مع ظهور طبقة جديدة من الأثرياء في صفوف قادة ميليشيا الحوثي ومشرفيها، فُتح باب جديد للصراع بين أجنحتها حول الأموال وتوسّع غول الفساد يوماً بعد آخر في مناطق سيطرة الميليشيا، فيما خرج هذا الصراع إلى العلن عبر تبادل الاتهامات بين ممثلي الأجنحة. وتركز الهجوم على الجناح الذي يقوده أحمد حامد، مدير ما يسمى مكتب الرئاسة، إذ شنّ محمد المقالح، عضو ما تسمى اللجنة الثورية، هجوماً حاداً على حامد، واتهمه بمنح تراخيص مرور 50 نوعاً من السموم «المبيدات» بتوجيه واحد ولم يحاسب أو يُقل بل ظل في مكانه، مضيفاً: «كيف يمكن أن آمن على مستقبل اليمن في عهدكم، وهذا هو صاحب القرار الأول والأخير».
وشدّد القيادي الحوثي، على أنّ الفساد في عهد الميليشيا أصبح قراراً سياسياً، وكاذب من يقول غير ذلك على حد قوله.
وفي رده على اعتراض، حسن الصعدي، رئيس ما تسمى اللجنة الاقتصادية للميليشيا على انتقاد الفساد، قال المقالح «خرج اللص يعظ الناس قائلاً: «نحن في وضع دقيق فلا تكشفوا ظهورنا، تنهبون وتقهرون الناس وتتعالون عليهم، وتفرضون إحلالاً وظيفياً وقضائياً، وتريد من الناس في نهاية المطاف السكوت على جرائمكم بدلاً عن التخلي عن ممارساتكم وتغيير نهجكم».
وتعتبر هذه المشاهد طبيعية تكرّر كل يوم بين أجنحة الميليشيا، بعد أن بلغ الفساد مستوى لم يعرفه اليمن من قبل، إذ يعيش 80 في المئة من السكان على المساعدات الغذائية، فيما تواصل قيادة الميليشيا في تسخير عائدات الدولة لتصعيد القتال، وإطلاق يد قادتها لنهب شركات وأموال اليمنيين، ومنح المشرفين صلاحيات فرض جبايات متعددة على أصحاب المحلات التجارية والمنتجات الزراعية والحيوانية، فضلاً عن إقدامها على إلغاء أرباح الديون الداخلية المقدرة بـ 30 مليار دولار، وهي في معظمها قيمة أذون خزانة تخص استثمارات الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، ما يعني فقدان الهيئة القدرة على دفع رواتب الموظفين المتقاعدين أو من سيحالون للتقاعد.
ومع إطلاق يد جناح أحمد حامد في الاستيلاء على الأموال وتراخيص الاستيراد والأعمال التجارية، عيّن محمد الحوثي، رئيس ما تسمى اللجنة الثورية العليا، رئيساً للجهاز القضائي تحت مسمى المنظومة العدلية خلافاً لنصوص الدستور والقانون، وأصبح يمتلك سلطة على مجلس القضاء الأعلى والمحاكم، ليتأمر من موقعه بفرض رسوم على بيع أو تسجيل العقارات بنسبة 25 في المئة من القيمة، ومصادرة مساحات واسعة من الأراضي بحجة أنّها أراضي أوقاف، ومنح حق التحكم وإدارة ممتلكات الدولة بكل مؤسساتها.
ومع الصراع المحتدم بين أجنحة الميليشيا، زادت مساحة الفقر والرشوة واضطر الكثيرون لإغلاق أعمالهم التجارية لعدم قدرتهم على الوفاء بالجبايات المتنوعة، فضلاً عن احتكار أثرياء الميليشيا كل الأعمال ذات الربحية العالية، لا سيّما ما يتصل بتجارة الوقود وبيع الكهرباء أو استيراد المبيدات والأسمدة الزراعية أو بناء الأسواق التجارية.