تقرير صادم لـ«يونيسف»: 23 % من أطفال لبنان ينامون وهم جائعون

على أرض الوجع، وفيما اليأس يلوّن بالرمادي والأسود الأيام، ويجعلها أيام قهر، يكاد لا ينتهي أسبوع في لبنان على غير بدايته، من حيث كون البلد بات متروكاً للوقت، في حين كشف تقرير جديد لمنظّمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، تحت عنوان «الطفولة المحرومة»، بيانات أظهرت عمق اﻷذى اللاحق بحياة الأطفال في لبنان، جراء الأزمة التي تتخبط فيها البلاد، وتغرق الأطفال في مختلف المناطق في براثن الفقر والحاجة، وهذا ما ارتدّ سلباً على صحتهم ورفاهيتهم وتعليمهم، ودمّر آمالهم، وأدّى إلى تدهور كبير في العلاقات الأسرية.

وبين مضامين بيانات المنظّمة التابعة للأمم المتحدة بعض من فصول مأساة بلد يعاني تعطيلاً عميماً، وسلاحاً ذا سطوة، وفساداً عميقاً صار مضرب مثل عالمياً، فيما الشلل يتمدّد من المياه والكهرباء إلى القضاء والأمن والحكومة، إذْ أشارت «يونيسف» إلى أنّ غلاء الأسعار وانتشار البطالة «ساهما في إغراق كثير من العائلات في فقر متعدد الأبعاد»، وهذا المصطلح هو تعبير عن مفهوم جديد للفقر، قائم ﻋﻠﻰ أبعاد عدة، لا تتوقف عند مستوى الدخل وحسب، بل تأخذ في الحسبان قلة الفرص الضرورية المتاحة من أجل حياة كريمة وتدني قدرة العائلات ﻋﻠﻰ توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالها.

ومن بوّابة الأزمة المتمادية حتى إشعار آخر، إطلالة على الإحصاءات التي نشرتها المنظمة، وأظهرت أنّ هناك 84 في المئة من الأسر اللبنانيّة التي لا تملك ما يكفي من المال لتغطية ضرورات الحياة، والى أنّ 23 في المئة من الأطفال ذهبوا إلى فراشهم، خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت التقييم، وهم جائعون، في حين خفّضت 60 في المئة من العائلات الإنفاق على العلاج الصحي مقارنةً بـ42 في المئة في أبريل 2021، كما أنّ 70 في المئة من العائلات تسدّد حالياً كلفة شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض المباشر.

وبينما الانهيارات تتوالى تحت أقدام اللبنانيّين، والآمال تتلاشى باتخاذ السلطة خطوات جدية باتجاه الإصلاح ووقف الانهيار، أظهر تقرير «يونيسف» أنّ أطفال لبنان يدركون تماماً تأثير الأزمة على حياتهم وتطلّعاتهم، كما على مسار دولتهم، وبالتالي «تلاشت أحلامهم بمستقبل أفضل في لبنان، وأصبحوا يعتقدون أنّ الهجرة هي الأمل الوحيد». وذلك، في موازاة شعور الأطفال بالإحباط، بعدما فقدوا الثقة في الوالدين لعدم قدرتهما على تلبية احتياجاتهم الأساسيّة، ما يؤدّي بدوره إلى زيادة التوترات داخل الأسر.

وعليه، ووفق التقرير أيضاً، أصبحت العلاقات التقليديّة بين الطفل ووالديه، مع تزايد إرسال الأطفال إلى العمل وبطالة الأهل المتمادية، «هشّة ومعرّضة للدمار»، في حين أدّت التوتّرات المتصاعدة، التي عزّزها الانقسام الحادّ في الآراء والتوجهات داخل المجتمع نفسه وبينه وبين المجتمعات الأخرى، إلى «ارتفاع نسبة العنف في المنازل والمدارس»، ما أدّى إلى «جعل الأحياء والشوارع غير آمنة، ومنْع الطفل من ممارسة حقّه في اللعب، فيما تضررت الفتيات بشكل كبير من ذلك بعدما جرى تقييد حريّتهن في مغادرة منازلهنّ بشكلٍ متزايد خوفاً عليهنّ من التعرّض للمضايقات».