بكثير من الأمل، الممزوج بكثير من الحذر، استقطبت زيارة رئيس حكومة لبنان، نجيب ميقاتي، لباريس، أمس، ولقاؤه المرتقب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم، المتابعات الداخلية، من بوابة التعويل على هذه الزيارة، لتشكل فاتحة الدعم الخارجي للبنان، من خلال أول زيارة لميقاتي خارج البلاد.

وغداة نيل حكومته ثقة المجلس النيابي، وسعياً منه إلى كسب الثقة الفرنسية والدولية، أطلق ميقاتي عجلة العمل الدبلوماسي، وتحرك في اتجاه باريس، بوابته الوحيدة إلى المجتمع الدولي، في زيارة عمل، يتخللها لقاء يجمعه بالرئيس الفرنسي اليوم، هو من دون شك خبر مهم بحد ذاته، على الأقل محلياً، من بوابة كون هذا اللقاء، سيعيد وضع لبنان الرسمي على الخارطة الدولية، بعد غياب تام دام لأكثر من عام. ذلك أن الحكومة التي رعت باريس تأليفها، قد تشكلت، وباتت مكتملة المواصفات الدستورية، وبالتالي، تحتاج لاستعادة ثقة العالم بها، لتنطلق في عملية النهوض الاقتصادي والمالي.

وعليه، ارتفع منسوب الكلام عن أن الحكومة الميقاتية لم تأت مطابقة إلى حدود كبيرة للمبادرة الفرنسية الشهيرة، إلا أن باريس، باستقبالها ميقاتي في أول محطة خارجية له، ستؤكد رعايتها المباشرة القوية لهذه الحكومة، وتنظر إليها على أنها تتويج لجهودها وضغوطها التي لم تتوقف منذ قيام الرئيس ماكرون بزيارتيه الشهيرتين لبيروت، بعد انفجار المرفأ في 4 أغسطس من العام الفائت.

خطة.. وترقب

وعلى هذا الأساس، سيدخل ميقاتي الإليزيه، اليوم، حاملاً معه خطة ترتكز على مبدأ القيام بكل ما أمكن داخلياً، وكل ما يساعد فرنسا لإطلاق مساعدة لبنان، ضمن تأثيرها الدولي وطاقاتها. وهذه الخطة، وفق تأكيد مصادر متابعة لـ «البيان»، تبدأ بمحاولة إعادة إحياء «سيدر»، ولا تنتهي بحل مشاكل اللبنانيين، من كهرباء وإعادة إعمار مرفأ بيروت، وتأمين الحماية الاجتماعية للبنانيين وغيرها.

وإذ يبدو طبيعياً أن تثير أول زيارة لميقاتي، كرئيس للحكومة، إلى باريس دون سائر العواصم العربية والغربية المعروفة تقليدياً بعراقة علاقاتها التاريخية مع لبنان، الكثير من الاجتهادات والجدل حول دلالاتها، وما يمكن أن تفضي إليه على صعيد توفير دفع بارز للحكومة، فإن الأنظار ستتركز على نتائجها، وما يمكن أن يسمعه ميقاتي في المقابل من تشديد فرنسي على الأهمية الحاسمة لالتزام حكومته المسار الإصلاحي التنفيذي والجدي والحاسم، والذي لن تكون للبنان مساعدات خارجية ودولية وازنة من دونه. وهنا، يجدر التذكير بأن الرئيس الفرنسي، كان أكد استعداد بلاده، بعد تشكيل الحكومة في لبنان، لقيادة مسعى دولي لحشد الدعم الدولي والمساعدات للبنان، وكذلك رغبتها في تحصين الحكومة الجديدة ومواكبتها، بما يساعدها في تثبيت القطار اللبناني على السكة المؤدية إلى الانفراج.

دعم مشروط

وإذا كانت أموال الدعم مشروطة بإصلاحات وببرامج إنمائية واضحة، فإن بعضها أو جلها مرهون بموافقات عربية، هي غير متوفرة حتى الساعة، بالرغم من مسارعة الكويت، عبر سفيرها في بيروت، للترحيب برئيس حكومة لبنان، فيما الأردن، الذي سبق أن أعلن مد لبنان بالكهرباء، فأكد ملكه لميقاتي سعيه مع قادة العالم لدعم لبنان، وهو فعلاً حمل قضية لبنان، أول من أمس، إلى الأمم المتحدة، حيث دعا لدعم اللبنانيين للنهوض من أزمتهم.