لولايات المتحدة

واشنطن وبكين.. جولات جديدة من «الحرب التكنولوجية»

بعثت الاجتماعات الأخيرة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، بعدة رسائل تؤكد على أولويات بكين في المرحلة المقبلة فيما يخص المنافسة مع الغرب، ومع بداية عهدٍ جديد خلال الولاية الثالثة للرئيس شي جين بينغ، ومع حكومة جديدة برئاسة لي تشيانغ.

تأتي تلك التأكيدات على أولوية «التكنولوجيا» في سياسات الحزب الشيوعي، في وقت تستعر فيه المنافسة (أو الحرب) بين واشنطن وبكين (أكبر اقتصادين في العالم) في التقنيات المتقدمة، وكلاهما يستثمر بكثافة في البحث لتطوير التقنيات التي يمكن أن تساعدهما في الحفاظ على ميزة تنافسية.

تضم مجالات المنافسة في التقنيات المتقدمة: الذكاء الاصطناعي (AI) وشبكات الجيل الخامس، والحوسبة الكمية، والتكنولوجيا الحيوية، والمركبات الكهربائية، وحتى تكنولوجيا الأسلحة.

ومن أجل شل نمو الصين في تقنيات معينة، أطلقت الولايات المتحدة خططاً صارمة تتضمن حظراً على تصدير تكنولوجيا أشباه الموصلات إلى الصين، في وقت وجه فيه الحزب الشيوعي الصيني معظم موارده للبحث في المجالات الاستراتيجية، لا سيما الاستثمارات الطموحة في التكنولوجيا العسكرية في ظل التوتر مع الولايات المتحدة.

تعمل الصين على ترتيب الجبهة الداخلية في سياق تلك «الحرب»، وقد عينت أخيراً رئيساً جديداً لـ«الصندوق الكبير» الذي يمثل أداة بكين لتوزيع رأس المال على صانعي الرقائق بالبلاد، في سياق العمل على ضخ مزيد من الموارد في تلك الصناعة لمواجهة «الحصار الأمريكي».

وربما يكون هذا الحصار أكثر ضرراً للولايات المتحدة، ذلك أنه لن يمنع بكين من البحث عن بدائل قد تشمل العمل مع خصوم واشنطن لتطوير تقنيات مضادة، طبقاً للباحث في العلاقات الدولية بجامعة ولاية بنسلفانيا، ماتياس سماندا، والذي يقول في تصريحات لـ «البيان»: ستكون عواقب هذا التنافس على القواعد القائمة على القواعد ونظام التجارة العالمي كارثية إذا لم يتدخل أحد لإدارتها، موضحاً أن «الصين قامت بالفعل باستثمارات هائلة في علاقاتها مع الجنوب العالمي ليست فقط مجالات لتجارة السلع الاستهلاكية ولكن أيضاً في مجال التكنولوجيا الدفاعية والعسكرية.

ويرى كلا البلدين أن هذه التقنيات حاسمة لنموهما الاقتصادي وأمنهما القومي، وستكون لنتائج هذه المنافسة آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي والمشهد الجيوسياسي». تمثل التقنيات التكنولوجية«مفتاح المنافسة»، طبقاً لما أكده الرئيس الصيني في افتتاح الاجتماعات، وقد اعتبر أن بلاده بحاجة إلى الاعتماد على الذات والقوة في العلوم والتكنولوجيا لمنافسة الغرب.

بدوره، يشير الأكاديمي الأمريكي أستاذ العلاقات الدولية في كلية هاملتون في نيويورك، آلان كفروني، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، إلى أن العقوبات الأمريكية الإضافية المحتملة على «هواوي» والضغط المتزايد على مصنعي الرقائق في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية ستؤدي إلى استمرار تصعيد حروب التكنولوجيا بين البلدين. في الوقت ذاته، تسعى جهات فاعلة بارزة في الولايات المتحدة إلى تقييد هذا الموقف في سياق الاعتماد المتبادل غير المسبوق بينهما، وهو ما يبرره كفروني بأن ثمة إدراكاً يتعلق بأن الفصل الكلي (فك الارتباط بين البلدين) أمر غير محتمل وسيكون كارثياً على الاقتصاد العالمي.

الأكثر مشاركة