بعد أسبوع من القمة التي جمعت في جنيف الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن، ترى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه من الضروري عقد لقاءات مع بوتين لبحث المواضيع ذات أهمية كبرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
لكن دولاً أوروبية أخرى تعارض هذه الفكرة وتعتبر الحوار مع بوتين بمثابة «اشتباك مع الدب لحماية وعاء من العسل»، فيما يبحث قادة دول الاتحاد علاقاتهم مع روسيا وشكل الحوار المزمع مع الرئيس بوتين خلال قمتهم المنعقدة في بروكسل.
ميركل رأت أمس، أن على الاتحاد الأوروبي إقامة «تواصل مباشر» مع روسيا ورئيسها ووضع آليات للرد معاً على «استفزازات» موسكو. وقالت، في كلمة من المتوقع أن تكون الأخيرة لها أمام مجلس النواب الألماني «يتعين أن نسعى كاتحاد أوروبي إلى اتصال مباشر مع روسيا والرئيس الروسي». وتابعت «لا يكفي أن يتحدث الرئيس الأمريكي مع نظيره الروسي. أرحب بهذا جداً، لكن على الاتحاد الأوروبي أن يوجد منتديات للحوار».
وقال ماكرون: «نحتاج حواراً للدفاع عن مصالحنا، إنه حوار ضروري للاستقرار في القارة الأوروبية». وأضاف: «لا يسعنا أن نظل أسرى منطق رد الفعل فحسب عندما يتعلق الأمر بروسيا، آمل أن نتمكن، بوحدة وتنسيق أوروبيين حقيقيين، من إجراء هذا الحوار». وقال فور وصوله إلى القمة الأوروبية في بروكسل: «إنّه حوار حازم لأننا لا نريد التنازل عن شيء على صعيد قيمنا، ولا مصالحنا».
ترحيب روسي
ورحبت موسكو بفكرة عقد قمة روسية أوروبية، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أشار إلى أن «الكثير من الأمور غير واضحة». وسأل في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية غواتيمالا بيدرو برولو فيلا: «ما الأمر؟ ماذا سيكون جدول أعمال هذه القمة؟».
وشدّد لافروف على أنه «يجب على زملائنا شرح ما يريدون أن يقولوا وما يطمحون إليه». وذكّر بأن «البنية الكاملة للعلاقات» الروسية الأوروبية «بدءاً بالقمم، دُمّرت عام 2014».
وأعلن الناطق باسم الكرملين أمس، أن بوتين يؤيد الاقتراح الفرنسي الألماني بشأن استئناف الاتصالات مع روسيا. وقال ديمتري بيسكوف للصحافيين: «ننظر إلى هذه المبادرة بشكل إيجابي، بوتين يؤيد وضع آلية للحوار والاتصالات بين بروكسل وموسكو».
وأشار إلى أن «مبادرة ميركل يدعمها الرئيس ماكرون. لكن المحادثات في بروكسل ستجري مع دول أخرى ويتعين علينا معرفة ما إذا كان سيكون هناك اتفاق بشأن هذه القضية أم لا».
معارضة شديدة
وبالفعل، قوبلت الدعوة الألمانية الفرنسية باعتراض شديد من بولندا ودول البلطيق التي لا تثق في الكرملين. ونقلت وكالة رويترز عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قوله، إن عقد أول قمة مع بوتين منذ يناير 2014 ستكون فرصة للحوار، وهو ما أيده مستشار النمسا لدى وصول قادة الاتحاد الأوروبي لعقد اجتماعهم الصيفي الدوري في بروكسل.
وبعد تحذيرات من حلف شمال الأطلسي من أن روسيا تحاول نثر بذور الشقاق بين الدول الغربية عبر نشر «معلومات مضللة وهجمات خفية»، قالت دول عديدة بالاتحاد الأوروبي، إن الحديث عن عقد قمة سابق لأوانه. وقال غيتاناس نوسيدا رئيس ليتوانيا إن الفكرة أشبه «بمحاولة الاشتباك مع الدب لحماية وعاء من العسل».
طرفا نقيض
والاتحاد الأوروبي وروسيا على طرفي النقيض في أزمتي أوكرانيا وروسيا البيضاء وعلى خلاف بشأن قضايا حقوق الإنسان، كما يتبادلان الاتهامات بالتدخل في الانتخابات ونشر معلومات مضللة وتهديد الأمن والاستقرار من البلطيق إلى البحر الأسود.
وانعقدت آخر قمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في يناير 2014، قبل وقت قصير من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم بعدما كانت تابعة لأوكرانيا. وتوقف الاتحاد الأوروبي بعد ذلك عن عقد قمم مع بوتين وفرض عقوبات اقتصادية على موسكو، لكنه سمح باكتمال خط أنابيب غاز جديد من روسيا إلى ألمانيا.