بريطانيا.. جونسون في ورطة والأرض تهتز تحت قدميه

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بات قاب قوسين أو أدنى من مغادرة 10 داونينغ ستريت من الباب الصغير، بعد الفضائح والفساد وسوء الإدارة الذي طاله عدد من حلفائه في الحزب والحكومة، والتي كان آخرها مساعي جونسون تعيين، كريس بينشر، نائب زعيم الأغلبية السابق في حزب المحافظين، في منصب نائب الناطق باسم جلسات البرلمان، قبل أن تتكشف ملفات إدانات جنسية وتحرش طالت بينشر قبل سنوات، وهو ما كان يعلمه جونسون، إلا أنه تمسك بتعيينه، وفق اتهامات المعارضة والصحافة.

ورغم اعتذار جونسون وقوله إنه لن يسعى لتعيين بينشر لو عاد به الوقت للوراء، إلا أنّ الاستقالات التي تطايرت من وزراء حكومته، عكست عدم الرضى من تصرفات رئيس الوزراء، إذ قدّم أكثر من 27 وزيراً ومسؤولاً حكومياً استقالاتهم حتى الآن، من بينهم ريشي سوناك، وزير المالية ونائب رئيس الوزراء، وساجد جافيد، وزير الصحة، مشيريْن إلى أنّ أسباب الاستقالة تعود إلى سوء الإدارة والتعيينات، وتعامل جونسون مع أزمات البلاد مثل التضخم ونقص العمال.

ويرجّح مراقبون، أنّ تستمر حمى الاستقالات، ما يعد ضغطاً إضافياً على بوريس جونسون لتقديم الاستقالة، الأمر الذي لا تبدو له من ملامح ومؤشّرات بعدما قال جونسون أمام البرلمان، إنّ هناك دواعي لبقائه في منصبه، وأنّ الحكومة لن تنسحب من المشهد، رغم حملة الاستقالات الكبيرة وغير المسبوقة. 

أيام معدودة

يملك جونسون قانونياً الحق في تعيين شخصيات جديدة عوضاً عن المستقيلة، وهو ما أقدم عليه بالفعل بتعيين ناظم الزهاوي منصب وزير المالية، بعد ساعات من استقالة ريشي سوناك. وعلى الرغم من ذلك يزداد الخناق سياسياً على رئيس الوزراء، إذ قال وليام وارد، الكاتب والمحلل السياسي، إن أيام بوريس جونسون في منصبه باتت معدودة، بعدما ابتعد عنه جل أقوياء الحزب، إثر تزايد فضائحه، ورغبتهم في عدم ربط مستقبلهم السياسي بشخص انتهى عملياً. 

وأضاف وارد لـ«البيان»، أنّ محاولات جونسون البقاء وإجراء تعديلات، لن تنجح في إنقاذه، بعد فقدانه دعم حزب المحافظين، مردفاً: «إن كان قد نجا قبل شهر من اقتراع حجب الثقة بهامش بسيط، فإنّ المشهد حالياً مختلف، بعد حملة الاستقالات الكبيرة، وتزايد غضب الحزب من أسلوب إدارته». 

مأزق جونسون

بدوره، أشار باتريك ديمونت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كوين ماري، إلى أنّ ما يمر به جونسون يشبه إلى حد كبير ما مرت به رئيسة الوزراء السابقة، مارغريت تاتشر، التي رضخت للاستقالة، بعد تزايد الضغط عليها وفقدانها دعم الحزب رغم قوتها، فضلاً عن أنّ نسبة معارضة الحزب لها كانت أقل من نسبة المعارضة الحالية لجونسون. 

ولا تعني استقالة جونسون حال حدوثها التوجّه لانتخابات مبكّرة، إذ يملك الحزب حق تعيين شخص آخر مكان جونسون، ما يفتح باب التوقعات بتعيين وزيرة الخارجية ليزا تروس، رئيسة للوزراء باعتبارها الأوفر حظاً حال انتصرت على منافسيها في حزب المحافظين، والراغبين في الترشّح لمنصب رئيس الوزراء. وأضاف ديمونت، أنّ قوة ليزا تروس تنبع في الأساس من ضعف المنافسين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّه وحال فشل أي حكومة جديدة في الفوز بثقة البرلمان فإنّ الانتخابات المبكرة ستكون حاضرة، الأمر الذي يخشاه حزب المحافظين بسبب تراجع شعبيته بما يهدد فرص فوزه في أي انتخابات عامة مبكرة، على حد قوله.

Email