أن الجهود المتواصلة والحثيثة لمختلف الجهات ذات العلاقة في توفير برامج وخدمات متنوعة لها دور كبير في توفير البيئة الداعمة التي من شأنها تعزيز الرفاه النفسي لأفراد المجتمع، وأضافت أن هذه الجهود تسهم في خلق نموذج فريد يقدم أفضل مستويات الرفاهية لهم.

كما أكد على الدور البارز الذي لعبته مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في هذا السياق، من خلال تقديم خدمات صحة نفسية شاملة ومتكاملة ومبادرات توعوية تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية وجودة الحياة في المجتمع.

إجراءات

وقال الدكتور رمضان البلوشي، مستشار المدير العام ومدير إدارة حماية الصحة العامة بالإنابة في هيئة الصحة بدبي، إن منظومة الرفاه النفسي تمثل مجموعة من السياسات والإجراءات والبرامج التي تهدف إلى تحسين الحالة النفسية للأفراد والمجتمعات.

حيث تسعى دبي لأن تتفوق وتتميز بتوفير كافة الخدمات اللازمة لتحقيقها على أكمل وجه، وأضاف أن هذه المنظومة تشمل عدة جوانب، منها الدعم النفسي الاجتماعي، الذي يتضمن توفير خدمات واستشارات رقمية مبتكرة وعالية الجودة، وأكد أيضاً على أهمية الوقاية من خلال الكشف المبكر والتعامل مع أي مؤثرات على الحالة المعنوية للأشخاص، وتقديم الدعم اللازم لتعزيز التكيف النفسي وتقليل عوامل الخطر مثل الإجهاد والصدمات.

وأشار الدكتور إلى الدور المهم الذي يحققه التعاون بين القطاعات، مثل المدارس والمستشفيات والمجتمعات المحلية، حيث يسهم في تقديم دعم شامل ومتكامل للأفراد، وشدد على ضرورة خلق بيئات داعمة لتحسين الظروف البيئية والاجتماعية التي يعيش فيها الأفراد لتعزيز شعورهم بالرفاه والرضا النفسي.

وأوضح أن الهدف الأساسي من هذه المنظومة هو تحسين جودة الحياة العامة للأفراد والمجتمعات من خلال تعزيز الصحة النفسية والوقاية من أي عوامل قد تؤثر فيها بطرق شاملة ومستدامة.

مبادرات

وحول الخطط المستقبلية لتوسيع نطاق منظومة الرفاه النفسي، أضاف الدكتور رمضان أنها تعمل على تطوير حزمة من المبادرات والبرامج التي تستهدف فئات مختلفة على مدار السنوات الخمس المقبلة.

وقال إن المبادرات الحالية قادرة على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة في دبي، حيث تزداد أهمية الرفاه النفسي في المجتمعات ذات الوتيرة السريعة بشكل كبير، وأكد أن برامج الرفاه النفسي تساعد الأفراد على إدارة الضغوط النفسية وتحسين جودة الحياة العامة وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

وأكد أن التعاون بين القطاعين العام والخاص عامل رئيس من أجل توفير خدمات الصحة النفسية، مضيفاً أن تبادل المعرفة والخبرات بين القطاعين يعزز من جودة الخدمات المقدمة ويحقق تكاملاً أفضل بين الخدمات الصحية النفسية وغيرها من الخدمات الصحية والاجتماعية.

كما أكد على أهمية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى وبناء القدرات وتطوير السياسات والتشريعات الداعمة للصحة النفسية فيما يتعلق بالاستراتيجيات المتبعة لضمان استدامة المبادرات النفسية على المدى الطويل، وقال: إن اتباع هذه الاستراتيجيات يساعد في ضمان استدامة المبادرات النفسية ويعزز من فعالية وتأثير البرامج على المدى الطويل.

مؤكداً أن لكل المشاريع المخطط تنفيذها خلال السنوات المقبلة مؤشرات أداء لقياس تأثير المبادرات الفعلي على مستوى السعادة العام في دبي، وأضاف أن النظام الصحي في إمارة دبي يشمل جميع الفئات السكانية، بما في ذلك العمالة الوافدة، التي يمكنها الوصول إلى جميع الخدمات التي يقدمها القطاع الصحي الحكومي والخاص.

خدمات

من جانبه، أكد الدكتور خالد لوتاه، استشاري في إدارة حماية الصحة العامة بهيئة الصحة بدبي، على الخدمات المتاحة للأفراد الذين يحتاجون إلى الدعم النفسي وطرق الوصول إليها بسهولة، حيث أوضح أن خدمات الصحة النفسية تعتبر جزءاً أساسياً من الرعاية الصحية المتكاملة في دبي، والتي تهدف إلى بناء نموذج يدعم الأفراد في التعامل مع الضغوط النفسية وتحسين نوعية حياتهم.

