ينافس هدير الدبلوماسية، هدير محركات الطائرات التي مضت في غاراتها على قطاع غزة، بينما توسعت في عموم خريطة لبنان، وفيما أخذ دخان الحرب يتصاعد بقوة، بدأت المحركات الدبلوماسية تدار بأقصى طاقتها، لمنع الانفجار الإقليمي الشامل.
وعلى وقع حبس الأنفاس، مع تمدد بقعة زيت الحرب في لبنان، واستمرارها في غزة، ارتسمت ملامح سباق محموم بين الدبلوماسية والحرب، إذ عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، بطلب من فرنسا المقربة من لبنان.
بينما عقدت قمة مصغرة على مستوى وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، مع نظيرهم الأمريكي، أنتوني بلينكن، على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ضمن المساعي الرامية لتوفير أرضية سياسية، تجنب الإقليم حرباً طاحنة، من شأنها أن تقضي على ما تبقى من إمكانية لمنع تحول المواجهة إلى إقليمية.
وتباينت آراء المراقبين حيال الحراك الدبلوماسي الجاري، إذ ثمة من رأى أنه مجرد استهلاك سياسي، لا قيمة له على وقع الحرب، بل إن الخشية بدت واضحة لدى هؤلاء من انفجار كبير، يتطاير شرره في عموم المنطقة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، محمد النوباني، أن ما يجري من مفاوضات في نيويورك، يهدف للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار على جبهتي لبنان وغزة، مدته 4 أيام، على أن تتخللها مفاوضات لصفقة تبادل الأسرى، مضيفاً:
هذه محاولة أمريكية لاستثمار نتائج القصف الجوي الإسرائيلي المستمر على لبنان، وما أوقعه من خسائر مادية وبشرية كبيرة في صفوف اللبنانيين، بما في ذلك تهجير مئات الآف السكان من منازلهم في الجنوب، إلى أماكن أخرى، إلى إنجازات سياسية تخدم المصالح الإسرائيلية.
اشتراطات
وأشار النوباني لـ «البيان»، إلى أن المطلوب إسرائيلياً للموافقة على وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، هو تحقيق عدة اشتراطات تريدها إسرائيل، وفي مقدمها فك الارتباط بين جبهتي غزة ولبنان، وإعادة سكان مستوطنات الشمال إلى مستوطناتهم التي هجروا منها منذ بداية الحرب، بسبب هجمات حزب الله، وبأقصى سرعة ممكنة، من دون أي ضمانات، بطبيعة الحال، لوقف الحرب على قطاع غزة.
لافتاً إلى أن المساعي الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية، لن يقيض لها أن ترى النور، لأن الشرط الأول لنجاحها، هو تطبيق القرار 701 بالطريقة التي ترضي إسرائيل فقط.
وقال: بما أن هذه الشروط من الصعب على الجانب اللبناني قبولها، فإنني أرجح توسع الحرب في مقبل الأيام، وربما تدحرجها إلى إقليمية.
ويشير مراقبون إلى أنه، وفي حين يتصاعد الفعل العسكري على جبهتي غزة ولبنان، فثمة أبواب خلفية تفتح لحل دبلوماسي، قبل بلوغ تسوية سياسية في نهاية المطاف، مرجحين أن تشمل غزة ولبنان في آن، لمنع الانزلاق إلى الحرب المفتوحة.
جهود
بدوره، يلفت الكاتب والمحلل السياسي، رائد عبد الله، إلى أنه ما بين استمرار الحرب على غزة، والمخاوف من توسيع رقعتها في لبنان، ستتكثف الجهود السياسية لتطويقها، وسيشتد السباق لإيجاد حل إقليمي دولي، يتضمن وقفاً لإطلاق النار في غزة ولبنان معاً.
فضلاً عن منع نشوب حروب جديدة. وعلى ضوء الاستعدادات الإسرائيلية على الحدود الشمالية، ومواصلة الغارات على ضواحي بيروت وغزة، يبقى السؤال الذي يبحث الجميع له عن إجابة شافية: أيهما يسبق، المبادرة الأمريكية، أم المناورة الإسرائيلية؟.