بعد 15 عاماً من العمل في وظيفة حكومية قررت لمياء ترك عملها وتقديم استقالة، ناسفة كل الأفكار المسبقة في المجتمع عن الضمان الذي تقدمه الوظيفة الحكومية والأمان المستقبلي. تخبرنا العاملة في وزارة الإدارة المحلية بأن العمل في المؤسسات الحكومية ببلادها غير مجدٍ إذ أن الراتب قليل جداً ويحتاج لالتزام يومي، ويزداد الأمر سوءاً حين الاضطرار لأخذ مواصلات عامة أو سيارة أجرة في حال فات الموظف حافلة العمل، فتشعر بأن راتبها سيذهب إلى المواصلات.
وتابعت لمياء إنها قررت تأسيس مشروع صغير لها داخل المنزل وترك العمل الحكومي بشكل مطلق، ولا تنكر أنها احتاجت لوقت طويل حتى حصلت على الاستقالة بسبب أنظمة العمل المحلية التي تجعل من الصعب تقديم الاستقالة في أي وقت.
يؤكد كلام لمياء، عامل في معمل حكومي قدم استقالته منذ نحو عامين مع بدء أزمة المواصلات وارتفاع أسعارها. يقول فوزي إنه يقيم في قرى الغوطة والمعمل الذي يعمل فيه يبعد عن بيته الكثير وهو يمضي غالبية وقته في الطرقات، كي يتقاضى في نهاية الشهر أقل من مئة ألف ليرة سورية وهو مبلغ لا يكفي طعام العائلة.
سوء الظروف
لهذا قرر فوزي ترك العمل الحكومي واستأجر مركبة لتوصيل طلاب المدارس والموظفين، ويوضح أن غالبية الركاب معه يشتكون من سوء الظروف المعيشية مع اضطرارهم يومياً للنزول إلى دمشق للالتحاق بوظائفهم التي أصبحت عبئاً على الغالبية ولا تشجع أحداً على الذهاب إليها.
الأمر ذاته ينطبق على بقية المحافظات السورية، وخاصة بالنسبة لسكان القرى العاملين في المدن الكبرى، فيوضح رئيس اتحاد عمال محافظة اللاذقية منعم عثمان، أنه يوجد ازدياد في طلبات استقالة العمال من الشركات والمؤسسات، بسبب الظروف المعيشية وتكاليفها ومتطلباتها وارتفاع أجور النقل.
ويشرح عثمان، أن بعض العاملين يدفعون أجور نقل للوصول إلى عملهم تعادل رواتبهم وأجورهم، كونهم يأتون من الريف البعيد ويضطرون لاستخدام عدة وسائل نقل ذهاباً وإياباً، ولهذا قرروا مزاولة عمل يتقنونه أو الاهتمام بزراعة أرضهم للحصول على دخل يغطي تكاليف الحياة لأسرهم، ويضيف عثمان إن غالبية طالبي الاستقالة هؤلاء لم يبلغوا بعد سن التقاعد ويحتاجون إلى سنوات طويلة لبلوغها.