لثلاثة أيام متتالية شهدت مدينة تعز ثالث أكبر مدن اليمن احتجاجات عنيفة على تدهور قيمة العملة وارتفاع الأسعار وكذا معدل التضخم.
وأغلق مئات المحتجين الشارع الرئيس بالمدينة وعدداً من الشوارع الفرعية بالإطارات المشتعلة، مع الهتافات المنددة بالغلاء الذي أوصل اليمنيين إلى حافة الجوع وعدم ضبط الحكومة الانخفاض المتتالي لسعر العملة مقابل العملات الأجنبية.
وتأتي «ثورة الجوع» التي أطلقها السكان في المدينة ومدن يمنية أخرى كنتائج مباشرة للانقلاب الحوثي واعتماده صرف سعرين للعملة الوطنية واستنزاف احتياطي العملات الأجنبية للبلاد.
وتشهد السوق النقدية في المحافظات المحررة تدهوراً غير مسبوق لسعر الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي، إذ تجاوز سعر الدولار 1200 ريال وتجاوز الريال السعودي 320 ريالاً يمنياً، وهي مستويات يصلها الريال اليمني لأول مرة على الإطلاق منذ اعتماده عملة للبلاد، ما تسبب بانعكاسات كارثية على مستوى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات وتآكل الدخل الفردي والأسري خاصة موظفي الدولة وذوي الدخول المحدودة من العمال بالأجور اليومية والشهرية.
ويوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان لـ «البيان» وجود أسباب مستمرة لاستمرار تدهور قيمة الريال وانفلات السوق النقدية، حيث هناك «الغياب الكلي لأي دور عملي للبنك المركزي في أداء وظائفه المعروفة وبالتالي عدم قدرته على السيطرة على السوق النقدية والعمل بما ينبغي اتخاذه من السياسات المالية والنقدية بالتنسيق مع وزارة المالية والأجهزة ذات العلاقة مع استمرار انهيار الجهاز المصرفي وعدم القدرة على تفعيله ليستعيد دوره الأساسي في الدورة الاقتصادية».
وكذا خلو خزينة الدولة الممثلة بالبنك المركزي من الأرصدة النقدية المفترض أن تتدفق من أوعيتها الإيرادية، وذهاب الحكومة لمواجهة العجز في نفقاتها بطباعة كميات نقدية جديدة في ظل توقف حركة الاستثمار بسبب الحرب.
ويضيف قحطان أن عدم قبول الميليشيا الحوثية للتعامل بالطبعات النقدية الجديدة في مناطق سيطرتها فرض على الراغبين بالانتقال إليها تحويل أرصدتهم النقدية من الريال إلى الدولار والريال السعودي ما ساهم في رفع الطلب على العملات الأجنبية في مناطق الشرعية مقابل انخفاض العرض منها، وما أوجد بدوره فرصة لشركات الصرافة العاملة في مناطق سيطرة الشرعية لرفع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال للمزيد من الأرباح المتاحة في ظل النشاط المصرفي المنفلت.