يعتبر مجلس التعاون لدول الخليج العربية نموذجاً فريداً للنظام الإقليمي الذي اعتمد على الأمن والاقتصاد والروابط الاجتماعية والسكانية بين دوله، ثم على الموقع الجغرافي المتميز في حوض الخليج العربي. وتشكل دول الخليج العربية كياناً سياسياً مترابطاً ومجتمعاً متجانساً، لذلك، يُعد تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية تجسيداً لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي واحد، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها.

وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية، ومن هذا المنطلق جاء في النظام الأساسي للمجلس في مادته السابعة قرار بأن يكون هناك مجلس أعلى وهو السلطة العليا لمجلس التعاون ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء وتكون رئاسته دورية حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول. وقد عقدت 41 قمة خليجية منذ التأسيس عام 1981، أكد خلالها قادة دول المجلس تعزيز وتعضيد دور مجلس التعاون ومسيرته المباركة نحو الحفاظ على المكتسبات وتحقيق تطلعات مواطنيه بالمزيد من الإنجازات التي أصبحت ركيزة أمن واستقرار وازدهار على المستويين الإقليمي والدولي.

الأمن القومي

وتستند رؤية مجلس التعاون منذ تأسيسه إلى أسس راسخة من الأخوة والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، وتصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها، وتمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي والأمن القومي العربي، إضافة إلى منظومة الأمن والاستقرار بالمنطقة كلها. وتقوم دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية بدور ريادي، إلى جانب الأشقاء في دول المجلس، بترسيخ سياسات معتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.

وفي هذا الإطار جاء تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تمثل الركيزة الأساسية في حفظ أمن المنطقة واستقرارها وصمام أمانها، بما بذلته وتبذله من جهود، من أجل الدفاع عن المصالح العربية، وحرصها على تماسك ووحدة الصف واجتماع الكلمة.

وحدة الموقف

ولدى العودة إلى فكرة تأسيس مجلس التعاون، يمكن بوضوح الوقوف على الجوانب الشاملة في فكر قادة الخليج، ليكون هذا الكيان انعكاساً لوحدة الموقف تجاه التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن التنسيق لاتخاذ مقاربات مشتركة تجاه العلاقات الدولية.

وقد امتد الفكر الوحدوي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من البعد الوطني الإماراتي، إلى الخليجي والعربي، حيث قدم رؤية متكاملة لأبعاد استراتيجية الوحدة الشاملة، في الاقتصاد والسياسة والمجتمع، وصولاً إلى تعزيز مكانة المنطقة وإشراكها في صناعة القرار على الصعيد الدولي، عبر تحقيق قفزة تنموية وردع الأخطار والتهديدات وحماية التماسك الاجتماعي في دوائره الوطنية والخليجية والعربية. في هذا الإطار، شهدت منطقة الخليج العربي تسارعاً في المتغيرات السياسية والأمنية منذ مطلع السبعينيات، وأسست على الفور مسيرة نهضوية مستفيدة من تصدير النفط وتمويل عمليات التنمية المحلية من هذه العائدات، الأمر الذي جعل نمو وتيرة استثمار العائد المالي للنفط في دول الخليج العربية، في مشاريع البنية التحتية المحلية، عالية للغاية مقارنة بدول الجوار.