أعاد مجلس الأمن، كرة سد النهضة مرة أخرى، إلى ملعب الاتحاد الأفريقي، ولم يعد من خيار أمام الدول الثلاث، غير البحث عن آلية جديدة، يتم من خلالها حسم الملف الذي لم يعد التفاوض حوله بالمنهجية القديمة مجدياً، بحسب الخبراء، إذ إن جولات التفاوض التي استمرت لما يتجاوز العقد من الزمان، فشلت في وضع حد للقضية، التي أوشكت على الانفجار في ما بين دول الملف (إثيوبيا، السودان، مصر)، ما ينعكس سلباً على مجمل المنطقة.
ويرى خبراء إمكانية أن يكون للاتحاد الأفريقي، الذي أحال إليه مجلس الأمن الملف من جديد، دور أكثر تأثيراً في حال توفرت الإرادة السياسية للأطراف، لا سيما أن بيان المجلس، أقر دور الخبراء للمساهمة في حل المشكلات الفنية والقانونية التي مثلت عقبة أمام التوصل إلى اتفاق مرضٍ للأطراف الثلاثة.
وأعلن السودان ترحيبه بالبيان الذي أصدره مجلس الأمن بشأن أزمة السد، حيث أكدت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، في بيان أمس، أن قرار المجلس، يعكس مستوى المرونة التي أبداها وفد السودان في التعاطي الإيجابي مع جميع الأطراف المعنية بالتفاوض، وأعربت عن أملها في أن يدفع اعتماد البيان، الأطراف الثلاثة إلى استئناف التفاوض في أقرب الآجال، وفق منهجية جديدة، وإرادة سياسية ملموسة، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
اتفاق ملزم
وأبدت المهدي استعداد السودان للانخراط البنَّاء في أي عملية تقود إلى استئناف التفاوض، تحت مظلّة الاتحاد الأفريقي، وتقود الأطراف إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد، وذلك توافقاً مع الفقرة الخامسة من بيان مجلس الأمن، التي تعطي المراقبين دوراً تيسيرياً في عملية التفاوض.
ويؤكد وزير الري السوداني السابق، د.عثمان التوم، في تصريح لـ «البيان»، أن المرحلة المقبلة، تتطلب من الأطراف الثلاثة التركيز على النقاط التي لم يتم الاتفاق عليها، والممثلة في الـ 10 % المتبقية، وعدم التطرق لقضية آلية التفاوض، باعتبار أن ذلك يعود بالملف إلى ذات الدائرة المفرغة، التي كانت مستمرة طوال الفترة الماضية.
وأضاف: «إذا تم التركيز على هذه النقاط، والمحصورة في سنوات الجفاف والجفاف الممتد، وآلية فض النزاعات، يمكن الوصول إلى اتفاق حولها، خاصة أن السودان أبدى رأياً واضحاً في ما يتعلق بالمشاريع المستقبلية، وهو حق إثيوبيا في ذلك، شريطة ألا يؤثر ذلك في المتشاركين في النهر».
ويشدد التوم على أهمية الاستفادة من الخبراء الأفارقة في تسهيل الوصول إلى اتفاق، عبر طرح مبادرات للحل، حيث لم يتم الاستفادة منهم خلال الجولات السابقة، غير أنه أكد أن ذلك لا يتم ما لم تتوفر الإرادة السياسية للدول الثلاث، وتابع: «للأسف الإرادة السياسية غير متوفرة، وذلك باعتبار أن البلدان الثلاثة، لديها مشاكلها الداخلية، ووجود سد النهضة، يمثل لديها عدواً خارجياً لتعليق تلك المشاكل».