بعد 100 عام... مدينة كارميل باي ذا سي الأمريكية تقترب من تخصيص أرقام لشوارعها ومبانيها

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد عقود من المقاومة، أصبحت مدينة كارميل باي ذا سي بولاية كاليفورنيا الأمريكية على وشك تحقيق ما يقضي على بعض من أكبر احباطات سكانها.

وذكرت صحيفة لوس انجلوس تايمز أن المدينة الصغيرة الثرية، التي بها منازل وأماكن عمل ليس لها عناوين شوارع، سوف تقوم في القريب العاجل بتخصيص أرقام لمبانيها، لتتخلى بذلك عن تقليد محلي، بعدما اشتكى الكثيرون بشأن فقدان الطرود ومشاكل تتعلق بإقامة المرافق والحسابات المصرفية ومشاكل أخرى.

وقد وافق مجلس مدينة كارميل باي ذا سي على تخصيص عناوين للشوارع، بعد موافقة ثلاثة أعضاء مقابل رفض اثنين في تصويت أجرى مطلع الشهر الجاري، حيث استند مؤيدو القرار في دعمهم له على المخاوف التي تتعلق بالسلامة العامة والحاجة للالتزام بقانون مكافحة الحرائق في الولاية، والذي يتطلب أن تكون للمباني أرقام.

وقالت العضوة بمجلس البلدة كارين فيرليتو، التي صوتت لصالح القرار "هل نحن نحتاج للانتظار لوفاة شخص ما من أجل أن نقرر أن هذا هو ما يتعين أن نفعله؟ هذا هو القانون".

وبدلا من أرقام الشوارع، لطالما اعتاد سكان المدينة البالغ عددهم 3200 نسمة على وصف الأماكن بالاتجاهات مثل: قاعة المدينة في الجانب الشرقي لشارع مونت فيردي بين طريق المحيط والطريق السابع. كما أنهم يطلقون على منازلهم أسماء غريبة مثل قلعة البحر.

ولا تتوافر في المدينة خدمة توصيل البريد إلى المنزل. ويتوجه السكان لمكتب البريد في وسط المدينة للحصول على طرودهم، حيث كما يقول كثيرون، يعد التقاء السكان بجيرانهم جزءا أساسيا من سحر المدينة الصغيرة.

ولأكثر من 100 عام، قاوم السكان للإبقاء على الأمر على ما هو عليه حتى أنهم هددوا في إحدى المرات بالانفصال عن كاليفورنيا في حال تم فرض العناوين. ويقول السكان إن الافتقار لأرقام المنازل بالإضافة إلى أمور أخرى مثل أضواء الشوارع أو الأرصفة في المناطق السكنية تعتبر إضافة "لشخصية القرية" المتفاخرة.

وقال نيال كروس، المشارك في رئاسة جمعية الحفاظ على كارميل، خلال اجتماع مجلس المدينة في التاسع من يوليو الجاري حينما تمت الموافقة على القرار الجديد "نحن نفقد هذا المكان، يوما تلو الآخر وأسبوعا وراء الآخر، من جانب الأشخاص الذين يريدون إضفاء صبغة الحداثة علينا، الذين يريدون نقلنا إلى مستوى جديد، في حين نحن نريد البقاء حيث نحن".

واحتدم الجدل بشأن إعطاء الشوارع أرقاما منذ أعوام، وتفاقم الجدل خلال جائحة كورونا، عندما بدأ المواطنون في التسوق عبر شبكة الانترنت بصورة أكثر تكرارا، وواجهوا صعوبة في الحصول على طرودهم.

ويخشى السكان والسائحون من أنهم في حال تعرضهم لحادث أو ظرف طارئ طبي، فإن الأفراد المعنين بالاستجابة للطوارئ سوف يواجهون صعوبة في العثور عليهم. وواجه آخرون صعوبة في تلقى الوصفات الطبية والمعدات الطبية عبر البريد.

وقال دايانا ديكمان، أحد السكان لمجلس المدينة "هذا وضع حياة أو موت في حياتي وحياة أسرتي" .

