توقفت تماماً جهود إحلال السلام في اليمن مع رفض ميليشيا الحوثي خطة وقف إطلاق النار التي اقترحتها الأمم المتحدة، وفشل المساعي الإقليمية والدولية في إقناعها بالقبول بهذه الخطة لإنهاء معاناة ملايين اليمنيين، كما أن المنظمة الدولية تأخرت في تسمية مبعوثها الجديد إلى اليمن بعد تعيين المبعوث السابق وكيلاً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
الميليشيا لم تكف عن المراوغة والتلاعب بمتطلبات السلام، ومع استمرارها في التصعيد في أكثر من جبهة، ذهبت إلى القول إنها لا تريد إطالة أمد الحرب، طالما وكررت المطالبة بتنفيذ شروطها لوقف إطلاق النار قبل القبول بخطة الأمم المتحدة في خطوة يعرف الجميع أن هدفها هو التعويض عن فشلها في تحقيق أي تقدم على الأرض باتجاه محافظة مأرب، حيث توجد حقول النفط والغاز، كما رفضت مقترحات إعادة تشغيل الرحلات التجارية من مطار صنعاء وضمن إجراءات تفرضها قرارات مجلس الأمن الدولي لمراقبة المنافذ لمنع تهريب الأسلحة.
وفي وقت تواصل فيه هذه الميليشيا منع بعثة المراقبة الأممية من العمل وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من مدينة وموانئ الحديدة، تتحدث الميليشيا عن مطالب «تساعد على بناء الثقة»، رغم أن تاريخها مملوء بعدم الالتزام لأي اتفاق عقدته مع الحكومة اليمنية منذ بداية تمردها على السلطة في منتصف العام 2004 وحتى اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الحديدة مروراً باتفاق فتح المعابر لمدينة تعز ومن ثم ملف الأسرى والمعتقلين.
مواجهة
ولأن الميليشيا وجدت نفسها في مواجهة مع الشعب اليمني بعد قبول الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها خطة وقف الحرب والذهاب نحو محادثات سياسية شاملة، فإنها تسعى إلى تضليل المجتمع من خلال حديث قادتها عن الحرص على السلام العادل والمستدام وإطلاق مفاوضات جادة، وتصوير الرقابة على تهريب السلاح بأنها حصار، والمغالطة في حديثها عن مشكلة المشتقات النفطية، وإخلالها باتفاق ستوكهولم الخاص بتوريد عائدات هذه التجارة لصالح رواتب الموظفين الموقوفة أصبحت مفضوحة ومعروفة لم تعد تنطلي على أحد.
تجنيد
ومع أنها مستمرة في تجنيد الطلاب واستغلال الحالة الاقتصادية للسكان بإغرائهم بالحصول على رواتب إذا ما انخرطوا في القتال في صفوفها، واستهدافها طرق التجارة، وإصرارها على استمرار توقف الرحلات التجارية إلى مطار صنعاء، وتحمل المسافرين عناء قطع مسافات طويلة جديدة من أجل الانتقال إلى المطارات في مناطق الشرعية؛ فإنها عادت اليوم وبعد فشل الهجوم الذي استمر نصف عام على مأرب لتعلن الجاهزية لمفاوضات سلام جادة وصادقة، وهي حيلة يقول اليمنيون إنهم يعرفون مراميها، فكلما خسرت الميليشيا معركة تذهب نحو الحديث عن السلام بهدف إعادة ترتيب صفوفها واختيار جبهة قتال جديدة.
قناعة
وفي ظل قناعة متأصلة لدى اليمنيين بأن ميليشيا الحوثي تؤدي وظيفة ضمن مشروع هيمنة إقليمية، ولهذا فإنها لا تمتلك قرار الحرب أو السلام.
وأن ما يصدر عنها من مواقف إنما هو انعكاس لتطورات الملف الإقليمي، ولهذا يوقنون أن ألاعيب ميليشيا الحوثي ستستمر خلال الفترة القادمة، وأن أي تطوّر في اتجاه القبول بخطة وقف الحرب يتطلب انتظار التطورات الإقليمية وتسمية مبعوث أممي جديد إلى اليمن.