أنعشت التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي الخاص باليمن، مارتن غريفيث، ومعه مبعوث الولايات المتحدة، تيم ليندركينغ، الآمال بإمكانية تحقيق السلام في اليمن، رغم مراوغات ميليشيا الحوثي، وتاريخها الحافل بالمراوغة والتنصل من الاتفاقات.
وإذا كان قبول الميليشيا لقاء المبعوث الأممي، بعد أن رفضت ذلك من قبل، فإن هذه الخطوة تمت بموجب ضغوط دولية إقليمية، ومرتبطة بالفشل الواضح الذي منيت به الميليشيا في هجومها المتواصل على مأرب، منذ مطلع العام الجاري، والخسائر الكبيرة التي لحقت بها، حيث فقدت الآلاف من مقاتليها، والعشرات من الأليات والعربات القتالية، إلا أن هذا اللقاء، يشكل بداية لخطوات تحقيق السلام، إذا ما صدقت نوايا هذه الميليشيا، لأن النقاشات تناولت خطة وقف القتال، التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة، منذ مطلع العام الجاري.
ولأن اللقاء جاء مع قرب انتهاء فترة ولاية مبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الذي عُين وكيلاً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فإن التحركات المساندة لتلك الجهود، والتي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة، وبالتعاون مع أطراف إقليمية مؤثرة، ربما تشكل بداية جادة للولوج نحو السلام، بعد سبع سنوات من القتال، الذي تسبب في تشريد أكثر من أربعة ملايين شخص، وخلفت أكثر من مئة ألف قتيل من المدنيين فقط، وأضعافهم من المسلحين. إلا إذا عادت الميليشيا لأسلوبها السابق في المراوغة، وإفشال كل جهد لإحلال السلام، كما حدث في محادثات السلام التي استضافتها الكويت، أو اتفاق وقف إطلاق النار الخاص بمحافظة الحديدة، الذي أبرم في نهاية عام 2018.
وإذا كان من المنطق أن يتشكك الكثير من اليمنيين بجدية الميليشيا من استحقاقات السلام، ويستشهدون باستمرار إرسال التعزيزات إلى محافظة مأرب، رغم الفشل الذريع الذي منيت به الميليشيا، إلا أن تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية، أن تحقيق السلام في اليمن، يشكل أولوية لدى الإدارة الحالية، كما أن التوافق الدولي على ضرورة وقف الحرب، والتوجه نحو محادثات السلام، يشكل اليوم رافعة قوية للسلام، ويعزز الآمال بقرب الذهاب نحو محادثات سياسية، تمهد لفترة انتقالية، تعيد الأمن والاستقرار إلى هذا البلد، الذي يواجه تحديات سياسية واقتصادية بالغة الصعوبة.
ولأن الضغوط الدولية كانت فاعلة في إثناء ميليشيا الحوثي عن قرار مقاطعة مبعوث الأمم المتحدة، وإرغامها على الدخول في مناقشة خطة السلام، فإن استمرار هذه الضغوط وتعزيزها، إلى جانب التقدم الحاصل في محادثات الملف النووي الإيراني، من شأنها أن تدفع باتجاه عودة الميليشيا إلى طاولة الحوار، والإقرار بفشل رهانها على تحقيق أي نصر في محافظة مأرب، بعد محاولات استمرت عاماً ونصف العام، منذ بداية هذه المغامرة.