ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الواجهة مجدداً

تزامناً مع حملة الاعتراض على «منحة المليار» الأوروبية، التي واكبها تحرك نيابي معارض استهدف وقف ما سماه «ممارسات» مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، في ما يخص تمويل بقاء النازحين السوريين في لبنان، إلى حد التهديد بإمكانية الطلب من الدولة اللبنانية إقفال مكاتب المفوضية في بيروت، بدت التعبئة الداخلية في هذا الملف كأنها كادت تطغى على التطورات الميدانية البالغة الخطورة على الجبهة الجنوبية.

ذلك أن الاستفاقة على ملف النازحين السوريين، ولا سيما المقيمون منهم بطريقة غير شرعية ومن دون أوراق رسمية تخولهم الإقامة، استنفرت المسؤولين، فتم التداعي إلى لقاءات، لعل أبرزها اللقاء التمهيدي الذي شهده الصرح البطريركي في بكركي، أول من أمس، لإيجاد الحلول والعودة الطوعية للنازحين، والذي من شأنه أن يفرض نفسه على الجلسة النيابية العامة المخصصة لمناقشة «الهبة الأوروبية» وملف النزوح السوري في 15 من الجاري.

أما على الجانب الآخر من الصورة، فكلام عن استمرار «الفشل الرسمي» في مقاربة أزمة النزوح، حيث تبدو المعالجة إعلامية الطابع، مفككة في المضمون.

انقسامات

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بادر إلى نقل «العاصفة» من مرمى الحكومة إلى مرمى مجلس النواب، وخصوصاً أن المنظومة انقسمت على غايات العطاء المالي الأوروبي، غير المعلنة، إذا ما كان هدية لبقاء اللاجئين في لبنان، السد المنيع الذي يحول دون هجرتهم إلى أوروبا، أم انطلاقة لمسار أوروبي لتنظيم الملف.

وفيما الأعين على مقر البرلمان، يوم الأربعاء المقبل، فإن ثمة إجماعاً على أن الجلسة النيابية المرتقبة ستتخذ طابعاً حدثياً غير اعتيادي هذه المرة، نظراً إلى الحساسية العالية التي ستتحكم بالمناقشات.

مع الإشارة هنا إلى أن خطوة المفوضية الأوروبية وقبرص، بمنح لبنان مليار يورو موزعة على 4 دفعات، وتحديداً حتى العام 2027، وحدت الأضداد، وجعلت ملف النازحين «قنبلة موقوتة»، قابلة للانفجار في أي لحظة، وسط إجماع غالبية اللبنانيين على أن هذه الهبة هي بمثابة «رشوة مقنعة» تمهد للتوطين، أو على الأقل تأجيل للبحث الجدي في عودة النازحين حتى العام 2027.

دمج النازحين

ومن تقاطع أزمة النزوح، تفرعت منعطفات، وكانت الحملة المضادة التي من المتوقع أن تلقى ترجمتها الفعلية تحت قبة البرلمان.

أما «لبنان بلد عبور، وليس بلد لجوء»، فكان عنوان الكتاب عالي اللهجة الذي سلمه وفد من نواب «تكتل الجمهورية القوية» (حزب «القوات اللبنانية») إلى المفوضية السامية للاجئين في لبنان، وفيه وضع الوفد المفوضية أمام تعهداتها ومسؤولياتها وسعيها لـ «دمج النازحين في المجتمع اللبناني وتوطينهم خلافاً للدستور».

وذلك، قبل أن ينتهي «يوم النزوح»، أمس الأول، بحراك للتيار الوطني الحر في وسط بيروت، معلناً أنه لن يسمح ببقاء النازحين السوريين في لبنان.

وإذ بدا واضحاً، على المستوى الداخلي، أن التداعيات والمفاعيل للضجة الواسعة المتصاعدة التي تركها إعلان الاتحاد الأوروبي، في 2 من الجاري، عن هبة المليار يورو للبنان، لن تقف عند حدود، وسط اتساع الهوة إلى مدى غير مسبوق بين السلطة الحكومية وداعميها من جهة، والقوى المعارضة من جهة مقابلة، كشف رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، عن تنظيم تحرك شعبي في بروكسل، في 27 من الجاري، تزامناً مع اجتماع الدول المانحة، والمخصص لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، وذلك للمطالبة بمنح المساعدات للسوريين داخل بلدهم وليس في لبنان.. علماً أن الحكومة، ووفق تأكيد أوساطها لـ«البيان»، ستحمل معها إلى «مؤتمر بروكسل 8» ما أسمته «طرحاً حاسماً»، ينضوي على مطلب إعادة تقييم الوضع في سوريا، وتصنيف المناطق بين الآمنة وغير الآمنة.

وبالتالي، تحديد من تنطبق عليه صفة اللجوء، والمهاجر الاقتصادي والمقيم غير الشرعي.

الأكثر مشاركة