جنود من مالي في تدريبات عسكرية | أرشيفية

تقارير«البيان»: المقاربات الأمنية هل تكفي لمواجهة الإرهاب في القارة الأفريقية؟

تعزز مجموعة من العوامل الرئيسية قدرات مواجهة الإرهاب في القارة الأفريقية، وسط آمال متزايدة على تطوير دول القارة من أدواتها لسد السبل أمام نمو التنظميات المتطرفة والمواجهة الاستباقية لها.

وفي ضوء الجهود التي تبذلها عديد من البلدان الأفريقية في هذا السياق، تشير أحدث البيانات إلى تراجعٍ ملحوظ في عدد العمليات الإرهابية خلال الشهر الماضي في أفريقيا، ولا سيما في إقليم غرب القارة المشتعل بالأحداث. بلغت نسبة تراجع العمليات نحو 60 %، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، والذي يتابع عمليات التنظيمات المتطرفة في القارة.

وشهدت في منطقة غرب أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء الشهر الماضي أربع عمليات إرهابية (في بوركينا فاسو ونيجيريا والنيجر ومالي تحديداً)، راح ضحيتها نحو 104 أشخاص، إلى جانب 35 مصاباً و110 مختطفين، وذلك مقارنة مع 10 عمليات في المنطقة ذاتها في شهر مارس، أسفرت عن مقتل 226 شخصاً وإصابة 19 آخرين، علاوة على 310 مختطفين.

وتشير أحدث بيانات المرصد، إلى تصدر بوركينا فاسو دول غرب القارة من حيث عدد ضحايا العمليات الإرهابية في أبريل، بواقع 73 قتيلاً، تليها نيجيريا ثم النيجر ومالي، على الترتيب.

ويعزى تراجع العمليات في شهر أبريل (من ناحية العدد) إلى عاملين رئيسيين؛ العامل الأول يرتبط بما تحرزه الدول الأفريقية من تقدم في سياق تضافر الجهود المشتركة لحفظ الاستقرار والسلام في المنطقة. بينما العامل الثاني يتعلق بميثاق (ليبتاكو-غورما) وهو ميثاق دفاع مشترك موقع بين كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وفيما اعتبر مرصد الأزهر أن هذا الميثاق ربما جاء بثماره وانعكس على تراجع العمليات خلال الشهر المذكور، فإنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة تعزيز التعاون بين بلدان المنطقة في سياق مكافحة الإرهاب.

لكن الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، يقول لـ «البيان»، إن فكرة قياس العمليات الإرهابية بالعدد والنسب من شهر لآخر لا يمكن أن تكون مؤشراً أساسياً على الاتجاهات العامة للإرهاب في أفريقيا؛ ذلك أن العمليات الإرهابية «لا تقاس بالعدد إنما تقاس بالتأثير، لجهة أثر العملية وحجمها وأسلوب تنفيذها واستراتيجياتها وعدد الضحايا والآثار غير المباشرة الاقتصادية والاجتماعية».

لكنه تحدث في السياق عن العوامل التي من شأنها دعم قدرات مواجهة الإرهاب في القارة الأفريقية؛ ومن بينها العوامل المحلية المرتبطة بالإجراءات التي تتخذها الدول في سياق مواجهة الإرهاب، وكذلك الإجراءات الخارجية المتعلقة بالتعاون الدولي مع الدول التي تواجه الإرهاب.

4 عوامل رئيسية

وحدد مرصد الأزهر أربعة عوامل أساسية، من شأنها قطع الطريق أمام انتشار التنظيمات الإرهابية؛ تتمثل في (استقرار المناخ السياسي، علاوة على تحسين العلاقات الاجتماعية، إضافة إلى استغلال الإمكانات الاقتصادية التي تزخر بها القارة على نحو أفضل، وكذلك اقتران الجهود العسكرية بالمشاريع التنموية).

ومن شأن تحقيق تلك العوامل المساهمة في دحر التنظيمات الإرهابية. ويشير زهدي، إلى أن من بين العوامل المحلية التي تعزز قدرات مواجهة الإرهاب ما يتعلق بالملاحقات الأمنية والتحركات العسكرية والسيطرة على الحدود ووقف الدعم المالي واللوجيستي (الداخلي والخارجي) الذي تحصل عليه التنظيمات الإرهابية، علاوة على تهيئة المناخ الاقتصادي والديمقراطي داخل الدول، لا سيما وأن الإرهاب ينشط وينفذ في ظل ظروف اقتصادية وسياسية صعبة.

يشار في هذا السياق، إلى أنه في شهر أبريل سقط قرابة الـ 180 عنصراً إرهابياً، بخلاف اعتقال آخرين، نتيجة جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية في منطقة غرب القارة.

أما بالنسبة للعوامل الخارجية الداعمة لقدرات مواجهة الإرهاب، فتتعلق بشكل أساسي بالتعاون الأمني والاستخباراتي، والدعم اللوجيستي والعسكري والمعداتي الذي يمكن أن تمنحه دول لديها قدرات للدول التي تواجه الإرهاب، بخلاف الدعم المادي، فضلاً عن قطع شبكات تمويل التنظيمات الإرهابية.