وأضاف " أريد عنوان شارع يمكن للأشخاص العثور عليه عبر نظام التموضع العالمي (جي بي اس) والوصول إلى هذا العنوان وأن تحصل زوجتي على الأدوية التي تحتاجها".

وأضاف أن زوجته تحتاج حقنة تأتي عبر البريد ويجب تبريدها. وأوضح أنه في حال لم يتم إيصالها للمنزل، يتعين على زوجتي الذهاب لمركز للحقن والحصول على الحقنة كل 30 يوما" لكي تتمكن من التنفس".

 وتقول سوزان بجيري، إحدى السكان، إنها احتاجت في إحدى المرات توصيل أسطوانة أكسجين لمنزلها من أجل شخص خرج للتو من المستشفى.

وأضافت" سائق خدمة التوصيل لم يستطع العثور على منزلي، لذلك قلت له سوف أكون في الشارع وألوح لك لكي تتمكن من التعرف على مكاني".

ومن ناحية أخرى، تقول اليس كوري إنها تشعر بالقلق من أن تطبيق قرار تخصيص أرقام للشوارع في المدينة، التي طالما عٌرفت بأنها ملاذ للفنانين والكتاب والشعراء، سوف "يجعلنا مجرد مدينة أخرى مثل باقي المدن على طول الساحل".

 وقالت إيملي جاراي، المحللة الإدارية بالمدينة لمجلس المدينة إنه على الرغم من أن السلطات المحلية ربما تكون على دراية بالممارسات الملاحية غير التقليدية في كارميل باي ذا سي، فإن قطاعات الطوارئ الأخرى مثل إدارة الغابات في كاليفورنيا والحماية من الحرائق أو مزودي خدمة الإسعاف بمقاطعة مونتيري ربما يواجهون صعوبة في سرعة معرفة مكان إقامة من يحتاجون إليهم إذا لم تكن هناك عناوين محددة.

ويتطلب قانون مكافحة الحرائق في كاليفورنيا تخصيص أرقام للمباني ووضع لافتات عليها. ولكن بلدة كارميل باي ذا سي لم تطبق بعد هذه الخطوة.

وقال اندرو ميلر رئيس إدارة مكافحة الحرائق في مونتيري لمجلس المدينة" أعتقد بصفتي رجل إطفاء متمرس أعمل في هذا المجال منذ أكثر من 37 عاما، ولدى خبرة كبيرة في التعامل مع المواقف الطارئة، إنه إذا كان السؤال هو هل سيكون من الأفضل أن يتم تخصيص أرقام للمباني؟... الاجابة بالطبع نعم".

ويقول السكان الذين يعارضون تخصيص عناوين للشوارع إنهم يخشون أن يؤدي ترقيم المباني لانتعاش توصيل البريد للمنازل، مما سوف يؤدي بدوره لإغلاق مكتب البريد في كارميل باي ذا سي.

وقال ديفيد روبيرت المتحدث باسم قطاع البريد الأمريكي في يناير الماضي لصحيفة ذا تايمز إن مكتب البريد" يخدم المجتمع المحلي منذ 1889" ولا توجد خطط لإغلاقه.

وقبل التصويت بشأن مسألة العناوين، قال العمدة دايف بوتر إنه " قلق بشأن حقيقة أننا نفقد شخصية مجتمعنا نوعا ما " وأنه أصبح من طبيعة المجتمع " القتال من أجل أمور صغيرة".

ولكن العضوة بمجلس البلدة كارين فيرليتو قالت إنها تلقت" الكثير من الرسائل الإلكترونية من السكان" الذين يريدون تخصيص عناوين للشوارع، ويخشون بشأن إمكانية الوصول إليهم وقت حدوث أزمة.

وأضافت" إذا كنا نقول إننا نفقد جمال البلدة بسبب عنوان، أعتقد أن هذه زاوية خاطئة". وأوضحت" الأمر يتعلق بأكثر من الجمال. فهو يتعلق بحالات الطوارئ في الحياة".

 

Email