في اتجاهين متوازيين، كثّفت ميليشيا الحوثي، حملات تجنيد الأطفال، إذ أغلقت أبواب مصادر الزرق، بما ترك من باب الالتحاق بجبهات القتال، منفذاً وحيداً للحصول على مصدر دخل يعيل الأسر، بعدما أوقفت رواتب مئات آلاف الموظفين، واحتكار التجارة وفرض الجبايات على أصحاب المحلات والمهن.
ومع دخول حملة تجنيد طلاب المدارس شهرها الثاني في مناطق سيطرة الميليشيا، أمر الزعيم الحوثي، قادة الميليشيا في المحافظات بالنزول المباشر إلى المراكز والمدارس والمساجد لمتابعة التعبئة المتطرفة، والإسراع في فرز المجاميع الجاهزة للدخول في مرحلة التدريب على استعمال الأسلحة، ومراقبة المساجد التي لا يلتزم القائمون عليها بالنهج الطائفي الذي عممت تدريسه في كل مراكز التجنيد التي فتحتها تحت مسمى المراكز الصيفية.
ووجّه قادة الميليشيا ومشرفيها في صنعاء بإغلاق عدد من مدارس تحفيظ القرآن، وتغيير القائمين على بعض المساجد، فضلاً عن توقيف عشرات الطلاب الذين يتلقون فيها مواد دينية ولغوية لا تتفق والنهج الطائفي، بدعوى أنّ هذه المدارس والمراكز تخالف النهج الذي أقرته، بعدما وجدت أنّ الكثير من الأسر ترسل أبناءها لهذه المراكز هرباً من الفكر المتطرف وتفادياً لإلحاقهم بجبهات القتال.
تضييق
وكشف سكان في صنعاء، إغلاق الميليشيا البرنامج الصيفي في مركز معاذ بن جبل في منطقة جدر وجامع الفرقان، والسنة والصديق والتوحيد في سعوان، والبشائر، والفتح، والخير، في كل من إب وذمار، فضلاً عن استهداف عدد محدود من الجمعيات الخيرية لنفس الأسباب، في إطار تعميم النهج الفكري المتطرف وتحويل التعدد والتنوع في المجتمع اليمني إلى مصدر للصراع والكراهية. وضيّقت ميليشيا الحوثي، على السكان في مناطق سيطرتها، إذ منعت دخول العملة الوطنية من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية إلى مناطق سيطرتها.
كما استمرت في توجيه عائدات الدولة والجبايات المضاعفة التي تفرضها على أصحاب المحلات والمهن نحو دعم مجهودها الحربي، وفتحت الباب أمام الأطفال والأسر التي يتهددها الجوع، للحصول على راتب شهري ومواد إغاثية من المساعدات التي تتحكم بها، حال الالتحاق بجبهات القتال.
رفض وتصعيد
وعلى الرغم من العروض التي قدمتها الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية، للتخفيف من الأزمة الإنسانية التي سببتها الحرب، إلّا أنّ الميليشيا ترفض، وتتمسك بالتصعيد، باعتبار أنّ استمرار الأزمة يوفّر لها الظروف المواتية لاستمرار استقطاب الأطفال وإلحاقهم بمعسكرات التدريب، في ظل صمت المنظمات الدولية، أو الاكتفاء بمجرد تصريحات خجولة بعيدة عن الإجراءات العملية القادرة على لجم الميليشيا وإجبارها على وقف تجنيد الأطفال والمتاجرة بالمعاناة الإنسانية التي سببتها حرب الميليشيا لملايين اليمنيين.