تمثل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات غداً فرصة ثمينة لتدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين، وفتح آفاق أرحب لتطويرها في المستقبل، في ظل ما شهدته العلاقات من تطور كبير في الفترة الأخيرة، فضلاً عن طبيعتها المبنية على التفاهم والاحترام المتبادل، والرغبة المشتركة في الارتقاء بها إلى أعلى المستويات.
وعززت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى تركيا في نوفمبر الماضي علاقات التعاون بين البلدين الصديقين، إذ جرت لسموه مراسم استقبال رسمية لدى وصول موكبه إلى مجمع القصر الرئاسي ترافقه مجموعة من الخيالة ترفع أعلام البلدين، وتوجه سموه والرئيس التركي إلى منصة الشرف، حيث عزف السلام الوطني لكل من دولة الإمارات والجمهورية التركية، وأطلقت المدفعية 21 طلقة واصطفت ثلة من حرس الشرف تحية وترحيباً بزيارة سموه.
واستعرض سموه والرئيس التركي في اللقاء فرص تعزيز آفاق التعاون بين البلدين، وخاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية وغيرها من المجالات التي تدفع عملية التنمية والتقدم في البلدين كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين في هذا السياق أهمية تعزيز ركائز الأمن والسلام والاستقرار، والتي تشكل القاعدة الأساسية لانطلاق التنمية والبناء والمضي نحو المستقبل المزدهر الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة.
تقدير
وتقدر تركيا الدور المهم الذي تضطلع به دولة الإمارات إقليمياً ودولياً وجهودها الرامية إلى حل النزاعات وترسيخ السلام والتعايش، إذ أكد الرئيس التركي أن زيارته إلى الإمارات ستفتح صفحة جديدة بين البلدين وستكون انطلاقة لحقبة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك مع الإمارات وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.
وتتمتع الإمارات باقتصاد قوي ونمو تجاري مؤثر، كما تمتلك فوائض مالية وخبرات استثمارية وتسويقية عالية، وهي عوامل تساعد على تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري مع تركيا، إذ يتم العمل على زيادة التبادل التجاري الذي سجل نمواً بنسبة 100% في منتصف العام الماضي.
وتأتي زيارة الرئيس التركي، لتؤكد إدراك الحكومة التركية أن اتجاهها نحو الإمارات، يعزز حضورها في المشهد الاقتصادي الخليجي والإقليمي، ولا سيما في ظل رغبة البلدين المشتركة في تحقيق التنمية والتقدم والتطور على جميع الصعد، وهي رغبة أعلنتها تركيا على لسان مولود تشاووش أوغلو وزير خارجيتها، في زيارته الدولة في منتصف ديسمبر الماضي، ولفت في الزيارة إلى أهمية دفع العلاقات الإماراتية - التركية إلى الأمام، بما يعود بالخير والنماء على البلدين وشعبيهما الصديقين ويوسع قاعدة مصالحهما المشتركة، ويخدم الاستقرار والسلام في المنطقة.
نقلة
وشهد مسار العلاقات الإماراتية التركية نقلة نوعية مع الإعلان عن توقيع اتفاقية للإعفاء المتبادل لتأشيرات الدخول لحملة الجوازات الدبلوماسية ومذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية ومذكرة تفاهم لإنشاء اللجنة المشتركة بين البلدين.
وتعود نشأة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات وجمهورية تركيا إلى الأول من أبريل عام 1977، وفي عام 1979 افتتحت السفارة التركية في أبوظبي، ومن ثم افتتاح سفارة الدولة في أنقرة عام 1983، لتشهد العلاقات تطوراً على مستوى التمثيل الدبلوماسي بافتتاح القنصلية العامة للدولة في إسطنبول في عام 1989، تلاها افتتاح الملحقية العسكرية التركية في أبوظبي عام 1999، والملحقية العسكرية للدولة في أنقرة عام 2005.
مبادرات
وبمرور الوقت تطورت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، لتشمل مجموعة متزايدة من مجالات التعاون، بما في ذلك المشروعات والمبادرات المشتركة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتبادل الثقافي وغيرها، إذ أسهمت الزيارات المتبادلة المستمرة التي قام بها مسؤولو وقادة البلدين في دفع تلك العلاقات إلى الأمام.
وتشتمل قائمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، على 11 اتفاقية رئيسة، وهي اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، والتعاون الاقتصادي والفني، والنقل الجوي، وحماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين، والتعاون العسكري، والتعاون الثقافي بين دولة الإمارات وجمهورية تركيا. كما تتضمن مذكرة تفاهم للإعفاء المتبادل لتأشيرات الدخول لحملة الجوازات الدبلوماسية والخاصة، ومذكرة تفاهم بين هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ووزارة الثقافة والسياحة التركية، ومذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون وتبادل المعلومات بين هيئة الأوراق المالية والسلع ومجلس أسواق المال التركي، ومذكرة تفاهم لإنشاء اللجنة المشتركة.
استراتيجية
ولكلا البلدين عضوية في العديد من المنظمات الدولية، ومنها منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، كما ترتبط دولة الإمارات وجمهورية تركيا بعلاقات استراتيجية متطورة ويجمعهما تعاون في مجالات مختلفة تغطي جميع القطاعات، وهي علاقة شهدت في الفترة الأخيرة توسعات مثمرة تجسد الإرادة المشتركة من كلا البلدين الصديقين للارتقاء بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب من أجل مستقبل مزدهر ومستدام للبلدين وشعبيهما الصديقين.