دخلت وكالة الأنباء التونسية في تنفيذ قرارها بمقاطعة كل أنشطة الحكومة والأحزاب الداعمة لها، وعلى رأسها حركة النهضة، إلى غاية يوم 22 أبريل الجاري بعد اقتحام قوات الأمن لمقرها، أمس، فيما تواصلت موجة التنديد بحادثة الاقتحام بعد رفض العاملين في الوكالة تنصيب مدير عام جديد للمؤسسة، وهو كمال بن يونس الذي يعتبرونه مقرّباً من الحركة الإخوانية.

وفي الأثناء، يواصل الصحفيون والعاملون بإذاعة «شمس إف إم» اعتصامهم المفتوح الذي دشنوه يوم 15 مارس الماضي بمقر الإذاعة، مؤكدين رفضهم القطعي والمطلق لتعيين الصحفية حنان الفتوحي على رأس الإذاعة، معتبرين ذلك قراراً مسقطاً لا يستجيب لوضعية المؤسسة المالية الصعبة المصادرة من ممتلكات النظام السابق، والتي تحتاج إلى متصرف إداري ومالي له خبرة في إدارة المؤسسات ذات الصعوبات المالية، ومشددين على استعدادهم لخوض كل الأشكال النضالية دفاعاً عن المؤسسة وخطها التحريري، والنأي بها عن كل التجاذبات السياسية.

وتعرف تونس حالة من التجاذب السياسي في ظل مساعي الحكومة ومن ورائها حركة النهضة وحلفاؤها للسيطرة على الإعلام العمومي.

ويرى مراقبون أن حادثة اقتحام وكالة الأنباء الحكومية مثلت منعرجاً حاسماً في التصدي لمحاولات السيطرة على الإعلام العمومي في البلاد، في ظل تنديد واسع من قبل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية بالتدخل الأمني لفرض تعيين مسيّس على مؤسسة يفترض أنها تمارس مهمتها بالكفاءة والمهنية لا بالتدخل الحكومي أو محاولات هيمنة الإخوان عليها.

وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، إن «ما يحصل من انتهاكات خطيرة ضد مؤسسات الدولة وضد الإعلام نتيجة متوقعة لعملية الهيمنة التي تمكن منها الإخوان بفضل اصطفاف القوى الحداثية وراء مخططهم بقصد أو بدون قصد» وفق تقديرها.

واعتبرت حركة الشعب، أن ما جد أول أمس بوكالة تونس إفريقيا للأنباء، يشي بـ«محاولة لوضع اليد على الإعلام وتطويعه من طرف حكومة هشام المشيشي وحزامه السياسي» وحذرت من التمادي في سياسة تطويع الإعلام الحر وخنقه والإصرار على تعيينات حزبية على رأس مؤسسات وطنية هي ملك للشعب التونسي بأكمله

ودعت حركة الشعب، حكومة المشيشي وكل الهيئات المعنية إلى تطبيق القانون على القنوات التلفزيونية والإذاعية التي تحولت إلى أبواق سياسية لأحزاب بعينها، وامتهنت التحريض على معارضيها والدعوة إلى الفوضى والصدام بين الجماعات السياسية، مهيبة بالقوى الديمقراطية والمنظمات الوطنية للوقوف صفاً واحداً للتصدي لسياسات تخريب الإعلام وتدجينه وتوظيف أبواق إعلامية خارجة على القانون ضد المعارضين والخصوم السياسيين وفق نص بيان صادر عنها.

وكان أبناء الوكالة قرروا الإثنين الماضي، الدخول في إضراب عام حضوري، مركزياً وجهوياً، كامل 22 أبريل الجاري بسبب تشبث الحكومة بتعيين كمال بن يونس على رأس الوكالة، وذلك في تواصل للاعتصام الذي ينفذونه منذ أسبوع.

واستنكر فرع الاتحاد العام لطلبة تونس بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، بشدّة سياسة الأمر الواقع والعنف البوليسي التي تنتهجها السلطة من أجل إخراس الصحافة الحرة، والسيطرة على أبناء القطاع، محذّراً من أن ردود الفعل العنيفة من قبل السلطة لن تزيد الوضع إلا قتامة وسوءاً، ولن تؤدّي إلا إلى مشهد إعلامي لا يختلف في شيء عن إعلام ما قبل 2011.

وقال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنطوني بيلانجي، إن اقتحام الشرطة لمقر الوكالة لا يعدّ فقط تهديداً لصحافييها وإنما هو «تهديد لحرية الصحافة في تونس»، معتبراً أن «مثل هذه التعيينات السياسية ليس لها مكان في مؤسسات الإعلام العمومي».

وقال حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، إن الحكومة الحالية وحزامها السياسي في حالة عجز دفعها إلى السعي إلى تركيع الإعلام بعد أن لجأت لقمع الشباب الغاضب حتى القصّر منهم والزج بهم في السجون، وهو ما يؤكد مجدداً أنه لم يبق لهذه الحكومة بعد ذلك سوى الرحيل، داعياً كل القوى الوطنية الصادقة إلى الوقوف في وجه مثل هذه السلوكيات وهذا المنحدر الخطير الذي نعيشه والذود على الوطن أمام استفحال العجز والفساد فيه، وإلى الدفع نحو الخروج من الأزمات عبر حوار وطني ملزم للجميع

بدوره، أدان حزب التيار الشعبي بشدّة هذا الاعتداء، محمّلاً رئيس الحكومة المسؤولية المباشرة عن الحادثة، معتبراً أن الهيمنة على الإعلام العمومي بعد أن تمّت السيطرة على أغلب الإعلام الخاص من قبل السلطة الحاكمة «جعل من الحديث عن حرية الإعلام والتعبير شعاراً أجوف»، وفق نص البيان.