دشنت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، دورها في الأزمة السورية على نحو مختلف من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أبقى الأزمة على حالها، مع منح بعض الدول الإقليمية حصصاً في سوريا، خصوصاً بعد العملية التركية في أكتوبر عام 2019 في شمال شرقي سوريا، بينما كان التركيز على النفوذ الإيراني في سوريا.
وفي تطور أمريكي جديد، ثمة تصريحان من الخارجية والأمريكية ووزارة الدفاع، يستحقان التوقف والتحليل، حيال الوضع في سوريا، التصريح الأول كان لوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي رفض تأييد اعتراف إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، مشيراً بدلاً من ذلك، إلى أهمية المنطقة لأمن إسرائيل.
ولعل في هذا التصريح، محاولة إغراء دمشق بالثقة، والعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، خصوصاً أن تصريح بلينكن ترافق مع رسالة إلى الميليشيات الإيرانية في سوريا، إذ انتقد بلينكن الوجود الإيراني على الأراضي السورية، مؤكداً أن وجود مثل هذه الميليشيات، يشكل تهديداً للأمن الإسرائيلي.
التصريح الثاني، كان من وزارة الدفاع الأمريكية، عندما أعلنت أن قواتها في سوريا لم تعد مسؤولة عن حماية النفط، وأن واجبها هو مكافحة تنظيم «داعش».
تقاطع كبير
وقال الناطق باسم الوزارة، جون كيربي، للصحافيين، إن «موظفي وزارة الدفاع ومقاوليها من الباطن، ليسوا مخولين بمد يد المساعدة إلى شركة خاصة، تسعى لاستغلال موارد نفطية في سوريا، ولا إلى موظفي هذه الشركة أو وكلائها».
وفي هذه الرسالة، الكثير من الرسائل السياسية إلى دمشق، منها الإيحاء أن النفط السوري ليس من نصيب قوات سوريا الديمقراطية «قسد» فقط، وإنما يمكن أن يكون للحكومة السورية نصيب من هذا النفط، وأن الإدارة الأمريكية، لم يعد من أولوياتها النفط، كما كانت إدارة ترامب، زد على ذلك، التصريح الذي شدد على الموقف الأمريكي، من الاستمرار في محاربة تنظيم داعش في شمال شرقي سوريا، ولعل في الأمر تقاطع كبير بين الإدارة الأمريكية والجيش السوري، الذي نفذ خلال الشهرين الأخيرين عشرات العمليات العسكرية ضد التنظيم المتشدد في بادية سوريا، فيما كانت الخسائر البشرية للجيش فادحة، على يد التنظيم، الذي أوقع عشرات القتلى من الجيش.
في المقابل، توقفت الإدارة الأمريكية منذ تسلم بايدن، عن إطلاق حزم من العقوبات، في إطار قانون «قيصر» لحماية المدنيين، إذ فرضت إدارة ترامب ثلاث دفعات من العقوبات منذ يوليو الماضي، وفي هذا التمهل الأمريكي عن إصدار العقوبات، على ما يبدو، رسالة تشجيعية للحكومة السورية، أن تكون أكثر تجاوباً مع المطالب الأمريكية والدولية، خصوصاً تنفيذ القرار الأممي 2254.
وفي كل هذه المعطيات السابقة، يمكن رؤية نهج أمريكي جديد حيال الأزمة السورية، أكثر نعومة وواقعية من النهج السابق، يقوم على إبقاء السلطة المركزية في دمشق، وإعادة التعامل معها بشكل جديد، وفق مبدأ «العصا والجزرة»، على أن تكون منسجمة مع المطالب الأمريكية، والتخلي عن خيار الضربات الانتقائية التي نفذها ترامب في أكثر من مرة ضد مواقع للجيش السوري.