احتجزته 7 أشهر دون تهمة أو محاكمة .. إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء

أطلقت إسرائيل سراح مدير المستشفى الرئيسي في غزة يوم الإثنين بعد أن احتجزته لمدة سبعة أشهر دون تهمة أو محاكمة بسبب مزاعم عن استخدام المستشفى كمركز قيادة لحركة حماس. قال محمد أبو سلمية إنه ومحتجزين آخرين تعرضوا للاحتجاز في ظروف قاسية وللتعذيب.

أثار قرار الإفراج عن محمد أبو سلمية تساؤلات حول مزاعم إسرائيل بشأن مستشفى الشفاء، الذي داهمته القوات الإسرائيلية مرتين منذ بداية الحرب الدائرة منذ قرابة تسعة أشهر مع حماس. ونفى أبو سلمية ومسؤولون آخرون في مجال الصحة الفلسطينية هذه الاتهامات.

كما أثار القرار ضجة داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية، حيث أعرب وزراء الحكومة وزعماء المعارضة عن غضبهم وأصروا على أن أبو سلمية كان مسؤولا عن استخدام حماس المزعوم للمستشفى - على الرغم من أن أجهزة الأمن الإسرائيلية نادراً ما تطلق سراح السجناء من جانب واحد إذا كانت لديهم شكوك في وجود صلات مع المتشددين.

يبدو أن القرار اتخذ لإخلاء مراكز الاحتجاز المكتظة. قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه أمر بإجراء تحقيق، على الرغم من أنه أضاف أن مسؤولي الأمن يحددون بشكل مستقل من سيفرج عنهم "بناءً على اعتباراتهم المهنية".

أطلق سراح أبو سلمية ونقل إلى غزة مع 54 معتقلا فلسطينيا آخرين، أكد العديد منهم أيضا تعرضهم للانتهاكات. تطابقت شهادتهم مع روايات أخرى لفلسطينيين كانوا محتجزين لدى إسرائيل.

أبو سلمية قال إن المعتقلين يتعرضون لكل أنواع التعذيب خلف القضبان، مشيرا إلى أنه كان هناك تعذيب شبه يومي، وأنه يتم اقتحام الزنازين وضرب السجناء.

كما ذكر أبو سلمية أن الحراس كسروا إصبعه وتسببوا في نزيف في رأسه أثناء الضرب الذي استخدموا فيه الهراوات والكلاب.

في السياق ذاته، قال أبو سلمية إن الطاقم الطبي في مختلف المرافق التي كان محتجزا فيها شارك أيضا في انتهاك جميع القوانين، مشيرا إلى أن بعض المعتقلين بترت أطرافهم بسبب سوء الرعاية الطبية.

لم يرد المسؤولون الإسرائيليون بعد على طلبات التعليق حول سبب إطلاق سراح أبو سلمية أو تأكيده على سوء المعاملة.

وسبق أن أنكرت سلطات السجون الإسرائيلية سوء معاملة المحتجزين.

في الوقت ذاته، أدان وزيران من اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية إطلاق سراح أبو سلمية، قائلين إنه تم دون موافقتهما.

داهمت القوات الإسرائيلية مستشفى الشفاء في نوفمبر، بدعوى أن حماس أنشأت مركزا متطورا للقيادة والسيطرة داخل المستشفى. ونفى أبو سلمية وموظفون آخرون هذه المزاعم، واتهموا إسرائيل بتعريض حياة آلاف المرضى والنازحين الذين كانوا يحتمون هناك للخطر.

اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقا أسفل مستشفى الشفاء يؤدي إلى بضع غرف، بالإضافة إلى أدلة أخرى على وجود مسلحين داخل المركز الطبي، لكن الأدلة لم تصل إلى الادعاء قبل المداهمة.

اعتقل أبو سلمية في 22 نوفمبر أثناء مرافقته عملية إجلاء للمرضى من المستشفى بقيادة الأمم المتحدة.

وقال إن اعتقاله كان "لدوافع سياسية"، مضيفا أنه مثل أمام المحكمة ثلاث مرات على الأقل، لكن لم يتم توجيه اتهامات إليه أو السماح له بلقاء المحامين.

منذ ذلك الحين، داهمت إسرائيل عدة مستشفيات أخرى في غزة بناء على ادعاءات مماثلة، ما أجبرها على إغلاق خدماتها أو تقليصها بشكل كبير، حتى مع إصابة عشرات الآلاف في الغارات الإسرائيلية أو إصابتهم بالمرض في ظل الظروف القاسية للحرب.

وداهم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء للمرة الثانية في وقت سابق هذا العام، ما تسبب في دمار كبير بعد أن قال إن المسلحين أعادوا تنظيم صفوفهم هناك.

يمكن أن تفقد المستشفيات حمايتها بموجب القانون الدولي إذا استخدمها المقاتلون لأغراض عسكرية.

وسط الضجة حول إطلاق سراح أبو سلمية، سارعت أجهزة الدولة الإسرائيلية المختلفة المسؤولة عن الاعتقالات إلى تبادل الاتهامات.

قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في إسرائيل إيتامار بن غفير، الذي يسيطر على الشرطة وخدمة السجون في البلاد، إن الإفراج عن أبو سلمية يشكل "إهمالا أمنيا" وألقى باللوم على وزارة الدفاع.

فيما قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن إطلاق سراح أبو سلمية كان علامة أخرى على "انعدام القانون واختلال الحكومة".

وقال مكتب وزير الدفاع يوآف غالانت إن حبس وإطلاق سراح السجناء هو مسؤولية مصلحة السجون وجهاز الأمن الداخلي شين بيت.

لكن مصلحة السجون قالت إن القرار اتخذه جهاز شين بيت والجيش، وأصدرت وثيقة تأمر بالإفراج عنه وقعها جنرال احتياطي في الجيش. وقال شين بيت إن أبو سلمية اجتاز تقييم المخاطر "مقارنة بالمعتقلين الآخرين". وقال إن الحكومة قررت ضد نصيحته بالإفراج عن المعتقلين الذين تم تحديدهم على أنهم أقل تهديدًا من أجل إخلاء أماكن في المعتقلات.

منذ بداية الحرب اعتقلت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية المحتلة ما أدى لتكدس في منشآت الاعتقال والسجون.

تم اعتقال كثيرين دون توجيه اتهام او محاكمة من خلال ما يعرف بـ"الاعتقال الإداري".

شنت إسرائيل عمليتها العسكرية بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي قتل فيه المسلحون الفلسطينيون نحو 1200 مدني واحتجزوا 250 آخرين كرهائن.

وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من 37800 فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، والتي لا تذكر في إحصاءاتها عدد المدنيين أو المسلحين.

وفر معظم سكان غزة - البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة - من منازلهم، ونزح العديد منهم عدة مرات جراء الحرب.

وأدت القيود الإسرائيلية والقتال المستمر وانهيار النظام العام إلى إعاقة إيصال المساعدات الإنسانية، فضلا عن انتشار الجوع على نطاق واسع وإثارة المخاوف من المجاعة.