وأشار إلى أن هذه الخدمات متوفرة من خلال مجموعة متنوعة من المؤسسات، بما في ذلك المستشفيات والعيادات الحكومية والخاصة، ومراكز الصحة المجتمعية. وأضاف أن خدمات الصحة النفسية تشمل الاستشارات النفسية، العلاج السلوكي المعرفي، برامج الدعم الجماعي، والاستشارات الهاتفية وخدمات الدعم عبر الإنترنت لتسخير وتطوير وصولها لكافة أفراد المجتمع بسهولة، مشدداً على أهميتها في تعزيز الشعور بالانتماء والتبادل الإيجابي للأفكار والخبرات، وتلبية الاستشارات والاحتياجات الطارئة.

وفيما يتعلق بالمبادرات المعتمدة في منظومة الرفاه النفسي، شدد الدكتور خالد على أن التركيز يمتد ليشمل تحسين مستوى الخدمات المقدمة من قبل مزودي الرعاية، وتأهيل المعلمين وأولياء الأمور على طرق التعامل والكشف المبكر عن المؤثرات النفسية لدى الأطفال، موضحاً أن الكشف المبكر يسمح بالتدخل والدعم في الوقت المناسب، مما يمنع تفاقم المشكلات النفسية ويحسن نتائج الطفل على المدى الطويل.

كما أضاف أن تدريب المعلمين وأولياء الأمور يسهم في التخلص من النظرة السلبية المحيطة بالصحة النفسية ويعزز بيئة دعم للأطفال، وأشار إلى أن تحسين نظم الدعم وتشجيع التواصل المفتوح بين المربين والأطفال حول الصحة النفسية يسهم في تحسين نتائجها وتحقيق الرفاه النفسي للأطفال، والذي يعتبر أولوية في المنظومة التي أطلقتها هيئة الصحة بدبي.

تحديات

من جهتها أفادت الدكتورة هند العوضي، رئيس قسم التعزيز والتثقيف الصحي بهيئة الصحة بدبي، أن من أبرز التحديات التي تواجه الصحة النفسية في دبي هي التطرق إلى الحديث عنها، حيث تعتبر من المواضيع الصحية والاجتماعية الحساسة جداً لدى بعض أفراد المجتمع، وذلك بسبب النظرة السلبية تجاه الأفراد الذين يتعرضون لمؤثرات أو مشكلات تتعلق بالصحة النفسية.

وأضافت أن قلة معرفة وإلمام أفراد المجتمع بالأعراض والسلوكيات التي قد تصاحب هذا النوع من المشكلات يؤدي إلى تجاهل تلك الأعراض وعدم أخذها على محمل الجد، مما يؤخر في التشخيص والعلاج، وأوضحت أن اختلاف طرق تعامل الأفراد وتأقلمهم مع ضغوطات الحياة يجعلهم أكثر عرضة للمؤثرات والمشكلات النفسية، خصوصاً في ظل تأثير الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية على استقرار حياتهم اليومية، نظراً لافتقار بعضهم إلى مهارات التكيف اللازمة.

وأشارت إلى أن تعزيز الصحة وتثقيف المجتمع من مسؤوليات هيئة الصحة بدبي، وأن الصحة النفسية تأتي ضمن أولويات حكومة دبي، حيث يبرز دور مبادرة الرفاه النفسي في التركيز على أهمية توعية مجتمع الإمارة بالصحة النفسية، وإشراكهم وتمكينهم من أخذ زمام المبادرة والمساهمة في الحفاظ على صحتهم النفسية.

وشددت على أن محور تعزيز الصحة النفسية للمجتمع يعتبر واحدة من أهم الركائز التي تقوم عليها الاستراتيجية الخاصة بالرفاه النفسي، حيث تحرص الهيئة على وضع خطة متكاملة ومواكبة لاحتياجات المجتمع من ضمنها برامج وحملات توعوية وورش تدريبية، كما حرصت على العمل وفق أرقى المعايير العالمية الخاصة بتعزيز الصحة.

وأكدت أن الهيئة صممت برامج خاصة لجميع الفئات العمرية لضمان وصول الرسائل والأهداف المرجوة من الاستراتيجية، ومنها التخلص من النظرة السلبية لكل ما يتعلق بالمشكلات المؤثرة في الصحة النفسية للأفراد.

وأوضحت أن منهجية التوعية تشمل العديد من البرامج، أهمها الحملات والبرامج التوعوية الميدانية والافتراضية، والبرامج التدريبية للكادر التعليمي والإداري في المجتمع المدرسي والتعليمي، والبرامج التدريبية للكوادر الطبية في القطاع الصحي.

تثقيف

وأكدت على تركيز الهيئة على أهم الفئات المستهدفة، حيث تعمل على تقديم الورش والمحاضرات لتثقيف المجتمع المدرسي من أولياء الأمور، الهيئة التدريسية والأطباء والممرضين العاملين في المدارس. كما تنظم الهيئة الورش التدريبية للكادر الطبي في القطاع الصحي لتعريف الأطباء بأهمية الكشف المبكر عن المشكلات المؤثرة في الصحة النفسية وكيفية الكشف عنها.

وقالت: «أهمية الرفاه النفسي تعادل أهمية الرفاه الجسدي، وهي حقيقة نعمل على تعزيزها حتى ندرك جميعاً ضرورة التثقيف والتوعية الذاتية، واكتساب المعرفة حول كل ما يتعلق ويتصل بالمشكلات المؤثرة في الصحة النفسية».

 

 

Email