تحتل مشكلة المياه في الأردن حيزاً كبيراً من التوجه الحكومي لإيجاد حلول سريعة لها، فالأردن في ظل شح الأمطار، وجفاف عدد من السدود، يدخل مرحلة حرجة في التعاطي مع أزمة مياه وشيكة على صعيد ري المزروعات وتأمين مياه الشرب في ظل عدم وجود موارد أخرى يمكن الاعتماد عليها كمحطات تحلية المياه أو مياه جوفية على غرار حوض الديسي.

وبحسب المتخصصين فإن الماء الموجود في الأردن لا يكفي إلا لمليوني شخص، وليس أمام المملكة فرصة سوى مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر، فالمصادر المائية محدودة، والاعتماد على الدول الأخرى لا يمكن الرهان عليه، فالوضع المائي في المملكة حرج ويجب التحرك لإيجاد الحلول وإيقاف النزف الحاصل.

واشتدت هذه الأزمة بعد إعلان الحكومة الأردنية جفاف ثلاثة سدود حتى الآن بالكامل وانخفاض كميات المياه المخزنة في السدود الأخرى لمستويات تاريخية، ما يهدد العديد من الأنشطة، أبرزها الزراعة، وفي الأردن يوجد 14 سداً رئيساً، والسدود التي جفت هي الوالة والموجب والتنور.

ويقول رئيس لجنة الزراعة والمياه والبادية النيابية، محمد العلاقمة: «أمامنا أزمة مياه لا يمكن إنكارها، وهذا العجز الحاصل سيؤثر تباعاً على الأمن الغذائي، في الأردن نعتمد على المياه السطحية والجوفية، ونظراً للتغير المناخي الذي أثر على كل العالم، فإن الموسم المطري لدينا قل بشكل ملحوظ، السدود تعتمد على مياه الأمطار، في الحقيقة لم يكن لدى وزارة المياه استراتيجيات واضحة وطويلة الأمد لأخذ الاحتياطات اللازمة من زيادة استيعاب السدود وبناء السدود في مناطق مختلفة».

اهتراء الشبكات

وأضاف العلاقمة: «أيضاً لدينا مشكلة الفاقد الفني والإداري في شبكات المياه، حيث يتم فقدان 47% من كميات المياه بسبب اهتراء الشبكات، ويجب إجراء إصلاحات قبل أن تتفاقم هذه الأرقام، فالمصادر المائية لدينا محدودة ولم نطورها، بل كان هنالك اعتداء على الشبكات وعلى المياه الجوفية وخطوط النقل، ولا يوجد أمامنا حلول سوى إعادة تأهيل هذه الشبكات وزيادة السدود وصيانة الموجود وتنفيذ مشروع الناقل الوطني من العقبة إلى عمّان، حيث سيزودنا بـ300 مليون م3 من المياه المحلاة سنوياً، وهذا المشروع في عام 2027 سيبدأ الضخ، وبالتالي أمامنا سبع سنوات نحتاج فيها إلى التحرك وأخذ كل الإجراءات وتطبيق القانون على كل شخص يخالف ويعتدي».

وتابع العلاقمة قائلاً: «فالمخزون المائي في السدود من الموسم الشتوي 2020 إلى 2021، أقل بـ80 مليون م3 مقارنة بالموسم الذي سبقه، فمخزون السدود متدنٍ حالياً، حيث يبلغ 66 مليون م3 من أصل 336 مليوناً، أي نسبة تخزين تقل عن 20%، حيث تواجه المملكة عجزاً مائياً بنحو 40 مليون متر مكعب في مياه الشرب الصيف الفائت، بحسب وزارة المياه والري، والعجز الكلي لكافة الاحتياجات يزيد على 450 مليون متر مكعب سنوياً، ويعتبر الأردن من أفقر دول العالم في المياه، حيث تبلغ حصة الفرد 80 متراً مكعباً في السنة، فيما الحصة العالمية تبلغ 500 متر مكعب».

زيادة سكانية

بدوره، يشير أستاذ علوم المياه في الجامعة الأردنية، د.إلياس سلامة، إلى أن أسباب الأزمة التي يواجهها الأردن كثيرة، من بينها الزيادة السكانية الطبيعية وغير الطبيعية، حيث وصل عدد السكان إلى أكثر من 10 ملايين نسمة، والتوسع في القطاع الزراعي والصناعي، والمصادر الطبيعية محدودة جداً، والأردن يقع في منطقة المناخ الجاف من العالم، فالمياه المتجددة سواء أكانت السطحية أم الجوفية لا تزيد عن 900 مليون متر مكعب سنوياً.

وأضاف سلامة قائلاً: «إن الكميات التي تخزن في السدود يستخدمها قطاع الزراعة بشكل أساسي، ومياه الأردن الجوفية تحت الاستنزاف، ويجب أن يلجأ للحل الجذري الوحيد، وهو اللجوء إلى البحر الأحمر والتحلية في العقبة وضخها، علاوة على أهمية إعادة إحياء المفاوضات مع سوريا، المتعلقة بالتزويد المائي».