واصلت باكستان، أمس، حشد كل الوسائل المتاحة لإنقاذ ملايين الأشخاص المتضررين من أسوأ فيضانات، تشهدها البلاد على الإطلاق، مستخدمة مروحيات لإجلاء العالقين في الجبال شمالاً أو قوارب تعبر السهول المغمورة بالمياه جنوباً.
تسببت الأمطار المستمرة، منذ يونيو بأعنف فيضانات في أكثر من عقد، أغرقت ثلث مساحة البلاد، وأودت بحياة 1162 شخصاً، بحسب حصيلة معدلة، أمس.، كما جرفت مساحات من المحاصيل الزراعية الأساسية، ودمرت أو ألحقت أضراراً بأكثر من مليون منزل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عند إطلاقه نداء للحصول على تبرعات قيمتها 160 مليون دولار، لتمويل مساعدات طارئة: إن «باكستان غارقة في المعاناة. الشعب الباكستاني يواجه أمطاراً موسمية هائلة».
إعادة إصلاح
وتقدر الحكومة الباكستانية أن البلاد بحاجة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار لإصلاح، وإعادة بناء البنى التحتية، وخصوصاً الاتصالات والطرقات والزراعة، لكن الأولوية تكمن الآن في الوصول إلى آلاف الأشخاص العالقين في الجبال والوديان في الشمال، وفي القرى المعزولة في الجنوب والغرب. وقال محمد صفد لوكالة فرانس برس، من منزله الذي غمرته المياه بالكامل في شيكاربور، في ولاية السند (جنوب) «نطلب من الحكومة المساعدة في إنهاء محنتنا في أقرب وقت ممكن».
في السند يفحص الأطباء في عيادة ميدانية المرضى، الذين اضطروا إلى السير حفاة في مياه قذرة موحلة مليئة بمختلف أنواع الحطام، وقالت أزرا بامبرو (23 عاماً)، التي جاءت لطلب المساعدة لأن «إحدى قدمي طفلي تؤلمه جداً. قدمي أيضاً»، وأعلن الجيش الباكستاني أنه نفذ أكثر من 140 طلعة بالمروحية خلال الـ 24 ساعة الماضية، لإجلاء الأشخاص المحاصرين في مناطق معزولة، أو لإيصال الماء والغذاء.
وتعتمد باكستان بشكل كبير على الزراعة، وتتوقع أن يتضرر بشدة اقتصادها المنهار أصلاً. ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية المهددة بالنقص بشكل حاد في الأيام الأخيرة.
ووعدت الحكومة بأن ينفق كل قرش من المساعدة الدولية «بشفافية»، وأن يذهب كل قرش «إلى الذين يحتاجون إليه».
كميات مضاعفة
وألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي، الذي يضاعف وتيرة وشدة ظواهر الطقس في أنحاء العالم. وفي وقت سابق من هذا العام، واجهت البلاد جفافاً وموجة حر، تجاوزت فيها الحرارة الـ 50 درجة مئوية في بعض الأحيان، وحرائق الغابات والفيضانات المدمرة الناجمة عن الذوبان السريع للجبال الجليدية.
8
بتسجيلها 1% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تحتل باكستان المرتبة الثامنة على قائمة مؤشر الخطر المناخي العالمي، الذي تضعه مجموعة «جرمان ووتش» غير الحكومية للبلدان الأكثر هشاشة في ظل الظواهر المناخية القصوى الناجمة عن التغير المناخي.