رويداً رويداً، يخطو السودان نحو التعافي من تركة نظام الإخوان، ففي بحر العامين الماضيين من عمر الحكومة الانتقالية، ورغم الأوضاع المعيشية القاسية، التي يعاني ويلاتها السودانيون، إلا أن هناك نقاط ضوء تبعث الأمل، بأن فجراً جديداً للبلاد التي أنهكتها الصراعات، على وشك الطلوع، ولم يكن وصول السودان لنقطة القرار في ما يتعلق بمبادرة الدول المثقلة بالديون (هيبيك)، آخر ما تحقق في سبيل ذلك، إذ سبق ذلك رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وغيرها من الخطوات التي تمضي في إطار الخروج من العزلة الدولية.


وبلا شك، أن الاقتصاد كان من أكثر القطاعات التي تأثرت سلباً بسياسات النظام المعزول الخارجية، إذ ورثت الحكومة الانتقالية اقتصاداً متهالكاً، يعاني خللاً هيكلياً، تمثل في العجز الكبير في الموازنة، والاستدانة من النظام المصرفي، لا تقل عن 200 مليار جنيه في السنة، بجانب الخلل في سعر الصرف وتعدده، والعجز الكبير في الميزان التجاري، فضلاً عن الديون الخارجية التي بلغت ما يقارب الـ 60 مليار دولار.


وعملت الحكومة على إزالة تلك التشوهات، مع إجراء إصلاحات تشريعية وقانونية، ساعدها في ذلك، بحسب رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإدماج السودان في المجتمع الدولي، وتطبيع العلاقات مع دول العالم، وما يعكس جدية الحكومة، وفقاً لحمدوك، وضع برنامج متكامل للإصلاح، ضمن استراتيجية للحد من الفقر.


ويتوقع أن يستفيد السودان من قرار دخوله مبادرة الدول المثقلة بالديون، بحيث يسمح له كدولة مؤهلة لتلقي التمويل، من أجل المشاريع التنموية، والانخراط فوراً مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، بعد أن قام السودان بتصفية متأخراته المستحقة لتلك المؤسسات المالية الدولية، والتي تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.


كما أن القرار يمكّن السودان من استعادة حق التصويت في صندوق النقد الدولي، المعلق منذ أغسطس 2000 م، بجانب الاستفادة المباشرة بحصوله على منح وقروض جديدة، وسيفتح الطريق للسودان، للحصول على حوالي 4 مليارات دولار، منها 2 مليار دولار عبر صندوق التنمية العالمي، توجه للصرف على الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والنمو الاقتصادي، بحسب ما أدلى به رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك.


 ويرى المحلل الاقتصادي أحمد خليل، لـ «البيان»، أن وصول السودان إلى نقطة القرار، في ما يتعلق بمبادرة الدول المثقلة بالديون، واحدة من التحديات الكبيرة التي استطاعت الحكومة الانتقالية إنجازها، في غضون فترة وجيزة، ما يشير إلى أن هناك رغبة في مساعدة السودان في الخروج من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولفت إلى أن استفادة السودان من القرار، يضعه في الطريق الصحيح، لبداية تنموية صحيحة، حيث يمكن أن يسخر موارده الطبيعية والبشرية، في التحول من الإنتاج التقليدي إلى الإنتاج المتطور، لا سيما في القطاع الزراعي بشقيه، من خلال الاستفادة من المنح والفرص المقدمة من مؤسسات التمويل الدولية، وتلك المتعلقة بمكافحة الفقر.