تفرض بعض التساؤلات نفسها ما إذا كان من رابط بين الحرب الروسية في أوكرانيا، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان؟ وما إذا كان لهذا التساؤل ما يؤيده على أرض الواقع، فما هي مؤشراته؟ وهل أدت سياسات الإدارة الأمريكية الحالية إلى أن تتجرأ دول معادية لواشنطن على فعل ما تريد؟.

يحاول الباحث البريطاني كون كوفلن، محلل شؤون الدفاع لدى صحيفة ديلي تليجراف، استعراض هذه التساؤلات في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي بحثاً عن إجابات.

ويقول كوفلن، أحد كبار زملاء معهد جيتستون البارزين، إن الشعب الأفغاني الذي تعصف به المشكلات ليس وحده الذي يعاني نتيجة القرار الكارثي للرئيس الأمريكي، جو بايدن، بإنهاء التدخل العسكري الأمريكي في البلاد بشكل تعسفي قبل عامين، مشيراً إلى أنّه أصبح من الواضح تماماً الآن أن قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشن حرب في أوكرانيا كان نتيجة مباشرة للقيادة الضعيفة التي أظهرها بايدن بشأن تعامله مع القضية الأفغانية.

ويقول كوفلن، إن صور القوات الأمريكية وحلفائها البريطانيين الذين يكافحون لاحتواء الحشود المتزايدة في مطار كابول الذين كانوا يحاولون يائسين الفرار من البلاد، ستؤكد وجهة نظر الرئيس الروسي بأنه طالما بقي بايدن في السلطة، فليس لديه ما يخشاه من الولايات المتحدة.

وأضاف كوفلن، أنّ الحرب في أوكرانيا بدأت في كابول بكل معنى الكلمة، لدرجة أن الحشد العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا قبل الحرب لم يبدأ بجدية إلا بعد انسحاب أغسطس 2021.

وبالتالي، عندما خلصت الاستخبارات الأمريكية أخيرا في أوائل عام 2022 إلى أن الحشد العسكري الضخم الذي كانت روسيا تقوم به بالقرب من حدود أوكرانيا لم يكن، مجرد تمرين تدريبي بل قوة كاملة العدة، فإن محاولات البيت الأبيض لإقناع بوتين بالتراجع لم تسفر عن شيء.

ويرى كوفلن، أنه بسبب عدم الكفاءة المطلقة لإدارة بايدن في التعامل مع الأزمة الأفغانية، تجد أفغانستان وأوكرانيا وغيرها من الدول وخاصة تايوان نفسها وبشكل عاجل تكافح للتعامل مع العواقب الوخيمة لقيادة إدارة بايدن غير الفعالة.

وفي أفغانستان، ووفق كوفلن، كان تأثير انسحاب بايدن مدمراً لغالبية الشعب الأفغاني، لاسيما النساء في البلاد اللواتي يجدن أنفسهن محرومات من الحريات الأساسية، مثل التفاعل المجتمعي في الأماكن العامة والتعليم.

وبالطبع، كان سلوك طالبان القمعي على النقيض تماما من تنبؤ إدارة بايدن الواثق في أعقاب الفشل الذريع للانسحاب الأفغاني بأن طالبان الجديدة ستكون مختلفة تماماً عن نسختها السابقة، وأنها تتبنى نهجا أكثر شمولا للتعامل مع مواطني البلاد، وفق كوفلن.

ويرى كوفلن، أن قيام طالبان بعكس ما تعهدت به تماماً لا يسلط الضوء فقط على السذاجة الشديدة التي أظهرتها إدارة بايدن في تصديق إدعاء طالبان بأنها ستتبنى موقفاً أكثر اعتدالاً، بل يثير ذلك أسئلة مقلقة للغاية حول قدرة البيت الأبيض على معالجة القضايا العالمية الرئيسية الأخرى، مثل الحرب الأوكرانية، التي بدأت كنتيجة مباشرة لتعامل بايدن غير الكفء مع الأزمة الأفغانية.

ولا تزال هناك أسئلة حول التزام البيت الأبيض تحت رئاسة بايدن بتأمين فوز أوكراني. ومن الأمثلة على ذلك القرار الأخير الذي اتخذته إدارة بايدن بالسماح بتسليم طائرات حربية أمريكية الصنع من طراز (إف 16) إلى أوكرانيا.

ويقول كوفلن، إن تردد بايدن بشأن هذه القضية، حيث استبعد البيت الأبيض في البداية الموافقة على نقل الطائرات قبل أن يغير رأيه في نهاية المطاف، يعني الآن أنه من غير المرجح أن تعمل الطائرات الحربية هذا العام، وهو الوقت الذي سيكون فيه الهجوم الأوكراني قد انتهى.

ويخلص كوفلن إلى أنه في مثل هذه الظروف، يمكن أن يُغفر للشعبين الأوكراني والتايواني اعتقادهما بأن عدم قدرة بايدن على توفير قيادة فعالة على المسرح العالمي، كما حدث في أفغانستان، سيؤدي ببساطة إلى تركهما لمصيرهما.