يطوي اليمن صفحة ثالث مبعوث للأمم المتحدة إلى البلاد منذ الاحتجاجات التي شهدتها في عام 2011 قبل انقلاب ميليشيا الحوثي، ولكن المبعوثين الثلاثة فشلوا في إعادة الاستقرار إلى هذا البلد الذي يعاني أزمات مركبة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

فبعد أول مبعوث إلى اليمن جمال بن عمر جاء إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي اضطر إلى تقديم استقالته بعد أن اصطدم بتعنت ميليشيا الحوثي ومحاولة اغتياله عند آخر زيارة له إلى صنعاء بعد أن تمكن من إنجاز اتفاق الكويت للسلام قبل أن تنقلب عليه الميليشيا عند التوقيع عليه.

ومع أن قطاع واسع من اليمنيين راهنوا على المبعوث الحالي مارتن غريفيث باعتباره واجهة بريطانيا في الملف اليمني وهي الدولة التي تتولى رئاسة مجموعة أصدقاء اليمن وحاملة قلمه في مجلس الأمن، إلا أن الرجل انتهج مساراً آخر بغرض توسعة قاعدة الأطراف المشاركة في نقاشات السلام، واستكشاف طرائق بديلة لاتفاق الكويت، ولكنه غرق في الهوامش والفعاليات التي أفرط في تنظيمها سواء لقطاعات الشباب أو المرأة أو منظمات المجتمع المدني فأضاع عاماً ونصف عام من دون الخروج برؤية محددة للوصول إلى اتفاق لوقف القتال واستئناف المحادثات السياسية.

ومع بداية العام الماضي بدأ غريفيث يتبنى مشروعاً سماه «الإعلان المشترك» حاول من خلاله المزاوجة بين متطلبات تنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن إنهاء الانقلاب واستئناف المسار السياسي واشتراطات ميليشيا الحوثي للعودة إلى طاولة الحوار. ولكن هذا المشروع قوبل برفض قاطع من الميليشيا، حتى أطلقت المملكة العربية السعودية بداية العام الجاري مبادرتها للسلام في اليمن وساندتها الولايات المتحدة، وتم من خلال هذه المبادرة وضع مقاربة لمتطلبات الحل العادل بعيداً عن الخيار العسكري ليشمل إجراءات إنسانية واقتصادية تخفف من آثار الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمن بفعل الحرب التي أشعلتها الميليشيا ومتطلبات عودة الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار.

وفي ظل إرادة أمريكية واضحة وموقف دولي موحد داعم للسلام في اليمن سلمت هذه الخطة التي مزج فيها اقتراحات للأمم المتحدة مع المبادرة السعودية والأفكار الأمريكية للجانبين فقبلتها الحكومة اليمنية ورفضتها الميليشيا، ومع تنامي الضغوط الدولية على ميليشيا الحوثي ورعاتها للقبول بهذه الخطة جاء قرار الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين غريفيث وكيلاً للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في انتظار اختيار مبعوث رابع إلى اليمن.

وبحكم عمله وسيطاً دولياً حاول غريفيث طوال عامين ونصف عام أن يظهر متفائلاً في كل محاولة يفشل فيها في تحقيق أي تقدم، ولكنه هذه المرة التي يرجح أنها الأخيرة له في منصبه هذا قال أن لا أحد يمكن أن يكون أكثر إحباطاً منه فقد أمضى عاماً ونصف عام في أمور يسهل وصفها نسبياً، وقف إطلاق النار، وافتتاح مطار صنعاء، وافتتاح موانئ الحديدة، وتأخر بدء المفاوضات السياسية.