لم يكن أمامها من خيار سوى أن تترك العمل كونها محاسبة، وأن تهتدي في نهاية المطاف وبعد رحلة طويلة للبحث عن عمل مناسب، لو تتغلب على الوضع المعيشي، الذي أنتجته الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي في اليمن.

سميرة العريقي أم لثلاثة أطفال، فقدت زوجها مبكراً، وترك لها راتباً لا يغطي تكاليف شيء من متطلبات المعيشة اليومية، لكنها لم تستلم حيث تركت عمل المحاسبة بعد أن تعرضت لمضايقات من قبل ميليشيا الحوثي، فاتجهت لتتعلم صناعة البخور.

طوال سبع سنوات في صناعة وبيع البخور، تمكنت من توفير متطلبات الأسرة وتكاليف الدراسة للأبناء الثلاثة، غير أن الآثار المدمرة للحرب تسببت في ارتفاع أسعار المواد الخام الداخلة في صناعته، كما تضاءلت القدرة الشرائية للناس بشكل كبير، حيث إن الموظفين بلا رواتب، وقطاع الأعمال توقف بشكل شبه كامل، وغالبية الناس أصبحت تعيش على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة.

وفي ظل هذه الظروف واضطرار الكثير من السكان في مناطق سيطرة الحوثيين إلى البحث عن أي عمل يوفر لهم مصدر دخل ضئيلاً. واصلت سميرة النحت في صخرة الواقع كونها أماً قوية لديه عزيمة أن يكمل أبناؤها الدراسة الجامعية، فالتقطت وفق ما تقول حديث صديقاتها عن حاجة النساء لمن يعلمهن قيادة السيارات، بسبب قلة المدربات في هذا الجانب.

وتضيف: إحدى صديقاتي اشتكت من أن معلمات سياقة يعملن في مناطق سكنية محددة، فطلبت من أحد أقاربها تعليمها سياقة السيارة، ثم ذهبت للحصول على رخصة، وعادت لتنشئ مجموعة على تطبيق واتس آب للراغبات في تعلم السواقة، وخلال شهر تقريباً بدأت تعليم بعض القريبات وتناقلت صديقاتها خبر احترافها تعليم قيادة السيارات، ومع الأيام أصبحت تعمل بشكل مكثف نتيجة إقبال الكثير من الإناث على تعلم قيادة السيارات.

تتحدث باعتزاز كيف أنها كافحت كثيراً كي يكمل أبناؤها تعليمهم الجامعي لتأمين مستقبلهم، وتأمل أن يتمكنوا من الحصول على أعمال ويخففون عنها الحمل، حيث تحملت الأمهات في ظل الحرب العبء الأكبر، وسميرة واحده من مئات الآلاف من الأمهات اللائي يعملن بصمت وفي ظروف بالغة التعقيد، لمساعدة الآباء على توفير لقمة العيش لأبنائهن، بعد أن فقد هؤلاء مصادر دخلهم.